أقامت المدربة ريهام الرشيدي، قبل أيام، مؤتمراً هو الأول من نوعه، جاء خفيفا وظريفا يدعو إلى رجوع المرأة إلى أنوثتها، استضافت فيه أبرز الشخصيات في مجالها كالدكتورة فوزية الدريع، التي قدمت محاضرة بعنوان: "الحمدلله لسنا رجالاً!"، كما استضافت العالم الفيزيائي والباحث والمفكر الإسلامي د. علي الكيالي الذي تحدث عن "نظرة الإسلام للمرأة"، وسط طاقة إيجابية من الحاضرين، فدعوني أحدثكم عن أهم ما استفدته من هذا المؤتمر الذي ندعو جميع الجهات إلى الحذو حذوه.
هز د. الكيالي قناعات أغلب الحضور، إذ كشف الغطاء عن معان ومفاهيم دست السم في فهمنا بشأن ديننا بشكل مغلوط لسنوات عديدة، بحجة أن هذا ما وجدنا آباءنا وأجدادنا عليه، وبين ضحالة كثير من مشايخ الدين العاجزين عن البحث والتبصر العميق في فهم معاني القرآن الكريم، وكسلهم في التقصي وراء النص القرآني الواجب أن نستقي منه أحكام ديننا، لأن القرآن صالح لكل زمان ومكان. تطرق د. الكيالي إلى مفهوم التفاضل بين الذكر والأنثى، حينما تناول قوله تعالى في "فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَىٰ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنثَىٰ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ"، وبيّن أن في الآية جملة اعتراضية "والله أعلم بما وضعت" هذا قول الله، وقول: "وليس الذكر كالأنثى" قول زوجة آل عمران، وأوضح أن الله تعالى بعلمه السابق كان يريد أن يخرج من نسل تلك العائلة المؤمنة رسولاً من أولي العزم يدعو إلى دين الله، لذا جعله من تلك الأنثى التي نذرتها أمها لله متوقعة أن يأتي المولود ذكراً، لكنها وضعت أنثى، غير أن الله هو مدبر الأمور إذ اصطفاها لتكون أم رسول عظيم.أما زكريا عليه السلام فعندما دعا ربه بأن يرزقه الذرية، قال عنه ربه: "فَنَادَتْهُ الْمَلَائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرَابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَىٰ مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِّنَ الصَّالِحِينَ"، والحصور هو الذي يمتنع عن الزواج والاقتران بالنساء، وكذلك عندما سأل سيدنا إبراهيم الذرية قال له: "فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ"، مما يدل أن مع كل ذكر هناك بلاءً وشدة وتمحيصاً للنفس وصبرا، كما يوضح أفضلية الأنثى على الذكر "لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذُّكُورَ"، ويوضح أن مشيئة الله تأتي معها الإناث فهي عطاء إلهي مبارك، بينما البشر يريدون الذكور، وذلك بسبب البرمجات الخاطئة وثقافة ووعي مجتمع بأن المولود الذكر أفضل، فأميتت الأنوثة في النساء. وتطرق الكيالي إلى مفهوم القوامة المغلوط لدى الكثير من الرجال، إذ يرونها غطرسة وتجبراً وتسلطاً، وكأن المرأة متاع في المنزل، ويرى أن الله، سبحانه، يقيم الكون لأجل قتل امرأة ظلماً بدليل قوله تعالى: "وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ". ولم يغفل د. الكيالي، وكذلك الدريع، عن اتهام النساء بأنهن "ناقصات عقل ودين"، واستشهد بقوله تعالى حكاية عن بلقيس "قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ"، حيث تبرز هذه الآية رجاحة عقله وتمتعها بفهم مبادئ الشورى وتقديرها للملأ من حولها، بينما فرعون يستخف بقومه "وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي"، فهنا يظهر عدم استشارته قومه ويبرز حكمه المبني على الغطرسة والتجبر. أما الدكتورة الدريع، فرأت أنه ليس من المنطق أن يقول رسولنا الكريم "أمك ثم أمك ثم أمك" ليأتي في حديث آخر يقول "ناقصات عقل"، بينما بين الدكتور الكيالي أن هذا الحديث مجروح، وأن ثقافة المجتمع هي التي برمجت المرأة على أنها مخلوق ضعيف، وأنها مكسورة الجناح مع تفضيل الذكر عليها. وأوضح أن الرجل يظل في نقص وبحاجة إلى المرأة أكثر مما هي في حاجة إليه، لذلك وضع الله الحور العين في الجنة. دعوة إلى عودة المرأة إلى أنوثتها والحد من طغيان الذكورة في المجتمعات، وهذا ما أكدته المدربة ريهام في نهاية ندوتها، فكل الشكر لها على هذه اللفتة الجميلة.
مقالات - اضافات
برمجات مدمرة
31-10-2015