هل فاجأتك النتيجة التي حققها {أحمد وكريستينا} في رمضان؟

Ad

لا، فمنذ  بدء  تصويره  وثقت في أنه سيكون من بين أفضل مسلسلات رمضان. لذا خضنا غمار المنافسة، خصوصاً أن المسلسلات الأخرى مقتبسة من أفلام أجنبية مسلوخة كلياً عن واقعنا، ما يضعّف العمل بغض النظر عن إنتاجه الضخم، فيما قصة مسلسلنا حقيقية مزروعة في أرضنا وشخصياتها من صلب مجتمعنا، فضلا عن أن أبطالها وجوه جديدة تتمتع بموهبة حقيقية، فراهنت على هذه النقاط مجتمعة لنجاح العمل.

غالباً ما يراهن المنتجون على نجومٍ وثنائيات ناجحة، فكيف تجرأت على خوض هذا الرهان؟

أؤمن بأن المسلسل الجيّد يحقق النجاح بغضّ النظر عن هوية نجومه والثنائيات، لأن ذلك ليس العنصر الوحيد لإنجاح عمل.

لكنها التجربة الدرامية الأولى لسابين ووسام صليبا.

لا علاقة لذلك بقدرتهما على تقديم أداء جيّد، فضلا عن أن الممثلين نجحوا في أدوارهم وأبدعوا،  على غرار: نقولا دانيال، يوسف حداد، طوني نصير، دارين حمزة، نيكولا مزهر، حسّان مراد وسنتيا خليفة، وهذا دليل على أن الثنائية البطولية ليست العنصر الوحيد لانجاح العمل، بل لمن يفرض ذاته من خلال التنفيذ الجيّد.

هل تشجّع سابين ووسام على الاستمرار في مجال التمثيل؟

طبعاً، فهما أبدعا في دورهما الدرامي الأول.

هل ارتباط  المسلسل بالقرية والأرض ما جذبك إلى إخراجه؟

لا أؤمن بدراما أو بأفلام غير منتمية  إلى بيئتها، لا ينجح أي عمل فنّي إذا لم يكن ابن بيئته  ويعكس روحية مجتمع معيّن.

إنه عملك الثاني الذي يعالج موضوع الطائفية بعد «ولاد البلد»، فلمَ تميل إلى قضايا مشابهة؟

أميل إلى إشكاليات المجتمع كافة، ففي مسلسلات «سارة» و{لونا» و{باب ادريس» تناولنا قضايا عدّة لكنها جميعها مزروعة في أرض معيّنة. يقول عنوان معبّر جداً لرواية يوسف حبشي الأشقر «لا تنبت جذور في السماء»، ما يعني أن الأرض هي أم المواضيع لذا لسنا بحاجة إلى الاستعارة من الخارج.

برأيك، هل موضوع الطائفية في وطننا متلازم مع كل زمان ومكان؟

هو موضوع متعلق بإشكاليات مجتمعنا، فمثلما كانت ثمة عائلات منغلقة، توافرت عائلات منفتحة مثل غسان تويني الذي تزوّج الشاعرة ناديا  محمد حمادة وهي من أصل درزي في خمسينيات القرن الماضي، وفي عصرنا اليوم ثمة زواجات مختلطة كثيرة، مع ذلك تعاني الأغلبية الساحقة من اللبنانيين  مشكلة الطائفية.

تأخرتم في بدء التصوير مقارنة مع المسلسلات الأخرى، هل انعكس ذلك سلباً على نتيجة العمل؟

عندما سمعنا بماهية المسلسلات الرمضانية التي بدأ تنفيذها، تحمسّت للمشاركة في هذه المعمعة، لذا اقترحت على المنتج مروان حدّاد الانطلاق بالتصوير ولو متأخراً، لثقتي بأنه سيحقق نتيجة مهمة. فتحدث حداد مع مدير عام محطة «الجديد» ديمتري خضر واتفقنا على خوض المنافسة الرمضانية شرط توفير تسهيلات لازمة للتنفيذ وهكذا حصل. لذا لم نتأثر سوى في إنهماكي بتجهيز  الحلقات ليلة عرضها عبر الشاشة، من دون أن يتسنى لي مشاهدتها.

ما رأيك بالـ Rating الذي حققته المسلسلات؟

بصراحة لا أؤمن بما يسمّى Ratingأو إحصاءات المحطات، لأنني لا أعتبرها مرجعاً موثوقاً، بل أتكّل على ردود فعل الناس في الشارع. من جهة أخرى إذا حقق مسلسل معيّن نسبة مشاهدة عالية ونال في المقابل ردود فعل سلبية، فيما لم يحقق مسلسل آخر نسبة مشاهدة عالية رغم نيله إعجاب المشاهدين، فهل يكون المعيار نسبة المشاهدين أم نوعية العمل؟

صحيح أن {أحمد وكريستينا} حقق نسبة مشاهدة عالية وفق الإحصاءات، لكنني لم أتكل على ذلك بل على رأي الناس في الشارع، الذي يثبت ما إذا أصبنا الهدف أم لا، وهذا المعيار  الفعلي لنجاح المسلسل.

هل نفهم من كلامك أنك لا تعتبر أن نسبة المشاهدين هي معيار نوعية العمل؟

طبعاً، «غداً نلتقي» من بين أفضل المسلسلات الرمضانية نظراً إلى موضوعه وطريقة تنفيذه، لكنه لم يحظ بنسبة مشاهدة عالية، وهذا دليل على أن الإحصاءات ليست معياراً لنوعية العمل. فضلا عن أن تاريخ التلفزيون شهد تحقيق مسلسل رديء جداً نسبة مشاهدة عالية جداً.

هل تابعت أعمالا أخرى؟

كنت منشغلا في تنفيذ المسلسل، لكنني واثق بأن نوعية الأعمال المعروضة سيئة، لأن مواضيعها معرّبة ومقتبسة وغير مرتبطة بمجتمعنا، خصوصاً تلك الخلطات العربية التي أعتبرها هرطقة.

«أحمد وكريستينا» لبناني صرف مثل «قلبي دق»، كيف استطاعا التمايز في وجه تلك الخلطات؟

فوجئ الجميع بما حققّاه من نجاح لكنني لم أفاجأ أبداً، وقد راهنت على نجاح المسلسل اللبناني الصرف، وأنا على ثقة بقدرة «أحمد وكريستينا» على ضرب المسلسلات الأخرى، لأنه حقيقي ولا يحوي مثلا والداً سورياً لابن لبناني وإبنة مصرية. هذه هرطقة شهدنا مثلها في سينما الستينيات والسبعينيات، حين تُرجمت أفلام أميركية إلى العربية وضمّت ممثلين من مصر وسورية ولبنان، وقد حققت جماهيرية آنذاك،  لأنها كانت مصدر ترفيه للجمهور. إنما اتخذت تلك السينما تاريخياً عنوان «مرحلة السينما الرديئة».

برأيك، هل تحظى الأعمال المشتركة بجماهيرية لأنها مصدر ترفيه فحسب؟

طبعاً، فالجمهور يتابع هذه الأعمال بهدف الترفيه والتسلية، فيما نخبة قليلة تتابع نوعية مختلفة مثل «أحمد وكريستينا».

هل تتوقع لها مصيراً مشابهاً لمصير السينما الرديئة؟

طبعاً، التاريخ لا يرحم. برأيي يمكن تنفيذ دراما عربية مشتركة حقيقية، يعني أن يكون المصري والسوري واللبناني في الدور المناسب.

ثمة جنسيات مختلفة في لبنان يمكن تجسيد قصصها بواقعية وصدق. لماذا لا نرى في الأعمال الراهنة سوى أثرياء مصر وسورية؟

لماذا لا نرى العمّال الأجانب الذين يعملون في محطات الوقود مثلا أو اللاجئين السوريين المشتتين في مجتمعنا؟ ألا يستحق هؤلاء عملا درامياً يحاكي واقعهم؟ ألا يختبرون الحبّ ويعيشونه مثل الأثرياء؟

كيف تفسّر إيلاء بعض محطات التلفزة الأعمال العربية المشتركة أولوية على حساب الأعمال المحلية الجيّدة؟

شراء الأعمال العربية المشتركة أوفر من الأعمال المحلية لأنها تكون في عرض ثانٍ فيما يقتصر العرض الأول على المحطات العربية، لذا تكبدت المؤسسة اللبنانية للإرسال و{الجديد» مبالغ ضخمة في رمضان لتفضيلهما المسلسل المحلي.

أليست الأعمال المحلية مربحة مادياً بسبب الرعاة والإعلانات؟

طبعاً، وهذا أمر معلوم لدى المحطات المحلية، إذ لا يُعلى على المسلسل اللبناني محلياً، إنما الأزمة المالية الراهنة التي تعاني منها المحطات تحول دون إنتاجها لأعمال لبنانية.

هل نحتاج إلى عمل محلي بمواصفات عربية أم إلى عمل مشترك مقنع لتطوير الدراما اللبنانية؟

كلما كانت الدراما صحيحة سارت على الطريق القويم للوصول إلى أعلى المستويات، أي ألا تكون الخلطة المشتركة عشوائية بل حقيقية ومقنعة للجمهور، ما يؤدي إلى انتشارها لدى شريحة عربية أوسع، وهذا أفضل تجارياً.

ما الذي يحول دون تقديم عمل لبناني بمواصفات عربية طالما أن بعض المنتجين اللبنانيين ينفذون أعمالا مشتركة ضخمة؟

يحتاج ذلك إلى وعي متطوّر مفقود عند غالبية أصحاب المحطات والقيمين عليها، وسعي نحو تطوير العقل البشري لنصل إلى المبتغى. طالما أننا نعيش في العالم الثالث سنبقى نعاني مشكلات مشابهة. فهل يعقل أن تطلب شركة إنتاج ضخمة تملك تمويلاً ووسيلة تسويق ملائمة،  تعريب فيلم أميركي أو اقتباس مسلسل ما؟

فيما ثمة كتّاب لبنانيون وعرب مهمون يستطيعون الكتابة عن مواضيع من صلب مجتمعنا العربي، لمَ لا نتكّل عليهم لتقديم عمل حقيقي وواقعي يتماهى مع مجتمعنا؟

هل ترى أن الاقتباس لا يجوز؟

يمكن الاقتباس من عمل نستطيع زرعه في أرضنا ولبننته، إنما ليست كل الأعمال مناسبة لأن ثقافتنا مختلفة عن الغرب. صحيح أن المواضيع الإنسانية متشابهة في مضمونها، لكنها مختلفة في الشكل وفي طبيعة المعالجة.

مثل الحبّ الذي هو شعور موّحد بين الشعوب إنما التعبير عنه وطريقة عيشه يختلفان من مجتمع إلى آخر.

بين الكم والنوع

ثمة من يؤيّد تقديم كمّ من الأعمال تمهيداً للوصول إلى النوعية، ما رأيك؟

لماذا نقدّم أعمالا رديئة طالما نستطيع تقديم أعمال نوعيّة؟ ثمة معايير وعناصر عدّة لنجاح العمل أولها الموضوع المعالج ومن ثم السيناريو والفريق المنفّذ وهوية المخرج والممثلين، فضلا عن طريقة التحضير وكلفة الإنتاج. فتأمين عنصر واحد على حساب العناصر الأخرى لا يكفي، بل يجب أن تتوافر كلها بنوعية جيّدة ما يؤدي إلى تقديم عمل نوعي.

لماذا لم يحقق مسلسل «أبرياء ولكن» الرهجة المتوقعة له؟

لم يكن عملا شعبياً، لذا لم يتابعه الجمهور العادي، بل متذوّقو السينما وهذا النوع من الأعمال. شخصياً أحببته كما أحببت هذه التجربة الجديدة رغم أنني من أتباع دراما الأرض والبيئة والعصر. لقد أمّنا لهذا العمل الكلاسيكي كل ما يناسبه من إضاءة وديكور وماكياج وقدّمته من دون هوية أرض، فجاء مختلفاً عن سائر المسلسلات لذا لم يحظ بجماهيرية ولم نتوّقع له ذلك أساساً، لكننا نجحنا في استهداف نخبة معيّنة تحبّ هذا النوع الكلاسيكي وتفهمه.

قدّمت أعمالا درامية ناجحة بمعية المنتج مروان حداد، فما ركائز العلاقة التي تجمعكما؟

المواضيع التي يقترحها منسجمة مع طريقة تفكيري. هو منتج متحمّس ونشيط وتربطنا صداقة، ما يؤثر صراحة على طبيعة علاقتنا وعلى كوننا لا نوّقع عقود عمل بيننا بل نكتفي بالكلمة. أظنّ أنه يعرف طريقة تفكيري ويحترم موقعي كمخرج، كذلك  يعلم عند قراءته سيناريو معيّناً ما إذا كنت أقبل به أم لا قبل عرضه عليّ.