نجح الحزب الجمهوري في «تصميم» مناظرة شبه مثالية أتاحت لمتنافسيه على موقع الرئاسة الأميركية تقديم «أفضل» ما عندهم. كما نجح في إجبار منظمي المناظرة الرابعة على الالتزام بنصوص الأسئلة التي استشير بها المتناظرون مسبقاً.

Ad

ولعل الإنجاز الأهم الذي خرجت به المناظرة التي جرت أمس الأول في مدينة ميلواكي بولاية ويسكونسن أنها رسمت خطاً واضحاً بين المحافظين المتشددين والواقعيين البراغماتيين.

كما اعتبرت الأكثر جدية بين الجمهوريين، حيث ابتعد المتنافسون عن المناكفات الشخصية، رغم عادات دونالد ترامب وبصماته الشخصية في هذا المجال.

وعلى الرغم من محاولة المنظمين التركيز على الجانب الاقتصادي، فإن حضور قضايا الهجرة والمهاجرين ودور الولايات المتحدة في العالم وحجم قوتها العسكرية، عكسا الانقسام الرئيس بين المتشددين والبراغماتيين، رغم اختلاط المواقف وتناقضها أحياناً لدى المرشحين.

المناظرون ركزوا هجماتهم على المرشحة الديمقراطية هيلاري كلينتون التي تتقدم حتى الآن بشكل كبير في استطلاعات الرأي، في محاولة منهم للتأثير في صعودها حتى على المستوى العام.

وهو ما عبّر عنه أحد المقدمين حين سأل المرشح الجمهوري ماركو روبيو هل باستطاعته مواجهتها، وهي صاحبة تاريخ عريق وتجربة كبيرة منذ كانت السيدة الأميركية الأولى إلى عضوة الكونغرس عن ولاية نيويورك وأخيراً وزيرة الخارجية السابقة؟

ولم يكن مفاجئاً أن يجمع المناظرون على رفض زيادة الحد الأدنى للأجور، بحجة أنها قد تؤدي إلى زيادة البطالة. لكن بعضهم أبعد نفسه عن الإجابة مباشرة عن هذا السؤال المحرج، خصوصاً وأنه يمس مصالح غالبية الأميركيين، في وقت يدعون فيه إلى خفض الضرائب على الأغنياء بحجة زيادة التنافسية.

ونالت هذه المسألة تعليقات ديمقراطية فورية استهزأت «بتلاعب الجمهوريين» بالوقائع الاجتماعية والاقتصادية لخدمة «مصالح الواحد في المئة من الأميركيين».

وكما كان متوقعاً، فقد نالت قضية المهاجرين نصيباً مهماً من الجدل وأظهرت انقسام الحزب الجمهوري حولها، ليس من منطلق معارضة طرح حلول لـ11 مليون مهاجر غير شرعي، بل خوفاً من تأثيراتها على إمكان استقطاب الأقلية اللاتينية الكبرى للتصويت لمصلحة المرشح الجمهوري كائناً من كان.

وهو ما حدا بالمرشح جيب بوش للقول إن الديمقراطيين يتبادلون الآن التهاني بعد الجدل الذي جرى مع ترامب حول كيفية معالجة هذه القضية. فالأخير يدعو إلى ترحيلهم وبناء جدار مع المكسيك، في وقت يتمسك بوش وكاسيش وروبيو بحلول أكثر واقعية.

وفي حين أجمع المناظرون على ضرورة خفض حجم الحكومة والإنفاق لخفض الضرائب وتحفيز النمو، اختلفوا حول موازنة وزارة الدفاع. فالدعوة إلى ترشيق عمل الحكومة وخفض إنفاقها لا تستقيم مع زيادة الإنفاق العسكري، الأمر الذي ينبغي تبريره سياسياً بدور الولايات المتحدة وموقعها في العالم. وهنا برز الخلاف بين الصقور والحمائم، من دون أن يتمكنوا من حشد الإجماع حولهم.

وبينما اتفقت التعليقات على عدم توقع حصول تغيير كبير وفوري في نسبة قبول المرشحين وموقعهم في استطلاعات الرأي المقبلة، إلا أنها أجمعت على أن السيناتور عن ولاية فلوريدا ماركو روبيو قد يكون الأوفر حظاً لنيل دعم المؤسسة الحزبية للجمهوريين، يليه السيناتور عن ولاية تكساس تيد كروز. فالأداء الذي ظهر به روبيو كان محط تعليقات إيجابية عدة، رغم أن إزاحة ترامب وبن كارسون من المقدمة لن يكون أمراً يسيراً.