فلسطين خارج الدائرة
حسب المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره غزة، بلغ عدد القتلى حتى أمس 11 مدنياً، بينهم امرأة حامل اسمها نور حسان، ٢٦ عاماً، وطفلتها رهف، ٣ أعوام، وجرح الزوج وطفل آخر وعدد آخر. حدثت الجريمة بصاروخين من طائرة إسرائيلية لمنزلهم في جنوب غزة. المعايير الدولية الإنسانية تمنح الشعب الفلسطيني حق تقرير المصير كحد أدنى، وتفعيل اتفاقية جنيف الرابعة، التي تدعو إلى حماية المدنيين أثناء الاحتلال، ولكن الذي يحدث عكس ذلك. ولولا شيء من حراك دبلوماسي في الأمم المتحدة، كالتصويت على قبول عضوية فلسطين، أو دخولها عضوية المحكمة الجنائية الدولية، لصارت فلسطين نسياً منسياً.
حتى الثمانينيات، ارتكزت المنظومة العنصرية القانونية في العالم على ٣ دول أساسية، هي روديسيا، وجنوب إفريقيا، وإسرائيل. وقد مثلت تلك المنظومة عقبة كبرى في التحولات الدولية نحو مفاهيم القيم الإنسانية، وقبول الآخر، خصوصاً أن تلك المنظومة بينها تعاون وثيق، كما أنها ذات أصول، أو أنها مدعومة ومتبناة بالكامل من الغرب الذي يعلن التزامه بالمعايير الإنسانية الدولية. وقد ضغطت تطورات دولية تبلورت خلال الخمسين سنة الماضية على مستوى المجتمع المدني داخل الغرب، وتحرر واستقلال الدول خارجه، وتطور مفاهيم العدالة وحقوق الإنسان، إلى تخلي دول الغرب عن دعم العنصرية السافرة، التي لم تعد مقبولة عالمياً حتى لو على المستوى الشكلي. وهكذا تفكك البناء العنصري لروديسيا في بداية الثمانينيات، لتتحول إلى زيمبابوي، وبعد أكثر من عشر سنوات، تفكك أيضاً المنطق العنصري في جنوب إفريقيا، وخرج مانديللا أقدم سجين سياسي في التاريخ من محبسه ليتولى رئاسة الجمهورية الجديدة.ولم تتبق في هذا العالم اليوم إلا إسرائيل، التي اتضح أنها تتعلم وتقرأ جيداً في كتاب العنصرية، وتحاول التكيف مع معطيات العصر، حتى لو شكلياً، ولم تبق داعماً بقوة لمنطقها العنصري إلا أميركا ودول صغيرة.الأهم في هذا الأمر أننا، نحن العرب والمسلمين، من أنزل بإرادتنا فلسطين من أولوياتنا، وتفرغ بعضنا لتصفية البعض تحت مسميات ومبررات لا تنتهي، وبالتالي لن يكون صعباً على نظام عنصري صهيوني أن يدس تحت السجادة قضية عادلة تدعمها الكثير من دول العالم.نحن مقبلون كما يبدو على انتفاضة فلسطينية جديدة، وهو الأمر المتوقع من نظام قمعي عنصري كالنظام الإسرائيلي، ولا يبدو أن ذلك في طريقه إلى التغيير.