هوس مجتمع الأعمال بالجوائز والألقاب... من يكبحه؟
• مرض انتشر في القطاع الخاص وزحف إلى العام!
• جوائز وألقاب... كالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسد
إذا كان سعي الشركات إلى مجرد الفوز بالجوائز والألقاب أمراً مستنكراً فإنه بالنسبة للجهات الحكومية التي تمتلك صلاحيات رقابية وإشرافية يعتبر مخجلاً إلى حد كبير.
في السنوات الاخيرة بات من السهل جدا لاي راصد لمجتمع الاعمال «العام والخاص» ان يلمس تنامي حالة الهوس لدى العديد من المؤسسات والافراد بالحصول على الجوائز والالقاب من جهات لا يعرف احد مدى مصداقيتها او على الاقل مدى مهنيتها واستحقاقها تصنيف الاخرين.البداية، كانت الاخبار على طريقة افضل «بنك - مشغل - شركة» جزءاً من وجبة يومية لدى الاعلامين التقليدي والالكتروني لدرجة تجد فيها تشابكاً غريباً بين الجهات المتنافسة على نفس الجائزة لتتطور الحالة الى تسابق الافراد من رؤساء وتنفيذيين ومديرين للفوز بجوائز وألقاب لا يعلم حتى من حصل عليها ما فائدتها او قيمتها.
اهتمامات مفقودةالمفترض ان ترتكز اهتمامات الشركات وقياداتها على تحقيق الارباح للمساهمين والاهتمام بالاداء التشغيلي والمستدام وانتهاج معايير شفافة في التعامل مع الجهات الرقابية، وإذا كان هناك سعي للحصول على شهادة من اي طرف فيجب أن يكون من خلال مؤسسة تصنيف معروفة المهنية تنشر تقاريرها للعامة تبين فيها عوامل القوة والضعف التي تؤثر في اعمال ونتائج اي شركة بما يمكّن مساهميها وعملاءها من فهم مستقبل الشركة.وإذا كان سعي الشركات لمجرد الفوز بجوائز والقاب امراً مستنكراً فإنه بالنسبة للجهات الحكومية التي تمتلك صلاحيات رقابية واشرافية يعتبر مخجلاً الى حد كبير، لان على هذه الجهات ان تتعامل مع ملف الجوائز والالقاب بدرجة عالية من الرصانة، بل ان عليها ان تسأل الجهات الخاضعة تحت رقابتها عن مهنية الجهة المانحة وكيفية الحصول على الجائزة اصلا، لا ان تدخل الجهة الحكومية في منافسة مع الشركات الخاصة بحثا عن جوائز يعلم المتنافسون عليها ان الدعاية فيها اكبر من الحقيقة.ربما يتساءل البعض: ما الضرر من حصول الشركة او القيادي على جائزة حتى ولو كانت على سبيل الدعاية او البروز الاعلامي؟تدليسالضرر يتمثل في تضليل المساهمين عبر اعطائهم صورة غير دقيقة عن الوضع والمستقبل الاستثماري للشركة التي يمكن ان تكون غارقة في الديون ومتعثرة عن السداد او لديها خسائر متكررة او اصول مسمومة لا تعرف كيف تتخلص منها، ومع ذلك تحصد الجوائز والالقاب بقدر ما تحصده من لعنات مساهميها! كذلك يتمثل الضرر في التدليس على العملاء عبر حصول بعض الشركات ومنتجاتها على جوائز فيها درجة عالية من الغرابة لدرجة ان احدى الشركات حصلت على جائزة في ادارة صناديق الاستثمار رغم ان صناديقها خاسرة بقيم وحدات بعيدة عن القيمة الاسمية بما لا يقل 30 في المئة.شبهاتكذلك تشوب العديد من الجوائز والالقاب شبهات «الشراء»، وهو سلوك لا يجوز قانونيا ولا اخلاقيا وكذلك شرعيا، خصوصا للشركات التي تقول انها ملتزمة بالشريعة في تعاملاتها... سواء دفع الثمن من اموال الشركة «المساهمين» او حتى من اموال التنفيذيين وبالتالي التساهل مع عمليات «الشراء» يجب ان يجابه بقوة من الجهات الرقابية التي عليها ايضا ألا تتورط في البحث عن جوائز بل مراقبتها والتشدد مع معايير المهنية فيها.لقد باتت بعض المجلات والجهات المانحة للالقاب والجوائز اشبه بـ» تجار شنطة» في اختراع مسميات وجوائز متشابهة الى كبير في جوانب غير اساسية، فهذا افضل بنك في بطاقات السحب الالي وذاك الاكبر في عددها وثالث الاسرع في اصدارها (...) مع ان تقارير جهات تصنيف رصينة كموديز وستاندرد اند بورز وفيتش تشير الى مخاطر وتحديات تواجه هذه المؤسسات لكن الهم اكبر في الجوائز والالقاب.«رفع راس»ان كان هناك سعي نحو جائزة تسعى لها اي شركة فيجب ان تكون في السعي نحو رضا مساهميها وعملائها من خلال تقديم اعلى مستويات الشفافية والحوكمة والبعد عن تضارب المصالح وتحقيق الارباح والنمو المستدام فضلا عن رفع مستوى الخدمة والقدرة على توظيف العمالة الوطنية فهذه ملفات «ترفع الراس» اكثر بكثير من الحصول على جائزة مجهولة المصدر ضعيفة المهنية.القاب وجوائز لشركات وبنوك من المؤكد انها لا تستحقها تذكرنا ببيت الشعر للوزير الاندلسي ابي بكر بن عمار:ألقاب مملكةٍ في غير موضعهاكالهر يحكي انتفاخاً صولة الأسدِ!