لم يكن دونالد ترامب هو نفسه خلال الساعات الثلاث التي وقفها أمام منافسيه الجمهوريين في المناظرة الثانية، التي جرت في مكتبة الرئيس الراحل رونالد ريغان في ولاية كاليفورنيا مساء أمس الأول.

Ad

كان عليه تلقي سيل الهجمات من كل الجهات، فمنافسوه اقتنعوا بأن الاستخفاف بقدراته قد يفقدهم السباق.

وقد يحتاج الأمر إلى بضعة أيام أو أكثر لمعرفة نتائج تلك المناظرة وانعكاسها على أداء المتنافسين، مع تأكيد مراقبين عديدين أن «لحظة» ترامب قد انتهت.

لكن هناك من يحذر من أن أداء ترامب في المناظرة الأولى لم يكن مختلفاً عن أدائه أمس، ورغم ذلك حقق قفزات صاروخية في استطلاعات الرأي، معززاً تقدمه على منافسيه.

وظهر جلياً أن ثقافته في السياسة الخارجية ضحلة، خصوصاً أمام أعضاء مجلس الشيوخ وحكام الولايات الذين ينافسونه، أمثال ماركو روبيو، وتيد كروز، وجيب بوش، وسكوت واكر.

في المقابل، صعد نجم المرشحة كارلي فيورينا التي وضعتها التعليقات والتحليلات الأولية في المرتبة الأولى بالنسبة إلى أدائها خلال المناظرة الثانية.

وكان أداء فيورينا لافتاً في نقاش قضايا السياسة الخارجية، خصوصاً حين تحدثت عن الاتفاق النووي مع إيران أو عن كيفية مواجهة طموحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ونالت من ترامب حين ردت على تعليقاته حول شكلها بقسوة، بينما رد هو بلطافة بطنت هجوماً جديداً غير مباشر قائلاً إنها امرأة جميلة، وإن لديها وجهاً جميلاً.

وقد أظهرت المناظرة أن شقة الخلاف تتسع في أوساط الجمهوريين، مع تصاعد الرغبة في استبعاد الوجوه التقليدية ودعم المرشحين من خارج تلك البطانة.

أما جيب بوش، المرشح المفضل لدى القيادة الجمهورية، فلم يتمكن من استعادة زمام المبادرة؛ سواء أمام ترامب أو منافسيه الآخرين، خصوصاً تجاه فيورينا التي أظهرت حنكة وشخصية صلبة إزاء عشرة رجال ينافسونها على منصة المناظرة.

وبدا واضحاً أن الحزب الجمهوري يدفع حثيثاً بفيورينا كحصان منافس أمام هيلاري كلينتون التي أظهرت أرقام الاستطلاعات الأخيرة أن نسبة تأييدها في صفوف النساء البيض تراجعت من 71 إلى 42 في المئة، الأمر الذي دفعها إلى التراجع على المستوى العام.

ومع إدراك الحزب الجمهوري هذه الحقيقة وعدم اطمئنانه لحظوظ ترامب أو أدائه مستقبلاً، فإن الرهان على كارلي فيورينا القادمة من خارج الطبقة السياسية المعروفة يصبح أمراً بديهياً ومضموناً.

على الأقل هذا ما أشارت إليه ردود الفعل الأولى على المناظرة، بينما الجميع ينتظر أرقام الاستطلاعات الجديدة لمعرفة اتجاهات الرأي العام لدى الجمهوريين.

الأرقام الأخيرة كانت تشير إلى أن ترامب يحظى برضا 54 في المئة من احتمالات التصويت لدى الجمهوريين، لكنه لا يحظى بأكثر من 33 في المئة على المستوى الوطني.

اليوم وبعد المناظرة الثانية، من الصعب التكهن بأن ترامب سيواصل الاحتفاظ بهذه النسب، غير أن حجم الغضب من السياسيين ومن الطبقة التي قالت فيورينا إنها لم تعد تدرك طريق خروجها من «السيستم» الذي يتحكم في السياسيين، قد يبقي الناخب الأميركي على خياراته بعدما حسم أن الرهان على رئيس جديد يقود الولايات المتحدة يجب أن يكون من خارج تلك الطبقة السياسية.