قال أستاذ المياه والأراضي في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، إن فشل الجولة التاسعة من مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، والحديث عن تأجيل الجولة العاشرة في الخرطوم، يؤكدان نجاح السياسة الإثيوبية في المماطلة لكسب مزيد من الوقت للانتهاء من بناء السد.

Ad

وأشار نور الدين، في مقابلة مع «الجريدة»، إلى أن استثمارات دول الخليج تعطيها القدرة على لعب دور الوسيط لإنهاء الخلاف... وفي ما يلي نص الحوار:

• كيف تقرأ نتائج مفاوضات سد النهضة حتى الآن؟

- بدأت الجولة التاسعة من المفاوضات في القاهرة 7 الجاري، وانتهت دون أي تقدم، وتم تحويل النقاط العالقة إلى الجلسة المقبلة في الخرطوم، بما يوضح استمرار المماطلة الإثيوبية، واستمرار استراتيجية الوقيعة بين المكتبين الاستشاريين، بحيث لا يبدآن عملهما أبداً، وبالتالي يستمر نجاح سياستها في كسب الوقت، فاستراتيجية إثيوبيا هي مفاوضات لا تنتهي أبداً، في حين أن استراتيجية المفاوض المصري تتمثل في بدء عمل المكتبين الاستشاريين، وينبغي أن تكون المفاوضات عن حصة مصر من المياه.

• برأيك، كيف يمكن حل مشكلة سد النهضة بعد جولة المفاوضات الأخيرة؟

- الحل ممكن، لأن «النهضة» سد مزدوج، مكون من قطعتين، الأولى هي السد الأسمنتي الرئيسي الذي ستُثبت عليه التوربينات المولدة للكهرباء وسعته لتخزين المياه بين 14 و20 مليار متر مكعب فقط، بينما السد المساعد وهو عبارة عن ردم بين جبلين بطول 4800 متر وبارتفاع 45 متراً، هو المشكلة الكبيرة ويضيف إلى سعة السد نحو 60 مليار متر مكعب، واكتفاء إثيوبيا بالسد الرئيسي فقط واستبعاد السد «المساعد» يحل المشكلة، ويعيد السد إلى سعته الأولى السابق عرضها على مصر قبل عام 2011 بسعة 14.5 مليار متر مكعب فقط.

• هل تساند دول حوض النيل الموقف المصري أم الإثيوبي؟

- مصر أخطأت في تعاملها مع دول منابع النيل الأبيض الست وتركتها فريسة سهلة لإثيوبيا، فهناك خمس دول وقعت على «اتفاقية عنتيبي» التي قادتها إثيوبيا بحجة استئثار مصر والسودان بمياه النيل وحرمان دول المنابع منها، وهي رواندا وبوروندي وكينيا وتنزانيا وأوغندا، في حين رفضت الكونغو والسودان وجنوب السودان ومصر وإريتريا التوقيع على الاتفاقية، كما أن اتفاقية 1929 الموقعة بين مصر ودول النيل الأبيض أضرت بمصر ووحدت منابع النيل الأبيض ضدنا، فكل ما يصل من النيل الأبيض لمصر والسودان لا يزيد على 12 مليار متر مكعب من المياه سنويا، وبالتالي فإن أية سدود مهما كان حجمها لن تضر كثيرا بحصة مصر المائية، وكان ينبغي إلغاء هذه الاتفاقية منذ عام 1962 وتوقيع اتفاقية أخرى جديدة.

• من الذي يستطيع أن يلعب دور الوسيط بين أديس أبابا والقاهرة؟

- دول الخليج خاصة المملكة والإمارات والكويت، حيث تمتلك استثمارات في إثيوبيا بنحو 30 مليار دولار، وتستطيع الضغط على إثيوبيا لقبول التوافق حول سد النهضة، لأنه في حال أصبحت إثيوبيا دولة كبرى فستعاني دول الخليج والسودان وإريتريا من أطماعها في التوسع، لأنها ترغب في أن تكون قوة إقليمية تسيطر على شرق إفريقيا والقرن الإفريقي ومنطقة الخليج.

• ما الدور الإسرائيلي في أزمة سد النهضة؟

- إسرائيل تلعب دوراً مستتراً، حيث تستثمر في إثيوبيا نحو 400 ألف فدان وتزرع فيها مختلف أنواع الزراعات التصديرية الاقتصادية، كما تتولى تطوير شبكات الري ورفع كفاءة استخدام المياه هناك، ووقعت عقدا مع إثيوبيا لتتولى إنشاء نصف شبكات نقل الكهرباء المنتجة مستقبلاً من سد النهضة إلى داخل إثيوبيا وإلى الدول المجاورة، بينما تتولى الصين إنشاء النصف الآخر، ويضاف إلى ذلك أن هناك مصلحة مباشرة لإسرائيل في إضعاف مصر وحصارها مائيا حتى لا تكون هناك قوة عسكرية كبيرة في المنطقة إلا إسرائيل، كما أن السفارة الإثيوبية في إسرائيل تطرح سندات لدعم سد النهضة ضد مصر، تحت شعار أن المصلحة مشتركة بين إثيوبيا وإسرائيل في إضعاف مصر.