نعيمة عاكف... التمر حنة (26)

نشر في 13-07-2015 | 00:01
آخر تحديث 13-07-2015 | 00:01
{يوم في العالي}
عرض {بحر الغرام} للمخرج حسين فوزي، في أول فبراير عام 1955، ثم بعده مباشرة فيلم {مدرسة البنات} للمخرج كامل التلمساني، في 7 فبراير من العام نفسه، ليعرض لأول مرة فيلمان لنعيمة عاكف في وقت واحد. ورغم كل ما حاولت نعيمة تقديمه في {مدرسة البنات} من فنون الرقص والاستعراض والغناء، ورغم أنه الموضوع الأقرب إلى ما قدمته في أفلامها، ورغم سعادتها به حيث أطلقت العنان لكل ما لديها من فنون، إضافة إلى إشادة عدد من النقاد والصحافة الفنية به، ورغم أنه الأحدث في دور العرض... حدث ما لم يتوقعه أحد، بمن فيهم صانعو الفيلمين، فلم يشهد {مدرسة البنات} الإقبال الذي شهده {بحر الغرام} الذي عرض قبله بأسبوع، ولم يحقق الإيرادات التي حققها.

رغم سعادة نعيمة بوجود فيلمين لها في دور العرض، فإنها وقفت حائرة أمام عدم تحقيق فيلم «مدرسة البنات» النجاح المرجو منه، مع أنها قدمت من خلاله كل ما يمكن من أغان واستعراضات، فضلاً عن الخط الرومانسي، الذي لم يعتده الجمهور في أفلامها، وهو ما أخذه عليها بعض النقاد، إذ أشاروا إلى أن الفيلم أقرب إلى نوعية أفلام شادية أمام كمال الشناوي، أو غيره من نجوم المرحلة، فابتعدت به عن روح نعيمة عاكف المليئة بالحركة و{الشقاوة» والأكروبات، في الوقت الذي شعر فيه حسين فوزي بالزهو لنجاح فيلمه في مواجهة ما كانت تعتبره نعيمة خطا جديدا ستقدمه في السينما، بعيداً عن «خلطة» حسين التقليدية، التي قدمها من خلالها في أغلب أفلامها بما في ذلك فيلم «بحر الغرام»:

* أنا ماقولتش كدا خالص... ولا عمر جه على بالي مقارنة من أي نوع بينك وبين أي حد اشتغلت معاه... أنت بالنسبة لي شيء مختلف.

= شيء مختلف... أنا بقيت شيء.

* حسين أنا مش قصدي كده... انت عصبي ليه وواقف لي على الواحدة؟

= مين قال إني عصبي... لكن أنا ماتحطش في مقارنة مع أي حد تاني.

* حبيبي أي نجاح بحققه حتى لو بعيد عنك لازم ينسب ليك... لأنك صاحب الفضل الأول لأي نجاح بحققه... أنت اللي علمتني يعني إيه سينما... وأنا بقول الكلام ده في كل مناسبة... وعلى استعداد أقوله قدام العالم كله... وفخورة بده.

= يا نعيمة أنا متفهم الموقف كويس... لكن يظهر أنك أنت بتنسي... أنا سبقت ونبهتك أن الجمهور حب نعيمة عاكف... علشان كدا بيكون دايما عايز يشوفك أنت على الشاشة... مش عايز يشوف شادية ولا ليلى مراد... ولا حتى فاتن حمامة... عايز يشوف نعيمة عاكف اللي أنا قدمتهاله.

* أنا فاهمة قصدك كويس يا أستاذ... بس جمهوري أنا واثقة منه بيحب يشوفني في أي شكل ممكن أقدمه... زي ما قلت بيحب نعيمة عاكف.

= دا غرور يا نعيمة.  

* ياه... أنت لسه لحد دلوقت ماعرفتنيش... أنا آخر فنانة ممكن يصيبها الغرور... عموما خلينا نقفل الموضوع ده... أنا مش عايزاك تزعل مني... لأني مش ممكن أزعل أستاذي وحبيبي... يلا بقى عايزة مش عايزين نضيع وقت ونشوف حاجة جديدة نرجع بيها للجمهور سوا.

= إيه آه... معلش يا حبيبتي مش هاينفع دلوقت لأني اتفقت على فيلم جديد.

* كدا... طب حلو أوي مبروك... ويا ترى مين النجمة ولا النجم.

= لا مافيش لا نجمة ولا نجم... أنا قررت أجيب ولاد ماحدش يعرفهم... وهاعمل منهم نجوم.

رغم محاولة نعيمة تهدئة الأجواء بينها وبين حسين فوزي، فإنه كان من الواضح أن هناك شرخا قد حدث في العلاقة بينهما، نعيمة تبحث عن النجاح بعيدا عن حسين حتى تثبت لنفسها أنها هي من تنجح وليس حسين، في الوقت الذي يرفض فيه حسين أن يصدق أنها يمكن أن تنجح بدونه، فأراد أن يثبت لها أنه مثلما صنع نجوميتها، قادر على أن يصنع نجومية آخرين، ولم يكن أمام نعيمة سوى الانتظار حتى ينتهي من مهمته الجديدة... غير أن انتظارها لم يطل، حيث كان هناك نجاح جديد في انتظارها لم يخطر لها على بال.

نجمة مصر

منذ تولى الزعيم جمال عبد الناصر، رئاسة مجلس قيادة ثورة يوليو، وأصبح الرئيس الثاني للجمهورية بعد استقالة اللواء محمد نجيب، في 4 فبراير 1954، راح يزور العديد من دول العالم، فوجد أنه كلما زار بلدا يقدمون له شيئا من  فنونهم الشعبية، والذي يعبر بشكل واضح عن هوية هذه الدولة أو تلك، ففكر في أهمية أن يكون لمصر فنونها الشعبية، وأن يخرج للناس الفلكلور المصري الثري، ويصنعون من خلاله فنا مصريا خالصا، يعبر عن أصالة الشعب المصري وتاريخه المليء بالفن والثقافة، فلم يجد أفضل من الكاتب والأديب يحيى حقي، لجسارته الفكرية والإبداعية، فضلا عن انحيازه إلى أهل «الحارة» منذ مولده في حي السيدة زينب، كما أنه كان منحازا للحرية، مناوشا بقلمه كل أشكال الفساد والظلم، وأحيانا يمارس النقد السياسي، وليس الجمالي فحسب، مثقفا محبا لكل أنواع الثقافة والفنون، وفوق كل ذلك معتزا بمصريته وعاشقا لوطنه، فكلفه المفكر فتحي رضوان وزير الإرشاد- الثقافة- بإنشاء مصلحة الفنون، ولم يتردد يحيى حقي، وقام على الفور بإنشاء المصلحة عام 1955 برئاسته وجمع فيها أكبر عدد من الأدباء والفنانين مثل عبد الرحمن صدقي، ونجيب محفوظ، وعلي أحمد باكثير، ثم انضم إليهم نعمان عاشور، كما استعان بعاشق الفن الشعبي، وصديقه المقرب الفنان «زكريا الحجاوي» الذى يوصف بأنه يملك مفاتيح ودليل العمل الميداني الشعبي.

كان من بين أهداف المصلحة تقديم عمل فني استعراضي غنائي ضخم، فاتجه تفكير زكريا الحجاوي إلى تقديم عمل مسرحي، يقدم من خلاله التراث والفلكلور المصري الأصيل، من غناء ورقص واستعراض، ففكر في تقديم الأوبريت المسرحي «يا ليل يا عين» والذي جمع الحجاوي مادته من «ياقوت الحلاق» بالإسكندرية واستلهمه وقدم له صياغة مسرحية، ووقع الاختيار على المخرج والرائد المسرحي زكي طليمات ليقوم بإخراج الأوبريت، لتأتي مرحلة اختيار من سيقومون بتقديمه على خشبة المسرح:

- مافيش غيرها... عفريتة السينما المصرية نعيمة عاكف.

= هايل طبعا يا أستاذ زكي... بس أعتقد نعيمة ماعملتش مسرح قبل كدا.

- هي صحيح ماأشتغلتش على المسرح بس طالعة من السيرك... وأفضل واحدة ترقص استعراضات وكمان صوتها مش بطال... وفوق ده وده ممثلة هايلة... يعني فنانة شاملة... كاملة من مجاميعه

= أيوا بس كدا عايزين راقص... ومتهيألي دي مهمة صعبة شوية.

- ولا صعبة ولا حاجة... أعتقد أن علي رضا هايكون مناسب جدا... بيرقص هايل وكمان ممثل معقول.

= عال عال... كدا مش ناقص غير المطربين ودول بقى عليا... أنا محضرلك كام صوت جديد بس هايلين جداً.

أشار علي رضا عليهما بالاستعانة بشقيقه الأصغر محمود رضا، ليس لعدم رغبة منه في المشاركة في الأوبريت، أو لانشغاله بالسينما سواء بالتمثيل أو كما يحرص على تعلم الإخراج، إنما من أجل إعطاء الفرصة لشقيقه الأصغر محمود رضا، الذي يعد بمثابة تلميذه الذي أحب الرقص وتعلمه من خلاله.

تقدير وتكريم

لم يصدق محمود رضا نفسه، فالفرصة التي طالما حلم بها أتت إليه دون سعي أو عناء، سيشارك في أوبريت غنائي ضخم، من إخراج الرائد المسرحي الكبير زكي طليمات، بل سيقف أمام أكبر نجمة استعراضية في مصر... نعيمة عاكف، إضافة إلى المطربين كارم محمود وشهر زاد، كما لجأ زكي طلميات إلى معهد التمثيل فاستعان بالمخرج أحمد زكي والفنان فاروق الدمرداش للمشاركة كراقصين، كما تم الاستعانة لقيادة الفرق الموسيقية بالموسيقار عبد الحليم نويرة، والموسيقار علي إسماعيل، فضلاً عن عدد ضخم من المغنين الشعبيين وعازفي الربابة والأرغول الكولا والسلمية والسمسمية والكمان البلدي والإيقاعات، أحضرها زكريا الحجاوي ممن يشاركون في الموالد والاحتفالات الشعبية.

كانت الرواية تقع في أربعة فصول، تقوم جميعها على الرقص والاستعراض، فاختار المخرج زكي طليمات مصممة رقص فرنسية لتصميم رقصات الأوبريت، حيث يتضمن رقصات «فلاحين وصيادي سمك وجنية البحر»، غير أنها لم تفلح في تصميم الرقصات التي لابد أن تخرج من صميم البيئة المصرية، وكلما جاء الوزير فتحي رضوان ليشاهد مقدمة العرض قبل فتح الستار لا يعجبه تصميم الرقصات:

= كويس بس الرقصات مافيهاش الروح المصرية... تحس أنهم فلاحين وصيادين من «الشانزليزيه»... أعتقد أن الأفضل يبقى مصمم مصري... وأعتقد أن محمود رضا ممكن يقوم بالمهمة دي... شكله فاهم كويس.

أسندوا مهمة تصميم الرقصات لمحمود رضا فقام بتصميم رقصات الأوبريت وقدم رقصات الفلاحين، وتحطيب الصعيد، فضلا عن رقصات صيادي السمك، لينجح الأوبريت بشكل غير متوقع، حتى أنه استمر يعرض يوميا وبشكل متواصل لمدة أربعة أشهر على خشبة دار الأوبرا المصرية، كانت تستقبل فيها نعيمة كل ليلة عاصفة من التصفيق لم تسمع مثيلها من قبل، لتضيف إلى جمهورها جمهورا جديدا، من الطبقة المثقفة، والذي يختلف إلى حد كبير عن جمهورها السينمائي الشعبي، فباتت نعيمة نجمة كل الشعب، فشعرت بسعادة لم تشعر بها من قبل، وتوج هذا النجاح، بأن تقرر أن تسافر هذه الفرقة التي قدم بها زكي طليمات الأوبريت، إلى الصين ليمثل الأوبريت مصر في مهرجان الصين للفنون الشعبية، حيث كلف الرئيس جمال عبد الناصر الوزير فتحي رضوان بأن يكون في وداع البعثة قبل سفرها في مطار القاهرة، ليبلغ أعضاءها تحيات الرئيس وعلى رأسهم نعيمة عاكف بطلة العرض:

= سيادة الريس بيبلغكم تحياته... وبيقولكم إنه عنده ثقة كبيرة فيكم أنكم هاترفعوا اسم مصر.

شعرت نعيمة عاكف بأن الدولة والرئيس يكرمانها بهذا الاختيار، لتسافر البعثة في سبتمبر 1956، حيث حرصت على بذل كل ما لديها من عطاء فني، حتى أنها كانت حديث المهرجان وكل الفرق المشاركة، لتضع مصر، ولأول مرة على خريطة الفنون الشعبية العالمية.

لم تعد نعيمة إلى مصر كما سافرت، حيث تغير لديها الكثير من المفاهيم والأفكار، شعرت بأن لديها الكثير لتقدمه، وأنها وصلت إلى مرحلة من النضج الفني، ما يمكنها من أن تملأ الدنيا بفنها، غير أن سعادتها لم تكتمل بحدثين وقعا فور عودتها، حيث انتهز الكيان الصهيوني الفرصة، عندما تلاقت مقاصد الاستعمار الغربي مع مقاصدها، بعد إعلان الرئيس جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس في 26 يوليو 1956، واتفقت على مؤامرة مع كل من إنكلترا وفرنسا، وهاجمت الحدود المصرية في 29 أكتوبر من العام نفسه، وأنذرت الدولتان الاستعماريتان كلاً من مصر وإسرائيل بوقف القتال والوقوف على بعد أميال من جانبي قناة السويس، فرفضت مصر الإنذار، وهاجمت القوات الاستعمارية منطقة القناة، وانضم الفدائيون من أبناء الشعب إلى الجيش المصري ضد القوات الغازية في بورسعيد، فنددت الأمم المتحدة بالعدوان على مصر، كما ضغطت الولايات المتحدة على كل من إنكلترا وفرنسا، وهدد الاتحاد السوفيتي بالتدخل، فاضطرت الدول المعتدية إلى سحب قواتها، لتنتصر إدارة الشعب المصري، وتجد نعيمة نفسها أمام اعتداء من نوع آخر.

أوفى حسين فوزي بوعده الذي أقره أمام نعيمة عاكف، بأنه سيقدم مجموعة من الوجوه الجديدة في فيلم سينمائي، حيث اختار ثلاث فتيات من فتيات السيرك، هن الأخوات بغدادي (نوال ووفاء وسميحة) أشهرهن «نوال» التي سبق وشاركت أمام نعيمة في أكثر من فيلم، لتقدم إلى جوارها مجموعة من ألعاب الأكروبات. ولم يكن اختيارهن وتقديمهن في فيلم يمثل أية مشكلة لنعيمة، غير أنه اختار أن يقدم إلى جوارهن الفنانة الشابة برلنتي عبد الحميد، التي شاركت في عدد من الأفلام من  خلال الأدوار الثانية، في محاولة منه لصنع نجمة جديدة منها إلى جانب «الأخوات بغدادي»، من خلال توليفة أقرب إلى تلك التي قدم من خلالها نعيمة، حيث الثلاث فتيات «دوسة وبوسة ونوسة» اللاتي يرحل والدهن «سيد أبو العز» صاحب سيرك «هز يا وز» في أميركا، ويترك ثروة كبيرة تقدر بنصف مليون جنيه، وترك وصية لوكيل أعماله المحامي «درويش» بتسليم الثروة والبنات لابن عمهن «هايص» في القاهرة، على أن تنفذ الوصية على ثلاث مراحل: الأولى اختبار حنانه نحو بنات عمه، والثانية إعطاؤه الفرصة لدراسة أحوال الناس نحوه عندما تكون لديه ثروة، فإذا اجتاز المرحلتين السابقتين تسلم له الثروة والبنات، لينجح {هايص} في المهمة ويتزوج كبيرتهن {دوسة}، بعد أن يكتشف زيف حبه للراقصة {زهور} التي حاولت تحريضه على سرقة ميراث بنات عمه.

استعان حسين فوزي في الفيلم إلى جانب الثلاثي بغدادي، بعبد السلام النابلسي في دور {هايص} والسيد بدير في دور درويش المحامي، وبرلنتي عبد الحميد في دور الراقصة زهور، غير أن ما أسعد نعيمة أن الفيلم لم يحقق النجاح الذي كان يأمله حسين فوزي دون وجودها، ليتأكد لكل منهما أن كليهما مكمل للآخر، ليس في الفن فقط، بل الأهم في الحياة أيضاً، حيث حرصت نعيمة على تهنئة زوجها بالفيلم:

= أنا عارف أنت عايزة تقولي إيه... لك حق طبعا... مين يوصل لمستوى فنانة المهرجانات الدولية نعيمة عاكف.

* أوعى تقول أي حاجة ممكن تزعلني منك... لازم تكون متأكد أنه مافيش حد في الدنيا ممكن يفرح لفرحك... أو يحزن لأي شيء ممكن يضرك زيي.

= أيوا عارف.... واللي أنت عايزة تقوليه وصلني من غير ما تتكلمي.

* صحيح أنا ممكن أغير من فيلم حلو تعمله من غيري.... لكن عمري ما أتمنى أنك تعمل حاجة وتفشل فيها.... ولا أنت نسيت الكلام اللي كنت دايما تقولهولي.

= كلام إيه؟

* نجاحك هو نجاحي... واللي يمس اسمي يمس اسمك.

= تقومي تكسري كلامي... وتاخد قرارك بالسفر من غير ما تخدي رأيي.

* مش صحيح... أنا قولتلك... وكمان ماكنش ينفع أرفض السفر.

= عموما اللي حصل حصل... ننسى اللي فات.

* كدا من غير ماتباركلي على نجاحي

= مين قال كدا... أنا كنت فرحان جدا بأخبارك ونجاحك.

* وأنا كنت بقول للدنيا كلها إن الفضل كله لأستاذي وجوزي وحبيبي.

= طب سبينا دلوقت من نجاحي ونجاحك... وخلينا نفكر في اللي جاي

* وأنا جاهزة.

البقية في الحلقة المقبلة

محمود رضا

يعتبر محمود رضا رائد الرقص الشعبي المصري وقد أحب «الجمباز» بسبب حبه للرقص، وعندما بلغ السابعة عشرة من عمره، بدأ يشاهد الأفلام الاستعراضية الأميركية، حتى أنه كان يشاهد الفيلم ما يقرب من ثلاثين مرة، ثم يخرج ليبحث عن مكان مظلم يجرب فيه ما شاهده من رقصات قبل أن ينساها، بعدها ، حتى أنه وصل إلى اللعب في الدورة الأولمبية في هلسنكي عام 1952، وهو لايزال طالبا في الجامعة، غير أنه لم يكتف بذلك، فبدأ يذهب إلى مدارس الباليه التي تعمل على تعليم الأطفال، ليتعلم مبادئ الباليه، حتى حصل على بطولة أخرى في الجمباز عام 1953، ثم قادته الصدفة لحضور عرض راقص لفرقة أرجنتينية عام 1954، فذهب لمصافحتهم بعد العرض، وقام بالرقص أمامهم فقاموا بضمه لفرقتهم، وعقب الانتهاء من امتحان البكالوريوس سافر معهم لعدد من الدول الأوروبية، وبينما يقدم مع الفرقة عروضها في باريس سأل نفسه: لماذا أقدم رقصاً أرجنتينياً؟ لماذا لا أرقص من الفلكلور المصري؟

بعد ستة أشهر قضاها مع الفرقة، عاد إلى مصر مطلع العام 1955، ليؤسس فرقة تقدم الفلكلور المصري، ورغم شروعه بالفعل في تأسيس الفرقة، فإنه كان لا بد من أن يكون لديه مصدر دخل ثابت بعد زواجه، فبدأ يبحث عن عمل، فعمل في شركة بترول بمدينة السويس. ورغم أنه لم ينس الرقص وراح يعلم أبناء الجاليات الأجنبية بالشركة، فإنه خضع للأمر الواقع وأرجأ فكرة تأسيس الفرقة، حتى وصله تلغراف من يحيى حقي رئيس مصلحة الفنون يطلب منه الحضور لمقابلته فوراً، مؤكداً له أن المصلحة ستنتدبه من شركة البترول التي تعمل، مقابل خمسين جنيهاً شهرياً.

back to top