اعتبرت «الجنايات»، في حكمها بحق أحمد الفهد، أن المتهم تفوه بعبارات تنطوي على مساس بحيادية واستقلال قاض، وتشكك في نزاهة عمله، الأمر الذي تطمئن معه المحكمة إلى توافر العناصر القانونية لجريمة الإخلال علانية بالاحترام الواجب للنائب العام بصفته القضائية.

Ad

أكدت محكمة الجنايات أن النائب العام ضرار العسعوسي يعد الوكيل عن الهيئة الاجتماعية في مباشرة وتحريك الدعوى الجزائية، ومتابعة سيرها بما له من ولاية عامة تشمل سلطتي التحقيق والاتهام التي تنبسط على إقليم الدولة برمته، ورئاسته مباشرة قضائية وإدارية على أعضاء النيابة العامة.

وأضافت المحكمة في حيثيات حكمها بحبس نائب رئيس مجلس الوزراء وزير التخطيط السابق الشيخ أحمد الفهد ستة أشهر مع وقف النفاذ بكفالة قدرها ألف دينار، والذي حصلت «الجريدة» على نسخة منه، أن العبارات التي ذكرها المتهم الخامس أحمد الفهد, (في مقابلته مع تلفزيون «الوطن») تنطوي على مساس بحيادية واستقلالية قاض هو النائب العام، وقصد منها التشكيك بنزاهته.

وعن تهمة كشف سرية تحقيقات النيابة العامة قالت إن قانون المرئي والمسموع رغم حداثته فإنه لا يعاقب على حظر بث المعلومات التي تتضمنها تحقيقات النيابة العامة.

أكدت محكمة الجنايات أن تهمة إفشاء ما هو محرر في محاضر تحقيق قضية أمن الدولة  المسندة الى المتهمين الأول وحتى الرابع، وعن تهمة الاشتراك في ذات التهمة بطريقي الاتفاق والمساعدة المسندة للمتهم الخامس بالبندين أولا 1، وثانيا/1 من تقرير الاتهام، فإنه لما كان مؤدى نص الفقرة التاسعة من المادة 11 من القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الإعلام المرئي والمسموع على أنه «يحظر على المرخص له بث ما من شأنه:  

 9 - إفشاء ما يدور في أي اجتماع رسمي او ما هو محرر في وثائق او مستندات او مراسيم او أي أوراق او مطبوعات يقرر الدستور أو القانون سريتها أو عدم نشرها».

وكانت هذه الجريمة تستلزم في فاعلها أن يكون مدير عام قناة المرخص لها من وزارة الإعلام بالبث أو معد أو مقدم المادة الاعلامية أو مسؤولا عن بثها، ويستلزم ركنها المادي أن يقوم الجاني ببث أعمال أو برامج مرئية أو مسموعة للجمهور تتضمن إفشاء ما يدور في أي اجتماع رسمي أو ما هو محرر في وثائق أو مستندات او مراسيم او اي اوراق او مطبوعات يقرر الدستور او القانون سريتها او عدم نشرها.

ولما كان بث ما تقرر جهات التحقيق سريته من المسائل التي لم يرد الحظر عليها صراحة في القانون رقم 61 لسنة 2007 بشأن الإعلام المرئي والمسموع رغم حداثته، وإزاء وضوح هذا النص بعدم حظر ذلك القانون بث ما تقرر جهات التحقيق سريته، فلا يتوسع في تفسير هذا الحظر، سيما وأن المشرع اختار تلك العبارات كما وردت في هذا القانون، والمحكمة لا تساير النيابة العامة في اسباغ وصف تهمة بث ما تقرر جهات التحقيق سريته والاشتراك فيها المسندتين الى المتهمين بالبندين أولا/1، وثانيا/1 بصحيفة الاتهام، ذلك أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص، ولو أراد المشروع حظر بث ما تقرر جهات التحقيق سريته وفق قاعدة جزائية لما أعوزه النص عليه صراحة على ذلك، وهو ما فعله بالفقرة الثانية من المادة 21 من القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر، إذ نص صراحة على انه يحظر نشر كل ما من شأنه:... 2- إهانة او تحقير رجال القضاء او اعضاء النيابة العامة او ما يعد مساساً بنزاهة القضاء وحياديته، أو ما تقرر المحاكم او جهات التحقيق سريته، سيما وأن القانون رقم 3 لسنة 2006 في شأن المطبوعات والنشر، قد نص بالفقرة السادسة من ذات المادة على حظر كشف ما يدور في أي اجتماع او ماهو محرر في وثائق او مستندات او مراسيم او اي اوراق او مطبوعات قرر الدستور او اي قانون سريتها....، وهو ذات الحظر الوارد في الفقرة التاسعة من القانون رقم 61 لسنة 2007 المشار اليه محل التهمتين المسندتين للمتهمين بالبندين اولا /1، وثانيا /1 بصحيفة الاتهام، ومن ثم يتعين الحكم ببراءة ساحة المتهمين جميعاً.

وحيث انه عن تهمة الإخلال علانية بالاحترام الواجب لقاض (النائب العام) على نحو يشكك في نزاهته واهتمامه بعمله والتزامه بأحكام القانون المسندة الى المتهم الخامس بالبند ثانياً/ 2 بتقرير الاتهام قالت المحكمة إنه من المقرر عملاً بالمادة 147/ 1 من قانون الجزاء انه «يعاقب مدة لا تجاوز سنتين وبغرامة لا تجاوز مائة وخمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين كل شخص أخل، بوسيلة من الوسائل الإعلانية المبينة بالمادة 101، بالاحترام الواجب لقاض، على نحو يشكك في نزاهته او اهتمامه بعمله او في التزامه بأحكام القانون، ومن المقرر قضاء ان العبرة في الاثبات في المواد الجزائية هي باقتناع محكمة الموضوع واطمئنانها الى الادلة المطروحة على بساط البحث، فمن حقها بما لها من سلطة مطلقة في تقدير الأدلة والاخذ بما ترتاح اليه منها وان تعول على اقوال الشاهد او المتهم في اي مرحلة من مراحل الدعوى مادام له اصل ثابت بالاوراق ومتى اخذت المحكمة باقوال شاهد واطمأنت الى صحة الواقعة على الصورة التي رواها، فذلك يفيد بأنها طرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الاخذ بها.

واضافت المحكمة: لما كان ذلك وكان النص بالمادة 147/ 1 آنفة البيان متضمنا الاحترام الواجب لقاض»، وكانت القاعدة ان التنكير في معرض الوصف يفيد العموم، وكان مما لا مراء فيه ان النائب العام باعتباره الوكيل عن الهيئة الاجتماعية في مباشرة وتحريك الدعوى الجزائية ومتابعة سيرها بما له من ولاية عامة تشمل سلطتي التحقيق والاتهام التي تنبسط على اقليم الدولة برمته، ورئاسته مباشرة -قضائية وادارية -على اعضاء النيابة العامة فهو عضو أصيل في تشكيل المجلس الاعلى للقضاء بموجب القانون رقم 23 لسنة 1990 في شأن تنظيم القضاء وتعديلاته، ويسهم في قراراته المتعلقة بمرفق القضاء والهيمنة عليه وعلى شؤون اعضائه، كما أناط به القانون بصفته سالفة البيان - كنائب عام - اختصاصات على سبيل الانفراد باتخاذ قرارات ذات طبيعة قضائية الى جانب الإدارية منها، فضلا عن انه ليس من المتصور ان يكون المشرع قد عنى بذلك النص من تنعقد له ولاية الحكم والفصل في القضايا دون غيرهم ممن ينطبق عليهم ذات الوصف المجرد، ويعدون جزءا اصيلا من تكوين الجسد القضائي على التفصيل المتقدم، وكانت العبارات التي فاه بها المتهم الخامس التي وردت في اللقاء مثار الاتهام.

وانه مما لا شك ولا مراء فيه أن تفوه المتهم الخامس بالعبارات ينطوي بذاته على مساس بحيادية واستقلال قاض، وقصدا منه للتشكيك بنزاهة عمله، وهو الأمر الذي تطمئن معه المحكمة الى توافر كافة العناصر القانونية لجريمة الاخلال علانية بالاحترام الواجب للنائب العام بصفته القضائية، وتثبت وإياه إدانة المتهم الخامس بهذه التهمة، وقد تحقق لديه الاخلال علانية بالاحترام الواجب للنائب العام، ومن ثم تأخذ المحكمة ما تقدم دليلا للإدانة ويكون قد استقر في عقيدتها بيقين لا يحوطه ادنى شك ان المتهم الخامس في الزمان والمكان سالفي الذكر، قد قارف الجرم المسند اليه بكيفيته الواردة بالبند ثانيا/2 صحيفة الاتهام، من ثم وعملا بالمادة 172/ 1 من قانون الاجراءات والمحاكمات الجزائية فإنه يتعين عقابه بالعقوبة بمادة الاتهام، وذلك على نحو ما سيرد بالمنطوق.

وتشير المحكمة في ختام قضائها الى أن تقرير الاتهام قد خلا من قيد مادة عقاب المتهمين عن جنحة الاخلال علانية بالاحترام الواجب لقاض (النائب العام) على نحو يشكك في نزاهته واهتمامه بعمله والتزامه بأحكام القانون المسندة اليهم بالبندين اولا/5، ثانيا/2، من تقرير الاتهام، الأمر الذي ترى معه المحكمة انطلاقا من سلطتها المقررة بالمادة 134 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية تعديل مواد قيد العقاب بإضافة المادة 147/ 1 من الجزاء، وذلك لغياب الاسناد في تلك المادة من حيث ارتباطها بالوصف ولما تقدم من أسباب.