القلقون إزاء تأثيرات تغير المناخ استثمروا في ميدان الطاقة النظيفة
يرسم المستثمرون الذين يأخذون في اعتبارهم قضية المناخ صورة غير محددة، ولكن ذلك لا يعني أن كل استثمار يجب أن يهدف بالضرورة إلى توظيف رأس المال في ميادين الطاقة النظيفة.
يشعر العديد من المستثمرين حول العالم بقلق متزايد اليوم حول الوجهة التي يتعين الاستثمار بها في ضوء طائفة من التطورات التي تشهدها ميادين الاقتصاد المحلية والخارجية ولأسباب غدت معروفة على نطاق واسع، لعل أبرزها هو تغير المناخ.وقال تقرير نشرته الأسبوع الماضي صحيفة نيويورك تايمز إن تغير المناخ اجتذب أخيرا اهتمام قادة العالم الذين يسعون جاهدين الى مكافحة الاحتباس الحراري، ولكن كما يبدو فإن المستثمرين يركزون جل اهتمامهم على تحقيق الحد الأقصى من العوائد، وهم يجهلون كيفية تأثير تغير المناخ على محافظهم الاستثمارية، ولم تصدر، حتى الآن، ردة فعل عملية منهم لمواجهة هذه المشكلة.
وبحسب ديفيد ريتشاردسون، وهو رئيس التسويق لدى شركة ادارة الأصول امباكس، التي طرحت المسألة على حوالي 300 مستثمر لمعرفة رأيهم ازاء تغير المناخ، فإن المثير للدهشة هو أن المستثمرين، ورغم اقرارهم بحجم المشكلة، فإنهم يعتقدون أنها لن تؤثر على محافظهم.وتبين من هذه الدراسة أن أكثر من نصف من شملهم الاستطلاع قالوا إنهم يشعرون بقلق ازاء تغير المناخ ولكن أكثر من 40 في المئة منهم لديهم استثمارات في الوقود الحفري.ويقول جيسون بارون، وهو مدير محافظ لدى شركة استراتيجية الاستثمار يو اس تراست، إنه لمس الحال نفسه من التباين بين الأقوال والأفعال من خلال دراسة سنوية أجرتها الشركة بالاشتراك مع جامعة انديانا.ونسب بارون ذلك الى نقص توجيه العملاء من جانب المستشارين الذين لم يكونوا أيضاً على اطلاع واسع على مدى المشكلة.ويذكر ريتشاردسون أن سبب ذلك يرجع الى حقيقة كون تغير المناخ يتم بصورة بطيئة، ولذلك لا توجد حاجة ملحة الى القيام بعمل فوري، مضيفا أن "أحد التحديات التي واجهها العالم في معالجته لهذه المشكلة يتمثل في أنها كانت تعتبر من النوع الطويل الأجل، وهذا ما يعترف المستثمرون به الذين يعتقدون أنها لن تؤثر على محافظهم في وقت قريب".ويقر بأن تغير المناخ كظاهرة لن يؤثر خلال خمس سنوات أو عشر سنوات، ولكن ثمة أخطارا تتعلق بالسياسة والأنظمة ذات الصلة في الأجل القصير.ويقول تقرير الصحيفة إن الأنظمة التي يشير اليها ريتشاردسون قد تتمحور حول فرض ضريبة كربون على الصناعات الثقيلة مثل النفط والغاز والطاقة والمواصلات، والتي ستؤثر على أرباح تلك الشركات العاملة في تلك الصناعات. وعلى الرغم من ذلك يرسم المستثمرون الذين يأخذون في اعتبارهم قضية المناخ صورة غير محددة، فإن ذلك لا يعني أن كل استثمار يجب أن يهدف بالضرورة الى توظيف رأس المال في ميادين الطاقة النظيفة.وبحسب تقرير شركة امباكس فإن نحو ثلث الأشخاص الذين يشعرون بقلق ازاء تأثيرات تغير المناخ على محافظهم قد استثمروا في ميدان الطاقة النظيفة.ويضيف ريتشاردسون أنه لا يفضل اتباع المستثمرين الأفراد لاستراتيجية تجريد حتى بالنسبة الى الوقود الحفري، قائلا إن على اولئك الأشخاص البحث عن سبل لتحديد تطبيق الأنظمة، وأولها ما يتعلق بالنوعية القذرة من الوقود الحفري مثل الفحم ورمال القار ثم الغاز الطبيعي.وتتمثل الاستراتيجية الأكثر شيوعاً في البحث عن شركات في صناعات تقليدية تأخذ في اعتبارها تغير المناخ في عملياتها العادية ثم التحول بمرور الوقت الى استثمارات أكثر صداقة للبيئة.ويوضح التقرير أن ماثيو ميزرلي يطرح ثلاثة خيارات للاستثمار مع الاهتمام بتغير المناخ وهي:1 – الجانب الأخلاقي المتعلق بما اذا كانت الاستثمارات تجعل تغير المناخ أكثر سوءا.2 – هل تستطيع أسواق رأس المال تمويل حل لتغير المناخ؟3 – التفكير في احتمال فرض سعر أو تنظيم حول الكربون، وهذا يعني بالضرورة أخذ ذلك في الاعتبار على شكل خطر محتمل في الاستثمار.ثم إن وضع الطاقة سيختلف بعد عقد من الزمن عما هو عليه في الوقت الراهن، وستشهد الأسواق حالات من الربح والخسارة.ويؤكد ميزرلي أن من غير المقبول في المستقبل أن تستثمر من دون الاهتمام بمسألة تغير المناخ مع اعترافه بصعوبة القيام بذلك الآن. ويعتمد اقتصاد العالم على النفط في شتى جوانبه وهو يدخل بقوة في حياتنا اليومية من ركوب الطائرات وقيادة السيارات وتدفئة المنازل. ومن هذا المنطلق يرى الخبراء أن لا أحد يفكر في إعطاء أولوية الى مسألة تغير المناخ في سياق تحديد الميدان الأفضل للاستثمار بالمستقبل.