لطالما تطلب تحديد مسار برنامج الأسلحة النووية والصواريخ البالستية الكوري الشمالي عملاً استقصائياً مضنياً، فبما أن هذا البلد مقفل أمام الغرباء، استندت المعلومات دوماً إلى مصادر مثل العينات الجوية، وبيانات الزلازل، وصور الأقمار الاصطناعية. على سبيل المثال يشير مبنى جديد أو سطح فوق معمل صناعي إلى نشاط ما داخله، حتى إن كوريا الشمالية سمحت ذات مرة لعالم أميركي زائر بإلقاء نظرة على نظام واسع من أجهزة الطرد المركزي الجديدة لتخصيب اليورانيوم لم يسبق أن رُصدت.

Ad

لهذا السبب ثمة مخاوف كبيرة بشأن التنقيب عن اليورانيوم ومعالجته في كوريا الشمالية، كما ذكر تقرير جديد لجيفري لويس من مركز جيمس مارتن لدراسات انتشار الأسلحة النووية في معهد ميدلبوري للدراسات الدولية في مونتيري. فبعد تحليل صور الأقمار الاصطناعية ومعلومات أخرى، نشر لويس أدلة بارزة على الموقع الإلكتروني 38 North، الذي يديره معهد الولايات المتحدة-كوريا في مدرسة جونز هوبكنز للدراسات الدولية المتقدمة.

 وأكد لويس أن كوريا الشمالية «توسّع قدرتها على التنقيب عن اليورانيوم الطبيعي ومعالجته»، إلا أن هذه المعلومات لا تكشف وجهة استعمال هذا اليورانيوم، فقد يُستخدم في مفاعل للطاقة النووية أو في سلاح نووي، وتوصل لويس إلى أدلة على «تجديد بالغ الأهمية» في مصنع لتركيز اليورانيوم في بيونغ سان يحول الخامات إلى كعكة صفراء، وتُعتبر بيونغ سان أهم منجم ومصنع لليورانيوم في البلد.

تُضاف هذه الإشارة الجديدة إلى تقرير سابق أصدره هذه السنة المعهد ذاته ويُظهر أن كوريا الشمالية تتقدم نحو ترسانة نووية أكبر وأفضل قد تضاهي ما تملكه باكستان وإسرائيل، وفي هذا التقرير لاحظ جويل س. ويت وسان يونغ آن، بالاستناد إلى بحث أجراه ديفيد أولبرايت من معهد العلوم والأمن الدولي، أن البرامج النووية لكوريا الشمالية والصاروخية «اكتسبت زخماً كبيراً»، وأن «هذه البرامج باتت مجهزة اليوم لتوسعٍ كبير خلال السنوات الخمس التالية». ويشير هذا إلى أن كوريا الشمالية تستطيع أخذ مخزون حالي يضم 10 إلى 16 سلاحاً نووياً وتوسيعه ليبلغ العدد، وفق السيناريو المعتدل 50 سلاحاً في غضون خمس سنوات، أو مئة رأس نووي في أسوأ الأحوال.

لطالما كانت العقبة الكبرى أمام طموحات كوريا الشمالية النووية الحصول على ما يكفي من المواد الانشطارية، مثل اليورانيوم الذي يُستعمل في الأسلحة، ويمكن الحصول عليه بمعالجة الكعكة الصفراء في بيونغ سان، كذلك سلكت كوريا الشمالية دربَي اليورانيوم والبلوتونيوم كليهما إلى القنبلة.

أحاطت الشكوك دوماً بعمليات تقييم مماثلة لما قدمه لويس، لكن ذلك لا يلغي قلقنا من أن إدارة أوباما آثرت، بعد انهيار صفقة مترنحة عام 2012، اللامبالاة على السياسة في المسائل النووية الكورية الشمالية، ولا شك أن الجميع سيحظون بمفاجأة بشعة، إن اتضح بعد بضع سنوات أن بيونغ يانغ تملك ترسانة نووية أكبر مما هو متوقع؛ لذلك لا بد من أخذ عمليات التقصي هذه على محمل الجد.