مفكرون وباحثون يرصدون أسباب انتشار ثقافة العنف بمصر
«ثقافة العنف السياسي في مصر»، عنوان مؤتمر نظمه أخيراً المجلس الأعلى للثقافة، بالتنسيق مع وزارة الثقافة وجامعة الدول العربية، على مدار يومين وشارك فيه باحثون وأكاديميون وسياسيون. تأتي أهمية المؤتمر في ظل حالة من الفوضى والتخبط والانفلات تشهدها الساحتان السياسية والاجتماعية المصرية في السنوات الأخيرة.
الدكتور محمد أبو الفضل، الأمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، عرض وجهة نظره بشأن انتشار ثقافة العنف السياسي محل ثقافة الرأي والرأي الآخر وقبول الآخر، فاعتبر أن الجماعات الإسلامية، وراء سيطرة هذه الثقافة منذ النصف الأول من القرن العشرين.أضاف أن المجلس سيستمر في عقد مزيد من المؤتمرات والندوات، لتوعية الشباب من الانزلاق في التكفير، حتى ينضموا إلى ركب العمل، وسيوزع كتباً في المدارس والجامعات والمكتبات ليتسنى للشباب العودة إلى ثقافة التسامح والاطلاع على ما وصفه بالتاريخ الدموي لهذه الجماعات.
ظاهرة قديمةعميد كلية الآداب في جامعة حلوان سابقا الدكتور عاصم الدسوقي، قال إن ثقافة العنف في مصر ظاهرة رافقت الصراع بين مختلف القوى السياسية المتنافسة حول السلطة والحكم، منذ بدأت هذه القوى في شكل أحزاب وجمعيات سياسية في نهايات القرن التاسع عشر. تابع: {في البداية توجه نشاطها ضد قوات الاحتلال البريطاني في مصر، ومع إعلان استقلال مصر في 28 فبراير 1922، وقيام حكومات وطنية، لم يتوقف العنف، إذ انشطرت الحركة الوطنية الواحدة إلى أكثر من حزب سياسي، واتخذت كل جماعة سياسية لها أنصاراً ومؤيدين، لا سيما من طلاب المدارس والجامعات وعمال الورش والمصانع والمتاجر، كوّن بعضها تشكيلات عسكرية خاصة، من ذلك أصحاب القمصان الخضر {مصر الفتاة} والقمصان الزرقاء {الوفد}، والنظام الخاص داخل جماعة {الإخوان المسلمين}... مارست هذه التنظيمات أعمال عنف مسلح وترويع ضد الخصوم واجهته الحكومة القائمة بعنف مضاد}.أما الدكتور خالد عزب، رئيس قطاع المشروعات المركزية والخدمات بمكتبة الإسكندرية، فتحدث عن محمد حسين الذهبي الذي أصبح وزيراً للأوقاف وشؤون الأزهر حتى 1976، وكان يدعو إلى تفسير جديد للقرآن الكريم بعيداً عن المغالطات القديمة منها والحديثة، ومحاربته للإسرائيليات، أما آخر مشروع علمي تبناه فهو {تنقية التراث الإسلامي وتجريده من الإسرائيليات التي أدخلت عليه}، داعياً أن يكون للمسجد دوره القديم كمكان جامع.بدوره اشار المؤرخ أحمد الشربيني، إلى أن مصر واجهت في النصف الأول من القرن العشرين تصاعداً منظماً لثقافة العنف السياسي، تفاوتت مستوياته واتجاهاته وارتبط بالمناخ السياسي الذي شهد تصاعداً في أساليب مواجهة الاحتلال، بعدما عملت سلطات الاحتلال على إيجاد تيارات سياسية مصرية لا تجد مضرة في وجودها، ما أدى بالتيار السياسي الرافض للاحتلال إلى استخدام أشكال مختلفة من العنف، للضغط كي تتخلى سلطات الاحتلال عن سياستها الاستعمارية تجاه مصر قبل الحرب العالمية الأولى، وتتراجع عن تشددها في المفاوضات المصرية البريطانية، حتى انتهى الأمر بذلك التيار إلى اعتبار الكفاح المسلح الوسيلة الأفضل لحل المسألة المصرية، كذلك شهدت الساحة السياسية عنفاً بين القوى السياسية المصرية تجاه المعارك الانتخابية لإفساد مؤتمرات الدعاية الانتخابية، وما بين الاغتيال السياسي للخصوم.توصياتفي نهاية المؤتمر أٌوصى المشاركون بضرورة العمل لمتابعة أسباب انتشار ثقافة العنف في المجتمع، البحث عن آلية لمواجهتها، توضيح العلاقة بين جماعات الإسلام السياسي والعنف، أهمية دراسة التاريخ في رصد أبعاد العنف في المجتمع المصري وأسبابه، تعريف أبنائنا بممارسات جماعات الإرهاب في القرن الماضي ليستطيعوا تفسير ما يحدث الآن.