«الموانئ»... وتهميش المرشدين البحريين!

نشر في 12-12-2015
آخر تحديث 12-12-2015 | 00:05
 يوسف عوض العازمي في كل وزارة أو هيئة، أو مؤسسة حكومية لابد من وجود موظفين ذوي قدرات خاصة، لأنهم بمنزلة العمود الفقري لهذه الجهة، لذلك فالجهات المحترمة دائماً تعطي هؤلاء مميزات وافية، ورواتب مجزية لكسب ولائهم الوظيفي، وترغيبهم بالاستمرار بالوظيفة لحاجتها القصوى إلى مثلهم. وفي دول العالم المتقدم يتم الاهتمام الفائق بالمؤسسات الاقتصادية والاستثمارية، وعلى عامليها الالتزام الفائق بالجودة، وإدارة وقيادة المرفق برؤيه ذكية، تحقق المصلحة العامة للدولة والمؤسسة.

لذلك يتم إعداد جداول دورية لانضمام الموظفين ذوي التخصصات النادرة إلى دورات تقنية وتنشيطية لصقل مهاراتهم واستمرارهم بنفس الهمة والجودة في تنفيذ الأعمال، مما يقدم نموذجاً ممتازاً للموظف الذي بكفاءته يستطيع القيادة والتحكم والتنفيذ المتقن للمهمات الملقاة على عاتقه، وفي بعض المؤسسات (كالبحرية مثلا) يكون أغلب تلك المهام خطيراً بدنياً وذهنياً، مما يساهم بمنع الحوادث التي تسبب كوارث مالية واقتصادية وبيئية على الدولة لا على المؤسسة فحسب.

ومن العجيب أن وزير المواصلات عيسى الكندري صرح في جلسة لمجلس الأمة قبل فترة بأنه فوجئ بتكدس السفن القادمة إلى الموانئ الكويتية! لكن صحح أحد كباتن المؤسسة، وقال إن الوزير أخطأ في هذا القول، مؤكداً أن السفن لا تدخل الموانئ الكويتية إلا بكتاب و"فاكسات" تحدد موعد الوصول وحجم السفينة وحمولتها، معتبراً أن من أبلغ الوزير هذه المعلومة مخطئ! وهنا يتضح أن طريقة توصيل المعلومة للوزير كانت خاطئة!

لذلك فإن أي توقف للعمل من "الكباتن" المتضررين بالموانئ، يمثل كارثة لا تحمد عقباها، والمفترض أن يكون هناك تدخل مناسب وفوري لوضع خطة طوارئ لحل تلك المشكلة، وأتمنى في الوقت نفسه من السيد المدير العام للمؤسسة عدم الاستمرار بتجاهل المطالب المستحقة لكباتن ومرشدي المؤسسة، والذين لا يزيد عددهم على 55، لأنهم عماد إيرادات الموانئ، وهم المسؤولون عن رسو ومغادرة السفن.

وعندما بحثت وجدت أن المطالب ممكنة، ليس فيها "لي ذراع"، فهم ظُلِموا، وحاولوا بالطرق المشروعة والودية، ولم يجدوا أي تجاوب، مع أن طلباتهم تتلخص في المساواة، حيث إن جميعهم حاصلون على أعلى الشهادات العلمية عالمياً، وأغلبهم حاصلون على شهادة ضابط أول وشهادة البكالوريوس البحري، والعجيب أن رواتبهم تتساوى مع رواتب الحاصلين على رابعة ابتدائي أو"رابعة متوسط بحار"، فهل يعقل أن يكون الجامعي نفس خريج الابتدائي؟ مع أن هناك رواتب لبعض الموظفين تصل إلى 3500 دينار شهرياً، وهم غير قادرين حتي على أي عمل، علماً أن رواتب المرشدين البحريين في دول العالم المتقدمة تعتبر من أعلى الرواتب.

وقد علمت أنهم قدموا مطالباتهم منذ فترة طويلة بتعديل رواتبهم التي لا تليق بوظيفتهم التي تحمل مسؤولية قيادة السفن للكابتن، بما فيها من أرواح، ولكنهم احترماً للقانون ومسؤوليهم أجّلوا تلك المطالب إلى ما بعد تغيير مجلس الإدارة، وعندما جاء المدير الجديد وعد بتعديل الرواتب وإرجاع البدلات التي أوقفت مثل بدل الإبحار، إلا أنه لم يف بوعده، كما أن هناك بدل الإنجاز، الذي أقره أعضاء مجلس الإدارة في 25/12/2014، وأقره الوزير الكندري، فما كان من رئيس مجلس إدارة المؤسسة إلا تحويله إلى ديوان الخدمة المدنية مع الأسف الشديد!

هؤلاء أبناء الكويت، ولهم حق على الدولة، قبل المؤسسة، وهم لم يطلبوا إلا حقهم، أتمنى من الحكومة الموقرة، أن تنصفهم، لا أكثر، إذ إن علينا تشجيعهم باعتبارهم ثروة، ورصيداً للبلد، وغير معقول تهميشهم، وتجاهلهم، قال تعالى: "وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ".

back to top