لا يدّعي الصحافي أو الكاتب أنه فوق النقد والحقيقة، ولا يدّعي أنه يعرف الحقيقة وحده والآخرون يجهلونها، ولا يدّعي أنه ملاك يجب أن يقول ما يحلو له وما يتمناه، بل يجب أن يرصد ويتحرى ما يكتبه عن الواقع الذي يعيشه ويراه بعينه ولا يتخيله.
أكتب عما يحدث في الوطن العربي بكل مناطقه التي تعيش أزمات الحرب والتشريد والنزوح واللجوء أو تعيش الرعب الأمني، فكم يحزنني أن أرى أغلب عناوين المحطات الإخبارية المتعلقة بالمحيط العربي تنحصر في سفك دماء، وتدمير، وتشريد، وظهور ميليشيات هنا وهناك تختلف في توجهاتها وأهدافها، فتجد من يحركها كما تشاء. أصبح واقعنا وقضايانا لعبة وضعت على طاولة الشطرنج، يتنافس عليها اللاعبون لتحقيق أطماعهم ومصالحهم وتأمين أنفسهم، مستخدمين الثورات المتعاقبة حجة للتسلل بين دهاليزها مندسين تحت جنح الظلام لتشكيل طوابير متفرقة بقيادات متعددة، لكنها ذات غاية واحدة هي اختراق الثورة، ثم السيطرة على قيادة بعض فصائلها حيث تتاح لهم الفرص والإمكانات، وهذا ما حصل في تونس وسورية، وها هي السنة الخامسة من مسيرة الثورات العربية وسفك الدم لا يتوقف، والدمار يزحف على المدن والأرياف ويحصد عشرات الآلاف ويشرد الملايين، في حين المجتمع الدولي يستسلم أمام زعماء هذه اللعبة.إن لم تكن كل هذه السيناريوهات التي تم إعدادها منذ خمس سنوات مؤامرة فكيف تكون المؤامرات؟ لم يكن الشعب السوري، ولن يكون حتما، في حالة انتظار الأساطيل الجوية والبحرية، أو الجيوش البرية لتخلصه من طغيان نظام نشأ واستفحل واستمر، وما كان يستمر لولا رعاية دولية منذ البدء، أي من الانتفاضة في مدينة درعا (18 مارس 2011 ) التي سمتها السلطة "انتفاضة صبيانية". فلم يكن في حساب عاقل أو في حساب أي مواطن عربي أو غير عربي أن سورية ستبلغ هذه المرحلة حتى يومنا هذا، فقد سمعنا الكثير والكثير من آراء وخبراء سياسيين حول نتائج ثورات الربيع العربي، فماذا يمكن أن تكون خلاصة مجمل الآراء؟ الجواب أصبح في حيرة من أمره، فالربيع يزهر أيضا في كهوف الظلام، وفي أقبية قيادات التكفير، والتفجير، والتهجير حيث تسيل الأموال، وترخص الأرواح ويختلط الحابل بالنابل!! إن من يعرف الجواب ربما يدرك أن المؤامرة بدأت على الربيع العربي من تونس إلى اليمن إلى سورية التيلا يزال شعبها يقاوم في الداخل، في حين شُرد الملايين من أهلها تاركين خلفهم بلادا عزيزة قهرها حكامها المستبدون والظلمة، فنسأل الله تعالى أن يعيد علينا هذا الشهر الكريم، وقد أصلح حال الأمة الإسلامية وجمع شتاتها، كما نسأل الله أن يحفظ الكويت وسائر بلاد المسلمين من كل مكروه.
مقالات
ثورات في دهاليز الظلام!!
04-07-2015