بينما لا تزال قضية سقوط الطائرة الروسية تهيمن على المشهد المصري، لاقت انتقادات الرئيس عبدالفتاح السيسي للإعلام تأييداً من صحافيين وسياسيين وسط تساؤلات عن عدم تطبيق التشريعات الخاصة بالإعلام.

Ad

بعد ساعات من كلمة غاضبة وجهها، أمس الأول، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي انتقد خلالها أداء الإعلام في بلاده، جاءت ردود الفعل الأولية من جانب إعلاميين وسياسيين مرحبة بالانتقادات، وإن حمل بعضهم الدولة مسؤولية عدم تنفيذ التشريعات المنظمة للإعلام وفقاً لدستور 2014.

وكان الرئيس أشار خلال كلمة ألقاها أمس الأول أمام الندوة التثقيفية للقوات المسلحة إلى عدة قضايا بينها الغلاء، واعدا بتدخل الجيش لحل أزمة ارتفاع الأسعار في غضون شهر.

وللمرة الأولى منذ توليه السلطة في 8 يونيو 2014، عبَّر الرئيس المصري بنبرة غضب واضحة، عن استيائه من طريقة تناول الإعلاميين لبعض القضايا والأزمات التي تمر بها البلاد، وقال في كلمة له، أمس الأول، خلال الندوة التثقيفية للقوات المسلحة: «عيب ولا يصح ما تقوله، وليست هذه هي الطريقة المثلى لتناول الأمور»، ردا على حديث تلفزيوني سابق للإعلامي خالد أبوبكر، قال فيه «إن السيسي يجلس مع رؤساء شركة سيمنز، وسايب البلد تغرق»، في إشارة إلى غرق شوارع مدينة الإسكندرية من جراء تعرضها لأمطار غزيرة الأسبوع الماضي.

وأضاف السيسي أن «الإعلام المصري به إعلاميون لا يفهمون شيئاً، وينشرون الجهل بين الناس، وسأشكوهم للشعب، لأنهم يتجاوزون ويعذبونني على أنني أقف هنا بينكم وأتولى المسؤولية»، وتابع: «هناك إعلاميون يضعون ميكروفونا أمامهم ويتحدثون بأي كلام، ويقولون كل حاجة فيها كارثة»، مضيفا أن المجال الذي يعملون به وهو الإعلام «مليء بالكوارث».

تأييد حكومي

إلى ذلك، أصدرت رابطة أعضاء مجالس إدارات والجمعيات العمومية المنتخبة بالمؤسسات الصحافية القومية، بيانا أمس، أكدت فيه اتفاقها مع حديث السيسي من أن الإعلام يعاني الآن مرحلة «كارثة»، وطالبت الرابطة السيسي بالتدخل شخصيا لسرعة إصدار التشريعات الموجودة حاليا بمجلس الوزراء، والمتمثلة في استبدال هياكل المؤسسات بهيئات جديدة تتمثل في المجلس الأعلى للإعلام والهيئة الوطنية للصحافة والهيئة الوطنية للإعلام، وفقا لما نص عليه الدستور.

من جانبه، أكد عميد كلية الإعلام في الجامعة الأميركية، حسين أمين، أن السيسي يريد أن يعود الهدوء مجددا إلى الوسط الإعلامي، بعدما زادت معاول هدم البلد عبر المنابر الإعلامية، مؤكدا أنه لا يليق أبدا أن نسمع عبر الفضائيات سبابا وشتائم، بينما قال الخبير الإعلامي ياسر عبدالعزيز: «الإعلام وصل إلى درجة غير مسبوقة في تدني الأداء، والدولة تتحمل مسؤوليتها في ذلك، حيث لم تترجم التشريعات الدستورية الخاصة بالإعلام إلى قوانين».

أزمة الأسعار

وتطرق الرئيس المصري تطرق أيضا إلى قضايا أخرى، لافتا إلى أنه تحدث عن التحديات التي تواجه مصر بكل شفافية خلال فترة ترشحه للرئاسة، وقال: «قادرون معا على التغلب على كل التحديات والمصاعب ولا يوجد تحد يقلقنا، سوى وحدة الشعب»، وتابع: «مشكلة الأسعار لم تغب عني، والدولة والقوات المسلحة ستتدخل لحل المشكلة آخر الشهر الحالي»، مضيفا: «الزيادة السكانية بالمعدلات الحالية تحول دون شعور المواطنين بجهود التنمية والتحسن الاقتصادي».

وفي وقت شهدت المحافظات المصرية، أمس، تحركات فورية لتنفيذ توجيهات الرئيس بشأن ضبط الأسعار، شهدت محافظات عدة اجتماعات في هذا الإطار بينها الجيزة، وعبر سياسيون عن تأييدهم لكلمة الرئيس، حيث وصف «تيار الاستقلال» برئاسة أحمد الفضالي الكلمة بأنها «طوق النجاة للشعب من الإحباط»، بينما أكد المتحدث الإعلامي للتيار عبدالنبي عبدالستار، أن «الكلمة جاءت في وقت كان الشعب في أمسّ الحاجة لمعرفة حقيقة ما يحدث في مصر دون مزايدة».

في السياق، قال الخبير المصرفي محسن خضير، إن الدولة يمكنها أن تحل أزمة ارتفاع الأسعار من خلال القضاء على محتكري السلع، مضيفا لـ«الجريدة»: «الرئيس يمكنه خفض سعر الدولار بما يتوافق مع قوانين العرض والطلب ومعدلات الاستيراد والتصدير للدولة».

الطائرة المنكوبة

الى ذلك، وبعد ثلاثة أيام من سقوط الطائرة الروسية «إيرباص 321» فوق أرض شبه جزيرة سيناء المصرية، ما أسفر عن مصرع جميع ركابها وطاقم القيادة، وعددهم 224 شخصاً، مازالت التحقيقات جارية بشأن الطائرة المنكوبة، حيث يجري العمل على تفريغ محتويات الصندوق الأسود الخاص بالطائرة، الذي تم الوصول إليه أمس الأول.

في الأثناء، غادرت القاهرة طائرة تابعة لوزارة الطوارئ الروسية، أقلت جثامين 196 من ركاب الطائرة المنكوبة، ووصلت إلى سان بطرسبورغ أمس، ولحقت بها طائرة أخرى من مطار القاهرة محملة بالدفعة الثانية من جثامين الضحايا.

وقال مصدر مسؤول لـ«الجريدة»، أمس، إن فرق الإنقاذ انتهت من عمليات البحث عن أشلاء الضحايا وجمعها، بعد يومين من البحث المستمر في نطاق سقوط الطائرة بمحيط 9 كيلومترات.

ووصل إلى موقع سقوط الطائرة 110 خبراء غالبيتهم روس وبينهم فرنسيون، حيث تم إنشاء معسكرات مجهزة لهم للمبيت والإقامة، مزودة بوسائل الإعاشة والمولدات الكهربائية، تمهيدا لفحصهم حطام الطائرة بالتعاون مع الأجهزة المعنية في مصر.

في الأثناء، قامت قوات الجيش المصري بالتحفظ على حقائب ومتعلقات ركاب الطائرة داخل سياج من الأسلاك الشائكة، لوضعها تحت تصرف جهات التحقيق المختصة، بينما لاتزال تفرض قوات الجيش كردونا أمنيا واسعا حول موقع الحادث، مدعومة بغطاء جوي من مروحيات الأباتشي التي تحلق على مدار الساعة.

 لا للتخمين

وبينما رجح نائب مدير شركة «كوغاليم آفيا» المالكة للطائرة أندريه افيريانوف، أن «تكون الطائرة المنكوبة تعرضت لدى سقوطها فوق سيناء لعطب في الهيكل وفقد الطاقم السيطرة عليها»، قال دميتري بيسكوف (الناطق الصحافي باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين)، أمس، إنه لا يجوز استبعاد أي فرضية في المرحلة الراهنة من التحقيق، داعيا إلى انتظار النتائج، دون الانخراط في التخمين.

في المقابل، قال مصدر مصري مسؤول ضمن فريق عمل اللجنة الثلاثية المسؤولة عن عملية تفريغ الصندوق الأسود، إن «سبب سقوط الطائرة خلل ما حدث بداخلها قبل سقوطها، ما ينفي احتمال سقوطها بصاروخ أو هجوم خارجي، كما ادعت بعض المواقع القريبة من تنظيم داعش الإرهابي»، وأضاف المصدر لـ»الجريدة»: «اللجنة توصلت إلى عدد من الحقائق أهمها هو عدم وجود أي نوع من الاستغاثات داخل الطائرة قبل سقوطها».

في موازاة ذلك، وصف وزير الخارجية سامح شكري قرار شركتي طيران «لوفتهانزا» و»إير فرانس» بعدم التحليق فوق سيناء بأنه قرار غير مسؤول، وسيؤثر على قطاع السياحة وبالتالي سيعود بالضرر على الشعب المصري.

وأضاف الوزير المصري، في تصريحات له أذاعها تلفزيون الجزائر ـ خلال زيارته التي التقى فيها نظيريه الجزائري والإيطالي حول تطورات الأوضاع في ليبيا ـ أن التحقيقات في سقوط الطائرة الروسية مازالت جارية، ويجب ألا نستبق النتائج.