الوزراء يتسلمون دفة المفاوضات المناخية في أسبوع حاسم في مؤتمر باريس
ينطلق اليوم الأثنين في لوبورجيه قرب باريس أسبوع حاسم لمستقبل الأرض مع تولي الوزراء المفاوضات الدولية في مرحلتها الأكثر صعوبة للتوصل إلى اتفاق مناخي، فيما لا يزال عدد كبير من النقاط الخلافية عالقاً.
وأمام الوزراء رسمياً خمسة أيام لابرام الاتفاق الذي يرمي إلى منع ارتفاع معدل الحرارة على الأرض أكثر من درجتين مئويتين مقارنة بمستواه قبل الثورة الصناعية، والتبعات المدمرة التي بدأت تبرز على غرار ذوبان الكتل الجليدية والأعاصير الفتاكة.وحذّر أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون الأثنين من أن "الكارثة المناخية تترصدنا"، موجهاً الحديث إلى مندوبي الدول مؤكداً أن "العالم ينتظر منكم أكثر من اجراءات مجتزأة"، في مسعى إلى تحفيز الدول للموافقة على مراجعة خمسية لالتزاماتها تبدأ قبل 2020، موعد سريان اتفاق المناخ العتيد.وتابع بان، بعد أن اعتبر بالأمس أن المؤتمر الأممي للمناخ، "ما زال على الطريق السليم" بعد اقرار مسودة اتفاق نتيجة أيام من النقاشات الشاقة بين المفاوضين، أن "الأهداف الحالية هي الحد الأدنى الأقصى الممكن".وعبر رئيس المؤتمر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس السبت عن السعي إلى انهاء الاتفاق الخميس كي يتم تبنيه الجمعة عملاً بالجدول الزمني المقرر، ما يشكل انجازاً كبيراً أن تم، لمفاوضات غالباً ما طبعها تمديد المهل المتكرر.وطالب البابا فرنسيس الأحد الوزراء المجتمعين بابداء "الشجاعة" وتبني "قرارات مهمة" من أجل "أجيال المستقبل".ويتولى وزراء البيئة والطاقة والخارجية الأثنين مهمة صياغة نص الاتفاق النهائي، وعيّن 14 بينهم بصفة "منشط" لمواكبة مجموعات عمل محددة.وسينكب الوزراء على مسودة النص التي تحتل 48 صفحة مفصلة تشمل الكثير من الخيارات على غرار تحديد هدف 1.5 درجات مئوية الذي تطالب به الجزر الصغيرة في المحيط الهادئ، إلى جانب خيار الدرجتين المئويتين وتوزيع الجهود على الدول ووسائل التكيف مع تغير المناخ وحتى ملف التمويل المحوري.وصرّح الناشط البيئي نيكولا اولوه مستشار الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند صباح الأثنين "هناك حركة ايجابية لم يتقرر شيء حتى الآن لكن ما زال تحقيق أفضل النتائج ممكناً".لكن مفاوض الاتحاد الأوروبي ميغيل ارياس كانيتي علق السبت قائلاً "لنكن صريحين، جميع الملفات السياسية الشاقة لم تحل حتى الآن". غير أن المكسب الرئيسي للمؤتمر يكمن في انتزاع التزامات من 185 دولة مشاركة تغطي بالكامل تقريباً انبعاثات غازات الدفيئة، واجراءاتها المزمعة للحد من ارتفاع وحتى تقليص انبعاثاتها مع حلول 2025 أو 2030.إلا أن ذلك يبدو غير كاف، إذ يتوقع أن يتواصل ارتفاع انبعاثات تلك الغازات بنسبة 22% بين 2010 و2030، ما يوجه الكوكب إلى ارتفاع لمعدل الحرارة يتراوح بين 2,7 و3,5 درجات مئوية.الاشكاليات الرئيسيةومن الاشكاليات الرئيسية في مؤتمر باريس صياغة الية تضمن مراجعة خمسية وزيادة لأهداف كل دولة، علماً أن الجميع مدرك للحاجة إلى بذل مزيد من الجهد، كتوفير الطاقة وتطوير الطاقات المتجددة ومكافحة تدمير الغابات وغيرها، بسرعة كبرى سعياً للبقاء دون الدرجتين.ويشكل موعد المراجعة الأولى اشكالية كبرى، فالدول الأكثر عرضة تريدها أن تجري قبل سريان الاتفاق في 2020، فيما يقترح الآخرون 2025.واعتبر اولوه أن "الاتحاد الأوروبي يمكنه ممارسة مزيد من الضغط كي يحدد هذا الموعد في أقرب وقت ممكن".لكن هل يجب المطالبة بجهود مختلفة سواء من الدول النامية أو المتطورة؟ هذا ما تريده الهند ويستفز الولايات المتحدة، ونظراً إلى أن التزامات الدول كلها طوعية، فهل يجب طرح مسار طموح للجميع بتحديد هدف بالأرقام لتقليص انبعاثات غازات الدفيئة حتى العام 2050 أم لا؟ الدول الغنية بالنفط والفحم ترفض من جهتها أي ذكر لانهاء مبرمج لاستخدام موارد الطاقة الأحفورية.وتكمن المشكلة الأكثر صعوبة في توفير المساعدة المالية إلى دول الجنوب كي تخوض عملية انتقالية إلى الطاقة النظيفة والتكيف مع آثار الاحترار التي ستكون هي أولى ضحاياها.وتطالب هذه الدول بضمانات حول تسليمها مئة مليار دولار سنوياً حتى العام 2020، وبمزيد من التفاصيل حول الأموال العامة والخاصة منها وعلى الأخص زيادة هذا المبلغ بعد 2020.وتطالب الهند، ثالث الدول الملوثة واللاعب الرئيسي في المفاوضات، بوضوح بدعم مالي وتكنولوجي لتطوير الطاقات المتجددة، فيما ما زالت شديدة الاعتماد على الفحم علماً أنها ثالث منتجيه العالميين.من جهة أخرى تريد الدول النامية من آخرين توفير الأموال لمساعدة الأكثر ضعفاً، الأمر الذي يثير خلافات كبرى.