الدروس الخصوصية هي دروس بجهود فردية يقوم بهما معلمون لطلبة غالباً في التعليم العام نظير مبالغ نقدية عالية في السنوات الأخيرة في دولنا النفطية الاستهلاكية الريعية الغنية، والطلبة محليون كويتيون والمعلمون وافدون عرب.

Ad

لقد زاد عدد المدرسين الذين يتعاطون هذه المهنة لزيادة عدد الطلبة الراغبين في هذا النوع من الدروس، كما ارتفع سعر الدرس للطالب الواحد إلى عشرين ديناراً كويتياً للساعة الواحدة، ويتم ذلك على شكل حلقات طلابية من أربعة إلى خمسة طلاب أو طالبات تشاهدهم في المقاهي العامة، وبعضهم خصوصا الطالبات في منازلهم مجموعات تأخذ الدروس، ومجموعات أخرى تنتظر دورها، وتنتعش هذه التجارة في فترة الامتحانات بتشجيع من أولياء أمور يدفعون المال بسخاء ليحقق أبناؤهم النجاح! والسؤال: لماذا انتشرت هذه الظاهرة؟ وما أسبابها؟

أولاً: إن خللاً صارخاً تعيشه عملية التربية والتعليم تضطر الطلبة إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية، إما بتقصير منهم أو من المعلم.

ثانياً: توافر الإمكانات المالية لدى الطلبة وأولياء أمورهم لدفع مبالغ كبيرة نظير تلك الدروس، واستمرأ الطلبة هذه العادة.

ثالثاً: جشع المدرسين واستغلال تلك الدروس من أجل الكسب المادي، فهذه الظاهرة غير موجودة في بلدان فقيرة مثل موريتانيا والصومال وغيرهما أو غير موجودة في البلدان المتقدمة.

رابعاً: غياب وزارة التربية، وعدم اهتمامها بمحاربة الظاهرة ربما حتى لا تضطر إلى إعادة النظر في مناهجها وأسلوب تدريسها أو معالجة الخلل في التعليم، مع تقديرنا لجهود عدد من المسؤولين عن التربية، فالمشكلة تركة تمتد إلى عقود مضت.

خامساً:    تراخي المدرسين وعدم جديتهم، خصوصا أولئك الذين يقومون بالتدريس الخصوصي في التعليم العام الرسمي مما يضطر طلبتهم إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية في جو تغيب فيه الرقابة والمحاسبة للذين يرتكبون تلك الجريمة.

إن الإمكانات الكبيرة التي توفرها الدولة للتعليم تفرض أن يكون التعليم جيداً، بيد أن العكس هو الذي يحصل، ويجب أن تتغير معاملتنا مع الظاهرة بأن يكون التعليم جيداً، وأن القضاء على الدروس الخصوصية جزء من إصلاح التعليم، وتأتي عملية توعية أولياء الأمور بخطورة الظاهرة، وأن التعليم في المدرسة وجدية الطالب مطلوبة، وبخاصة أن معظم أولياء الأمور اليوم متعلمون!

إن الغاية هنا تبرر الوسيلة! فالغاية نجاح الطلبة مهما كانت الوسيلة مدمرة، سواء بالدروس الخصوصية أو الغش أو استخدام الواسطة لتحقيق ذلك الهدف، والنتيجة تدمير التعليم وتهديد مستقبل الأجيال والدول، ثم هل تحقق الطلبة وأولياء أمورهم من أن الذين يقومون بالتدريس الخصوصي مؤهلون لهذه المهمة؟!

لا بد من ذكر الآثار السلبية التي تترتب على شيوع ظاهرة الدروس الخصوصية، لا سيما في أيامنا الحالية مع الأسف الشديد:

1- هو تعليم مؤقت قد يؤدي إلى نجاح الطالب، ولكنه لا يوفر تعليماً تراكمياً جيداً ضمن خطة وفلسفة التعليم للتطوير والتنمية التي تنتهجها المؤسسة التعليمية والدولة.

2- تؤدي الظاهرة إلى نزيف مادي من أولياء الأمور، حيث يعتبرها البعض دروساً للتقوية وهي ليست كذلك، ولكن الأموال متوافرة، وعندها تكون المدرسة طاردة.

3- إن استمرار الظاهرة يؤدي إلى اعتماد الطالب عليها، وعدم الاهتمام بالنظام التعليمي والمدرسة، وحضور دروسها مع التعليم النظامي قضية تربوية إلى جانب التعليم.

4- قد يترتب على تلك الدروس في المنازل والمقاهي العامة آثار اجتماعية لم تكن في حساب الطلبة ولا أولياء أمورهم، ومع ذلك لا يعير المعلم وأولياء الأمور اهتماماً لذلك.

5- دفع عدد من مدرسي وزارة التربية إلى ممارسة الدروس الخصوصية بسبب الكسب المادي، وهذا يؤدي إلى خلل في العملية التعليمية في المدرسة، وبناء على ما سبق لابد من مواجهة ظاهرة الدروس الخصوصية، ويجب أن تتصدر أجندة وزارة التربية في عملية الإصلاح، وإن استشراء هذه الظاهرة دليل على فشل التعليم وفشل المدرس، ولا لوم على الطالب، ومع عملية إصلاح التعليم وتحسين ظروف المعلم المادية للقضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية لابد من التشريع القانوني بتحريمها وتجريمها لأنها جزء من أزمة التعليم.

 وإن شيوع ظاهرة الدروس الخصوصية واستمرارها تدمير للتعليم وللأجيال، والبديل أن تكون المدرسة مجال التعليم، وأن يقوم المعلم فيها بواجبه، وأن يساعد أولياء الأمور المؤسسة التعليمية على أداء مهمتها، وهذا يتطلب وعياً وثقافة لدى القائمين على التعليم ولدى أولياء الأمور.