إلياس الرحباني: هل نسياني اسم {العندليب} يستحقّ الحملة المعيبة هذه ضدي؟

نشر في 07-12-2015 | 00:01
آخر تحديث 07-12-2015 | 00:01
سقط اسم العندليب الأسمر سهواً منه في برنامج {ستار أكاديمي} فقامت القيامة ولم تقعد، من حملات منددّة به، حتى وصل الأمر إلى حد إطلاق الشتائم والتنكّر لتاريخه الفنّي الطويل، وإغفال ما قدمه وعائلته من إبداعات فنيّة أوصلت لبنان والعرب إلى دول العالم.
الياس الرحباني صاحب آلاف المقطوعات الموسيقية العربية والغربية، تحدث إلى {الجريدة} حول الفنّ، وردّ على منتقديه.
للعام الثاني على التوالي تشارك في لجنة تحكيم «ستار أكاديمي»، فأي إضافة تحقق من خلاله؟

للعام الثاني تُطلب منّي المشاركة، وفيما كنت في برنامج «سوبر ستار» مسؤولا كلياً عن مستوى الطلاب وأدائهم، أكتفي في «ستار أكاديمي» بإبداء الرأي من ضمن لجنة التحكيم.

هل لفتك أي من المشتركين هذا العام؟

ثمة أصوات جميلة تحتاج إلى المزيد من الاجتهاد، خصوصاً أن الأداء يتفاوت أسبوعياً انطلاقاً من الأغنية التي اختيرت للطالب، فالصوت الطربي الجميل لن يتمظهر كما يجب إذا ما اختيرت له أغنية عادية. لذا يجب أن تكون الأغنية الأسبوعية موازية لقدرات المشترك. في «سوبر ستار» كنت أقرّر  أغاني المشتركين وفق مستوى صوتهم، ولاقى البرنامج رهجة كبيرة أفرحت حينها الرئيس الشهيد رفيق الحريري صاحب محطة «المستقبل».

كتبت الصحف الأميركية عن نجاح «سوبر ستار» فكيف حققت ذلك؟

يجب اتباع سياسة موسيقية معيّنة، أي إدراك كيفية تسيير البرنامج بشكل نستقطب من خلاله الجمهور، ما يتطلب ثقافة موسيقية ودراسة معمّقة لعالمها الكبير. اعتبرت تلك الصحف أنني جمعت، من خلال البرنامج، 22 دولة عربية، بينما لم تستطع أميركا بكل قوّتها جمع ثلاث دول.

ما ردّك على الحملة المستمرّة ضدك على خلفية نسيانك اسم الفنان عبد الحليم حافظ في «ستار أكاديمي»؟

هل نسياني للحظة اسمه يستحقّ كل هذه الحملة وقتل من حمل الشرق الأوسط فوق أكتافه حول العالم؟ تصّرف الشاعر أمير طعيمة بأخلاق عالية في دفاعه عن موقفي والردّ على الحملة القائمة. فما كتبه «فجر يعقوب» في جريدة «الحياة» معيب جداً ولا يجوز، حين تحدّث عن زيارتي للطبيب لعلاج مشكلة نسياني الأشياء وقد نرفع دعوى بحقه في هذا الإطار. برأيي ثمة من يتحيّن الفرص لتدمير بلده وهو بذلك ألعن من «داعش»، كونه مسؤولاً عن بثّ أغانٍ هابطة عبر الفضائيات، وبدلا من كتابة البعض عن الإنجازات التي نحققها، يدوس على الوطن فيما أحد من مسؤولي الدولة لم يقف إلى جانبنا ضد هذه الحملة.

ما رأيك بالمستوى الثقافي الفني؟

هبط مستوى الفن في لبنان بسبب إحدى الشركات ولا يزال المستوى هابطاً. أتلقى اتصالات دائمة من كويتيين وعرب يشيدون بموسيقى الرحابنة التي نشأوا عليها. ففي الشرق الاوسط كله لم يستطع أحد تأليف نغمة موسيقية للمسلسلات أسوة بما فعلت، ما ساهم في نجاحها مثل «عازف الليل» و»لا تقولي وداعاً». أمّا بالنسبة إلى مستوى الموسيقى العالمية، فتدهورت في أميركا ومن ثمّ في أوروبا وفرنسا ولم نعد نسمع أغنية ذات قيمة فنّية.

ارتبطت شهرة الفنان في الماضي بقدراته الصوتية، علام تستند هذه الشهرة راهناً؟

تستند على العري، وتساهم الفضائيات في خراب العالم أخلاقياً، فقد أصبح كل شيء متاحاً أمام الأولاد لمشاهدته.

كيف تفسّر محافظة الأغنية اللبنانية القديمة على رونقها؟

تتضمن نغماً جميلا، مثل «يا ناسيني» التي ألفّتها للفنانة جورجيت صايغ. سرق الأتراك 250 أغنية من أعمالي، وللسخرية يسرقها بعض اللبنانيين الجاهلين على أنها تركية فأضطر إلى رفع دعاوى ضدهم.

ما إحساسك إزاء تجديد أغانيك؟

يهمني أن يكون المؤدي صاحب صوت جميل خصوصاً إذا كانت الأغنية قيّمة ليحافظ عليها، مع الإشارة إلى النجاح الذي حققته فرقة الـ «فوركاتس» بقيادة ابني غسان في هذا الإطار.

ثمة أسماء فنيّة لم يأفل نجمها عبر التاريخ، لماذا لا نجد هذا المستوى الفنّي راهناً؟

لأن فنانات الماضي محترمات فيما أفضلهنّ اليوم لا تحترم نفسها.

وفق أي معيار تقبل التعاون مع الفنانين؟

منذ سنّ 19 عاماً أمسكت الشرق والغرب عبر التأليف الموسيقي للإعلانات الشهيرة مثل La vache qui rit وجبنة Picon، رغم ذلك لم أحقق أرباحاً مادية ضخمة. لذا عندما تُطلب منّي المشاركة في برنامج ما أو التعاون الفنّي أقبل شرط أن يكون حضوري لائقاً. خصوصاً أن ثمة من يقاطعني لأنني أشكّل مع ابنيَّ غسان وجاد عالماً موسيقياً خاصاً بنا. نحن في الحقيقة لا نغلق أبوابنا بوجه من يملك صوتاً جميلاً ويتمتع بأخلاق عالية، والدليل أنني في الثمانينيات ساهمت في نجاح أشخاص يملكون صوتاً عاديّاً. وخلافاً لما يشاع، كلفة بدل أتعابنا أقل بكثير من سوانا.

 

 تعاون ومشاريع

لماذا نفتقر برأيك الى موسيقيين مثقفين؟

أبداً، نحن لا نفتقر إلى هؤلاء، إنما يقاطعونهم بهدف الترويج لمن هم أقل مستوى منهم. إلى ذلك أصبح المستوى الفنّي العالمي كارثياً.

كيف حصل التعاون مع الفنان هاني العمري؟

تواصل مع ابني غسان واتفقا على تخصيص ليلة فنية أسبوعية هي يوم الخميس، يؤدي فيها العمري أغاني من تأليفي فيما أرافقه عازفاً على البيانو، فوافقت من دون أن أتوقع صراحة هذا التصفيق الحار من الناس في الصالة. فوجئت بقدراته الصوتية الكبيرة التي لم يُظهرها سابقاً، والتي تليق بأعمالي الطربية غير المنشورة بعد.

قريباً إطلاق ألبوم «غسان سالم يغني الياس الرحباني»، ما تفاصيله؟

أهنئ غسّان لأنني لم أتوّقع أن يتمتّع بصوت دافئ إلى هذه الدرجة، فهو أعطى لكل أغنية حقّها لذا يستحقّ كل الدعم. سيقدّم ثماني أغانٍ، ست منها من كلماتي وألحاني وتوزيعي واثنتان بتوقيع ابني جاد. تتنوّع بين قديمة وجديدة.

ما الهدف من افتتاح «معهد الياس الرحباني للموسيقى»؟

أردنا تأسيس ما يحمل اسم العائلة، فعمل غسّان على إطلاق هذا المشروع بهدف تعليم العزف على الآلات الموسيقية فضلا عن تعليم تقنيات الغناء. كذلك نسعى إلى إطلاق راديو وتلفزيون لبثّ الأعمال الرحبانية 24 ساعة.

ثمة وقع للرومانسية دائماً في أعمالك رغم ضجيج الإرهاب والموت حولنا.

انطلاقاً من تجربتي الخاصة، استطيع الانفصال عن الواقع لعيش الحال التي أريد التعبير عنها، وذلك من خلال الاستماع إلى موسيقى إديت بياف وشارل أزنافور، والموسيقى الإيطالية التي تأخذني إلى عالم آخر.

كيف تحافظون على حقوقكم الفكرية في ظل الفلتان السائد؟

منذ 25 عاماً ساهمت إحدى الشركات العربية بتكريس مقاطعتنا من فنانين معيّنين، رغم أن العرب عموماً، من بينهم السوريون، يحترمون فيروز والرحابنة ويحافظون على قيمتنا الفنّية ويبثّون أعمالهم في مقابل مقاطعة المحطات والإذاعات اللبنانية لنا، ومطالبتها ببدل مادي لقاء بثّ أعمالنا. فمنذ خمسين عاماً وحقوقنا الفنيّة، إخوتي وأنا وفيليمون وهبة وزكي ناصيف ووديع الصافي، مهدورة من  لصوص الدولة الذين أفسحوا في المجال أمام نسخ أعمالنا وبيعها بطرق غير شرعية على الطرقات. فتركونا نموت على الطرقات، نحن الذين أضأنا لبنان وحملنا الشرق على أكتافنا حول العالم، فبفضل الرحابنة انطلقت مهرجانات بعلبك وذلك في عهد الرئيس كميل شمعون وتحرّك الاقتصاد في البلد. وللتاريخ، وحده الرئيس الشهيد بشير الجميل استجاب لطلبنا في ما يخصّ حقوق المؤلفين وأعلن عقوبة السجن لمن يسرق الأعمال الفنية، فتوقّفت عملية السرقة طيلة حكمه ولغاية استشهاده، لتعود بعدها ومن دون رادع.

back to top