سادت حالة من الجدل بين عموم المثقفين والسياسيين المصريين إزاء قرار وزارتي «الأوقاف» و»الثقافة»، بفتح المساجد أمام كبار المثقفين لإلقاء محاضرات علمية وثقافية وفكرية، بزعم استعادة الوجه الحضاري للمساجد كما كانت في العصور الإسلامية، لتقدم العلوم الدنيوية بجانب العلوم الدينية، في إطار خطة الحكومة المصرية لمواجهة الإرهاب والأفكار المتطرفة وإعادة الاعتبار للفكر الوسطي.
وزير الأوقاف محمد مختار جمعة أكد في بيان له الثلاثاء الماضي، أن التعاون المشترك مع وزارة الثقافة، بمثابة «طفرة كبيرة في التعاون بين الوزارتين... فالمكون الديني جزء من الثقافة العامة يجب الاهتمام بها ونشرها في مختلف المحافظات». وأشار إلى أن برتوكول التعاون بين الوزارتين سيشمل 7 مشاريع أخرى أبرزها تزويد الدعاة بمجموعة من مطبوعات وزارة الثقافة.من جهته، أكد وكيل الأزهر، عباس شومان، لـ»الجريدة»، أن «التعاون يخدم الخطاب الديني ويعرف الشباب حقيقة الأوضاع الجارية ويحصنهم من التفكير الإرهابي»، وأضاف: «الأزهر يرحب بالتعاون بين الأوقاف والثقافة، ويدعمه في مواجهة التطرف وتصويب المفاهيم الدينية».وبينما رحبت بعض القوى السياسية بمبادرة التعاون بين الوزارتين، أشاد الشاعر حسن طلب، بالاتفاقية، لأن «المساجد ليست للعبادة فقط، ويجب أن تعود كما كانت في ذروة الحضارة الإسلامية ساحة للعمل والفكر والأدب».في المقابل، ساد الاستياء بين قطاع عريض من المثقفين المصريين، بحجة أن المساجد لا يمكن أن تضطلع بمهمة نشر الثقافة، واعترض الخبير التربوي، كمال مغيث، على التعاون المشترك بين الوزارتين، قائلا إن «الثقافة لم يكن مصدرها المسجد، بينما منبعها التعليم والندوات الثقافية، فإذا أردنا شبابا مثقفا دينياً قادرا على بناء مجتمعه فذلك يأتي من خلال التعليم والمناهج التعليمية السليمة التي تساعد وتبني الفكر الثقافي الصحيح».وفيما أصدر نحو 100 مثقف مصري بيانًا أعربوا فيه عن رفضهم لقرارات وزير الثقافة عبدالواحد النبوي، قال الشاعر والناقد شعبان يوسف، عبر صفحته على «فيسبوك»، إن «عقد بروتوكول مع وزير الأوقاف لإقامة ندوات ثقافية في المساجد، هي عملية تديين واضحة وصريحة، ومعلنة وسط صمت تام»، رافضا الخلط بين الثقافي والديني، وأشار إلى أن تقديم ندوات ثقافية داخل المساجد، لن يساعد في تجديد الخطاب الديني، بل على العكس سيؤدي إلى القضاء على استقلالية الثقافة ذاتها.
دوليات
«الثقافة» بالمساجد... غزو متبادل
27-07-2015