«ارتياح» أميركي لانزلاق روسيا إلى «المستنقع السوري»
أكد مسؤولون أميركيون الأنباء التي تحدثت عن استعداد الجيش الروسي لبدء عملية برية واسعة في سورية، حددت الضربات الجوية التي نفذتها مقاتلاته في محافظتي إدلب وحماة وحمص مداها الجغرافي.وأضاف هؤلاء أن تنفيذ تلك العملية دخل مراحله النهائية عبر الاستعدادات اللوجستية المكثفة بمشاركة خليط عسكري من ميليشيات إيرانية وعراقية ولبنانية، آخذاً في الاعتبار حملة «التطوع» الشعبية التي انطلقت في روسيا نفسها، تمهيداً لتحويل هذا التدخل أمراً مشروعاً دفاعاً عن أمن روسيا، على ما أعلنه رئيس الوزراء ديمتري ميدفيديف قبل أيام.
وعبّرت تلك المصادر عن «ارتياحها» للمسار الذي بدأت تأخذه عملية الانزلاق الروسية نحو «المستنقع السوري»، في ظل إغلاق الرئيس الروسي قنوات التواصل السياسي، اعتقاداً منه أن الفرصة سانحة لفرض أجندته في سورية.وتعتقد تلك الأوساط أن مهلة الأشهر الثلاثة أو الأربعة، التي حددتها موسكو لنفسها لإحداث تلك التعديلات، قد تتحول إلى سنوات، في ظل خلط الأوراق الجاري في المنطقة، فاللاعبون الإقليميون الآخرون باشروا من ناحيتهم رسم خطوط الاشتباك والمصالح، في ظل استعداداتهم لتقبل حد معقول من التكلفة السياسية والعسكرية لتثبيت تلك الخطوط.تركيا بهذا المعنى كانت ساحة الاختبار الأولى حين تلقفت إشارات الرئيس الأميركي باراك أوباما عن استعداده للتفكير في إمكانية الموافقة على شكل ما من أشكال المنطقة الآمنة شمال سورية. وبحث رئيسها رجب طيب أردوغان أمر إقامتها مع الأوروبيين أمس الأول، ما استدعى رداً من روسيا عبر قيام مقاتلاتها بخرق أجوائها الجنوبية، والتحرش بطائرات دورية تركية، تبعهما حملة ردود شارك فيها رئيس الوزراء التركي، ونائب وزير الخارجية الروسي. تضيف تلك الأوساط بأن أطرافاً أخرى قد تبادر إلى خطوات تصعيدية في محاولة لرسم حدود الدور الروسي، خصوصاً أن تأليب الرأي العام الإسلامي لا يحتاج إلى جهد كبير، في ظل الاستنفار الذي تعيشه المنطقة، والفوضى التي لا يعرف حتى الساعة كيف ستتمكن موسكو من التعامل معها في الأشهر المقبلة.وتسأل تلك الأوساط كيف يمكن لموسكو حماية «الحرب المقدسة» في سورية، كما وصفها بيان الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، في مواجهة حروب «الجهاد» التي ستعلن ضدها، في وقت تدرك القيادة الروسية أن نحو 40 في المئة من جيشها هو من المسلمين السّنة؟ولعل فتح باب التطوع محاولة لعدم الزج بالوحدات النظامية للتخفيف قدر الإمكان من انعكاسات هذه الحرب على النسيج السياسي والاجتماعي الروسي، المعاني أصلاً من تبعات الأزمات السياسية والمعيشية الضاغطة.هناك مراقبون يرون أن موسكو التي أعلنت أن تدخلها هو لحماية النظام السوري وضمان موقعه في أي عملية سياسية مقبلة، ستعمل على تعميق هذا الهدف وتمويهه بإعلان استعدادها لتوسيع غاراتها إلى العراق، لاستهداف تنظيم الدولة الإسلامية شكلاً، بينما حملتها العسكرية الفعلية في سورية ستركز على إضعاف المعارضة السورية من دون «داعش».غير أن النتيجة العملية لهذا التوجه تعني أن الميليشيات الشيعية والإيرانية التي تقاتل اليوم في العراق، خرجت عملياً من المواجهة الدائرة ضد «داعش»، بينما تعليق القوات الأميركية عملياتها الجوية، سواء لاستعادة الأنبار أو أي منطقة أخرى، لن يتم في أي مدى قريب، قبل وضوح صورة المنطقة بعد التدخل الروسي الذي لم يطح فقط بالستاتيكو القائم بل زاده تعقيداً.