بما أن تاريخها هو هذا التاريخ, الذي عنوانه صادق خلخالي المدعي العام للثورة في إيران، الذي قطَّع أعناقاً، وبقّر بطوناً، وفجّر أجساد الألوف من الإيرانيين، على الشبهات، وبعضهم بدون محاكمات، وأغلبيتهم بمحاكمات ميدانية, فإنه لا يحق لإيران أن تعترض على المملكة العربية السعودية، لأنها حكمت بـ"القصاص" على عدد من المجرمين والإرهابيين، الذين بتعليمات من "القاعدة" و"داعش" عاثوا في الأرض فساداً، وقتلوا وفجروا واستهدفوا حتى المساجد والحوزات الشيعية، وبالطبع المؤسسات العامة والمدارس، وبعضهم لم يتورع ولم يخف الله وقتل والده وأشقاءه وحتى رجال الأمن، الذين يسهرون الليالي الطويلة من أجل توفير الأمن والأمان لبلد يحتضن سنويّاً حجاج بيت الله الحرام وزائري مدينة رسول الله.

Ad

  كان عدد الذين أصدر عليهم صادق خلخالي, الذي كان عينه الخميني بعد عودته من منافيه المديدة رئيساً لمحكمة الثورة, بدون أي محاكمات وعلى الشبهات، ووفقاً لمحاكمات ميدانية فورية، 2000 من رموز وقادة النظام الشاهنشاهي السابق، وكان من بينهم رئيس الوزراء الشهير أمير عباس هويدا، والجنرال نصيري، بالإضافة إلى عشرات الألوف من الذين كانت تلصق بهم تهم الفساد في الأرض، والاتجار بالمخدرات وتعاطيها، والتخابر مع أعداء الثورة، وكان يرتكب كل هذه الجرائم بحجة أنه مكلف من الله, والعياذ بالله, بإنزال عقاب الله بخونة الثورة وأعدائها.

    إنه لا يحق للذين يحكمون إيران الآن بالحديد والنار، ويصدرون أحكام الإعدامات الجماعية أسبوعياً وشهرياً, إن ليس يومياً، على من يلصقون بهم الانتساب إلى مجاهدي خلق، وإلى خيانة "الثورة" من عرب الأحواز، ومن "البلوش" والأكراد واللَّر والآذاريين الأتراك، الذين يشكلون القومية الثانية في إيران بعد الفرس، الذين تقتصر نسبتهم على أربعين في المئة فقط من مجموع ما يسمى الشعب الإيراني، أن يعترضوا على إنزال حكم الله بعدد من الإرهابيين من "القاعدة" و"داعش"، الذين ارتكبوا جرائم بشعة ضد الأبرياء من أبناء وبنات وأطفال الشعب السعودي، والذين أُعطيت لهم فرص كثيرة متلاحقة ليقبلوا بـ"المناصحة"، وليتراجعوا عن غيهم، وليتوبوا إلى الله توبة نصوحاً، ولكنهم رفضوا واستمروا في تفجير المصلين في المساجد وتدمير "الحسينيات" على من فيها... بل انتقلوا بجرائمهم إلى بعض الدول العربية الإسلامية القريبة والبعيدة ومن بينها الكويت.

     ربما أنَّ هؤلاء الذين هددوا وتوعدوا بالانتقام والرد على ما قامت به المملكة العربية السعودية، بدوافع طائفية ومذهبية بغيضة، ينسون ويتناسون كيف أنَّ الثورة الإيرانية بدأت عهدها بالانتقام ممن هُمْ ليس على "ملَّتها" بتعليق الأعداد من أكراد "كرمنشاه" على أعمدة الكهرباء، وبتهمة أنهم رفعوا بعض الشعارات القومية لإنصاف بني قومهم، وأنها واصلت البطش بعرب الأحواز والبلوش، حتى بعد مرحلة صادق خلخالي الدموية، لأنهم حاولوا أو -بعضهم- الاحتجاج سلميّاً، وبالتي هي أحسن على الظلم القومي الذي يلحق بهم... وإلى حد اعتبارها جريمة ما بعدها جريمة استخدام لغتهم القومية حتى مع أطفالهم وداخل بيوتهم ووراء أبواب مغلقة.

     كان عنوان تلك المرحلة مما سمي تثبيت الثورة الإيرانية هو: "باعتقادنا أن المجرم لا يحاكم ويجب أن يقتل"، و"ما نعرفه أن هؤلاء مجرمون يجب إثبات هويتهم فقط، إذْ بمجرد ثبوتها يجب أن يقتلوا"، وكان شعار آية الله صادق خلخالي هو: نعدم المتهم فإذا كان بريئاً فمثواه الجنة، وإذا كان مذنباً فمثواه النار"، ثم ألمْ يعترف هذا الرجل في مذكراته التي نشرتها صحيفة "همشري" الإيرانية بعد عامين من وفاته: "لقد قتلت الكثير من الشعب الكردي والعربي وبقايا النظام الملكي، ولكنني لست نادماً ولا يعذبني ضميري!".

     لقد كانوا ثلاثة عرفهم الشعب الإيراني بدمويتهم التي لم يصل إليها حتى نيرون الشهير في التاريخ وهم: آية الله صادق خلخالي، وأسد الله اللاجوردي مدير سجن إفين السابق, ومحمد الريشهري، ويقيناً أن هؤلاء الثلاثة أنجبوا تلامذة تجاوزوهم في الإجرام، وتجاوزوا حتى جهاز "السافاك" الشهير، وهنا فإنه يبقى أن نقول للذين اعترضوا على شمول بعض من شملهم "القصاص" الأخير، الذي نفذته المملكة العربية السعودية بدوافع مذهبية، إنَّكم لا تمثلون الطائفة الشيعية الكريمة التي هي في الأساس من العرب وإليهم، فعليّ بن أبي طالب، كرم الله وجهه، عربي، والحسن عربي، والحسين عربي، وفاطمة الزهراء عربية، وعلي زين العابدين شهيد الطف, طف كربلاء, عربي، ومحمد الباقر عربي، وجعفر الصادق عربي، وموسى الكاظم عربي، وعلي الرضا عربي، ومحمد الجواد عربي، وعلي الهادي عربي، والحسن العسكري عربي، ومحمد المهدي... المهدي المنتظر عربي... رضي الله عنهم جميعهم.