من يعرف أرقام دخلنا وميزانيتنا الحقيقيين؟!
في أقل من شهر يفاجأ الكويتيون ببيانات من مؤسسات دولية محترمة لها سمعتها العالمية تنفي بيانات وتصريحات المسؤولين الحكوميين والبرلمانيين الكويتيين عن وجود عجز في ميزانية دولة الكويت، بل إن مؤسسة "فيتش" العالمية العريقة توقعت -ضمن تصنيفاتها المالية- أن تحقق الكويت فوائض مالية في ميزانية السنة المالية الحالية والقادمة، في حين نفت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد خلال وجودها في البلاد منذ أسابيع صحة البيانات التي تتحدث عن وجود عجز في ميزانية دولة الكويت، وذلك في ندوة مفتوحة أمام مسؤولين حكوميين وجميع وسائل الإعلام العاملة في البلد.
طبعاً... مؤسسة فيتش لن تغامر بسمعتها ومتانة تصنيفاتها الائتمانية في تقرير فيه مغالطات لمصلحة اقتصاد دولة صغيرة مثل الكويت وكذلك صندوق النقد الدولي، ولذلك فهذه التقارير ذات مصداقية عالية، ولن تدخل تلك المؤسسات في لعبة تذاكي الحكومة الكويتية إذا كان العجز قبل استقطاع نسبة احتياطي الأجيال القادمة أو بعده! ولو حدث هذا الأمر (انكشاف بيانات عن المالية مخالفة لما تعلنه الحكومة) في بلد فيه مؤسسات دستورية مؤثرة لانقلب البلد رأساً على عقب، ولاستقالت الحكومة وربما حل البرلمان الذي يصادق على الميزانيات وبيانات الحكومة حولها ويعطي الشعب معلومات متلاعباً فيها، وتمت الدعوة إلى انتخابات مبكرة، ولكن عندنا "سلامات"، لأن الأرقام لازم "تتيت" لأغراض سياسية، ولربما ترى السلطة أن قيمة ثروة البلد الإجمالية من استثمارات وعوائدها وخلافه "مو كفو" كل كويتي يعرفها بخلاف فئة "الديلوكس"، أو تنظر إلى الشعب الكويتي على أنه مازال قاصراً ولا يجوز أن يطلع على هذه البيانات!أنا شخصياً ومثلي كثيرون يعلمون أنه مهما كانت ثروتنا واستثماراتنا الوطنية هائلة، فنحن لدينا مشكلة اقتصادية في الكويت وخلل مالي ضخم، لأننا نعتمد على مورد وحيد ناضب، وهناك هدر خطير سببه الفساد وسوء الإدارة، وأن الإصلاح الاقتصادي المبني على العدالة الاجتماعية ومشاركة المستفيدين الكبار من ثروة البلد في علاج علته الاقتصادية ضرورة وأولوية قصوى، ولكن هل ممكن أن تتوقف الحكومة والبرلمان عن اللعب بالأرقام التي أفقدت الكويتيين المصداقية في خطط الدولة ونيتها في الإصلاح؟ ويقدما إلى الشعب الكويتي بيانات دقيقة وصحيحة عن حالته المالية بعد تعديل النص القانوني الذي يوجب أن تقدم بصورة سرية بعد أن اختلف الزمان، وأصبحت كل البيانات والمعلومات متوافرة للجميع عبر الثورة المعلوماتية!