{مشاركة عربية ضعيفة}! هكذا وصفت إحدى الصحف اليومية المصرية حضور السينما العربية في الدورة 37 لمهرجان القاهرة السينمائي، وكي تُضفي المزيد من الجدية على ما تدعي قالت، على لسان كاتب التقرير، إنها «مشاركة ضعيفة مقارنة بالدورات السابقة»!
اسمحوا لي بالحديث عن هذه «المشاركة العربية الضعيفة»، وأنوه إلى أن عدد الأفلام العربية المتواجدة في الأقسام المختلفة للدورة 37 وصل إلى عشرة أفلام، تمثل الدول العربية: الجزائر، المغرب، البحرين، العراق، سورية، اليمن والإمارات. هذا إذا استثنينا الأفلام المصرية، ولم ننظر إليها بوصفها عربية (!)يُشارك المخرج الجزائري الشهير مرزاق علواش في المسابقة الرسمية بفيلم «مدام كوراج»، الذي ينتقل، بعد انتهاء فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي إلى دبي ليُشارك في مهرجانها السينمائي، الذي ولد عملاقاً، بينما يتابع جمهور مسابقة «آفاق السينما العربية» الفيلم المغربي «البحر من وراءكم» إخراج هشام العسيري، الذي شارك سابقاً في الدورة الماضية لمهرجان دبي السينمائي، كذلك تُشارك المغرب في مسابقة «سينما الغد الدولية» بفيلم «خارج المدينة» إخراج ريم مجدي، التي تتنافس في مضمار «مسابقة مدارس السينما» وفي «مسابقة الفيلم القصير» بفيلم «الحديقة» إخراج رندا معروفي. بل إن المغرب ممثلة أيضاً في قسم كلاسيكيات {كلاسيكيات مرممة» بفيلم «الأيام... الأيام» للمخرج أحمد المعنوني فيما تُشارك العراق بفيلمين، أولهما الوثائقي «أوديسا عراقية» إخراج سمير، ويُشارك في قسم «عروض خاصة»، والثاني «بغداد خارج بغداد» إخراج قاسم حول، وينافس في مسابقة «آفاق السينما العربية»!المفاجأة أن السينما البحرينية متواجدة أيضاً في الدورة 37 لمهرجان القاهرة السينمائي، حيث تتنافس على جوائز مسابقة «آفاق السينما العربية» بفيلم «الشجرة النائمة» إخراج محمد بن راشد، وكان قد عُرض أيضاً في مهرجان دبي السينمائي، الأمر الذي ينطبق على الفيلم اليمني «أنا نجوم بنت العاشرة ومطلقة» إخراج خديجة السلامي، وهي تُشارك في مسابقة «آفاق السينما العربية» أيضاً، في حين تشهد مسابقة «آفاق السينما العربية» العرض الأول للفيلم السوري «بانتظار الخريف» إخراج جود سعيد وبطولة سُلاف فواخرجي والمخرج عبد اللطيف عبد الحميد، الذي يلعب دوراً رئيساً في أحداث الفيلم.كيف يمكن القول إذاً إن عشرة أفلام تمثل ست دول عربية ليس بالعدد الكافي أو المُرضي، ومن ثم يخرج علينا من يقول إنها «مشاركة ضعيفة»؟كنت أستطيع أن أبرر الأمر لو قيل – مثلاً – إن غالبية الأفلام العربية، التي أعلن عن مشاركتها في القاهرة، سبق أن انفردت مهرجانات أخرى إقليمية ودولية بعرضها الأول، ثم جاءت عروضها في مصر مجرد «تحصيل حاصل» أو تُصبح الفرصة مهيأة للتساؤل عن جائزة وزارة الثقافة التي كانت تُمنح لأفضل فيلم عربي ثم اختفت في ظروف غامضة!لكن القول إن مشاركة عشرة أفلام عربية في الدورة السابعة والثلاثين لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي تعكس تواجداً ضعيفاً هذا زعم باطل، لأنها الدول العربية الوحيدة – تقريباً - في المنطقة التي تُنتج السينما أو تهتم بأن تكون لديها صناعة، بالإضافة إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي ليس مهرجاناً متخصصاً في السينما العربية وحدها، كما هي الحال في مهرجان وهران للفيلم العربي، بل هو مهرجان دولي مفتوح على كل المدارس والتيارات السينمائية، والدول التي تملك صناعة سينما، كما أنه محكوم بلائحة صارمة كونه واحدا من 14 مهرجاناً معترفاً بشرعيتها الدولية، على عكس مهرجانات تحمل صفة الدولية لمجرد أنها تجمع على أرضها مجموعة من الدول ! أمر آخر ينبغي مناقشته، وهو إطلاق وصف السينما العربية على أفلام الدول الشقيقة مع الإصرار على إقصاء السينما المصرية، وكأنها سينما فرانكوفونية أو أعجمية، وهو خلط يبدو متعمداً أحياناً، وخطيراً بدرجة كبيرة، لأن تكراره عبر أكثر من مناسبة، يعكس مؤامرة لنزع الانتماء العربي عن السينما المصرية، ومحو هويتها القومية، وإلا فكيف يُقال إن المشاركة العربية ضعيفة وثمة أكثر من سبعة أفلام مصرية، فضلاً عن الأفلام العشرة التي نوهنا إليها. فالموضوعية والمنطق يقولان إن الدورة 37 تشهد مشاركة 17 فيلماً عربياً، من بينها الفيلمان الروائيان الطويلان «من ضهر راجل» و{الليلة الكبيرة» اللذان يُشاركان في المسابقة الرسمية، والفيلم التسجيلي الطويل «هدية من الماضي»، في قسم «عروض خاصة» والروائي القصير «الزيارة» في مسابقة «سينما الغد الدولية» والتسجيلي الطويل «توك توك» في مسابقة «أسبوع النقاد» بالإضافة إلى الفيلمين الروائيين الطويلين «في يوم» و{الثمن» في مسابقة «آفاق السينما العربية». فهل مشاركة سبعة عشر فيلماً عربياً في مهرجان دولي لا تشفي الغليل؟ لم لا تجعلوه مهرجاناً عربياً إذاً؟
توابل - سيما
«مشاركة عربية ضعيفة»!
16-11-2015