حول إصلاح التعليم وتغيير مناهجه

نشر في 23-09-2015
آخر تحديث 23-09-2015 | 00:01
 د. بدر الديحاني إن السعي إصلاح التعليم وتطويره من فترة زمنية إلى أخرى بما يتضمنه ذلك من تغيير للمناهج الدراسية وطرق التدريس أمر طبيعي لدى المجتمعات المتقدمة، وذلك لمواكبة الاكتشافات العالمية الجديدة، والنظريات الحديثة، والتغيرات المتسارعة، لكن هذا يتناقض مع القوى المحافظة وتيارات الإسلام السياسي التي ترفض التطور وتكره التقدم.   

المجتمعات البشرية لا تعرف الثبات، فهي في تغير مستمر، وبالتالي فإن احتياجاتها مُتجددة وأهدافها العامة مُتغيرة، وهو الأمر الذي ينبغي أن تعكسه المناهج التعليمية، وإلا أصبحت متخلفة وعديمة الفائدة ومكلفة اقتصاديا واجتماعيا وسياسيا؛ لهذا فمن الطبيعي إصلاح التعليم وتطويره من فترة زمنية إلى أخرى بما يتضمنه ذلك من تغيير للمناهج الدراسية وطرق التدريس وأساليبه، ليس لمواكبة الاكتشافات العالمية الجديدة، والنظريات الحديثة، والتغيرات المتسارعة التي تحصل في عالم اليوم فحسب، بل أيضا كي تلبي الاحتياجات المتغيرة باستمرار لخطط التنمية الشاملة.

إن رفض عملية تحديث المناهج وتطويرها أو تغييرها جذريا، إن تطلب الأمر، هو موقف قوى وتيارات ترفض عملية التغير الاجتماعي وتحاول، بقدر استطاعتها، الإبقاء على البنى الاجتماعية القديمة التي انتهت صلاحيتها، وبالتالي، فهو موقف متخلف عما تشهده البشرية من تطور وتقدم، ولعلنا نلاحظ أن القوى الاجتماعية والسياسية التي ترفض تغيير المناهج التعليمية هي القوى المحافظة وتيارات الإسلام السياسي التي سيطرت لسنوات طويلة وما زالت، بدعم من السُلطة السياسية ورعايتها، على لجان المناهج التعليمية في وزارة التربية "ففصّلتها" حسب نظرتها المحافظة، وبما يخدم مصلحتها ورؤيتها السياسية التي ترفض التطور وتكره التقدم، لذلك فإنها تُستفز وتبدي استياءها بمجرد ذكر موضوع تغيير مناهج التعليم وتطوير أساليبه، مع أن ذلك شيء طبيعي جدا كما ذكرنا آنفا.

والجدير بالإشارة أن تطوير المناهج التعليمية أو تغييرها هو جزء من السياسة التعليمية التي يفترض أن تُصاغ، كسياسة عامة لا مجرد اجتهادات فردية تأتي دائما كردة فعل على حدث معين، بحسب أهداف خطط التنمية الشاملة واحتياجاتها المتجددة، بحيث لا تكون مفصولة عنها وإلا فقدت جدواها ومبرر وجودها، وأصبحت عبئا ثقيلا على المجتمع.

 أضف إلى ذلك أنه لا يمكن إصلاح التعليم، كما هو الاقتصاد، ما دامت المنظومة السياسية فاسدة أو متخلفة لأن التعليم ومناهجه هما ببساطة انعكاس لرؤية الإدارة السياسية ومشروعها الذي من المفترض أنه يستهدف تطوير المجتمع وتوفير احتياجات التنمية المستدامة، ومن المستحيل أن تقدم الإدارة العامة المُتخلفة والرجعية سياسة تعليمية متطورة أو تقدمية، كما أنه لا يمكن أيضا أن يكون هناك تعليم متطور ونوعي في ظل استشراء الفساد السياسي المؤسسي.

 لهذا فإن إصلاح التعليم وتغيير المناهج التعليمية ينبغي أن يكونا حزمة متكاملة (سياسة عامة) تلبي احتياجات التنمية المستدامة، وتكون جزءاً لا يتجزأ من مشروع سياسي نهضوي، وعملية إصلاح سياسي وديمقراطي جذري وشامل من أجل بناء دولة مدنيّة ديمقراطيّة عادلة.

back to top