نجوم الزمن الجميل خارج قوائم التكريم... لماذا؟
يزدهر هذه الأيام تكريم المهرجانات السينمائية أو الفنية نجوم العصر الحالي عن أغنية أو دور في فيلم قدموه، فيما يسود التجاهل التام فناني الزمن الجميل، كما يطلق عليهم، أمثال عبدالحليم حافظ، رشدي أباظة، عماد حمدي، سعاد حسني، نجيب الريحاني، عبد الوارث عسر، وغيرهم. ما دفع أسر هؤلاء الفنانين للشكوى من عدم اهتمام الدولة بنجوم صنعوا مجد مصر الفني.
في تصريح لـ «الجريدة»، تطالب جانجاه، شقيقة الفنانة سعاد حسني، الدولة، بضرورة أن تتذكر نجوم أفلام الأبيض والأسود الذين استمروا حتى بدايات تقنية الألوان، وحملوا مسؤولية السينما المصرية على عاتقهم من دون ملل أو تعب، وقدموا أهم الأفلام العربية.تضيف: «أولى بالدولة أن تهتم بهؤلاء النجوم أكثر من فناني الوقت الحالي لأنهم الأبقى، هذا هو الفن الذي سيستمر لسنوات مقبلة، وليس الفن المقدم اليوم». كذلك تطالب بالبحث عن فكرة تساهم في إحياء ذكرى الفنانين القدامى.
تكريم أدبيلا يطلب نادر، نجل الفنان عماد حمدي، تكريماً مادياً، ويكفيه التكريم الأدبي لاسم والده، مشيراً إلى أن وفاة والده منذ أكثر من 30 سنة، ربما هو السبب وراء نسيان الدولة لقيمته كفنان يتوجب عليها تكريمه.يضيف أنه لم يحدث أن وصلته دعوة أو رسالة حول طرح اسم عماد حمدي ضمن المكرمين في المهرجانات والحفلات الفنية والسينمائية.يتابع: «حتى في حياة عماد حمدي لم تلتفت الدولة إلى تكريمه، مرة واحدة نال وساما، ووفّرت النقابة له راتباً قيمته 60 جنيهاً بأمر من الرئيس محمد أنور السادات».يوضح أن إصابته بالعمى أدت به إلى الاكتئاب، إذ صعب عليه أداء أدوار، ورفض العمل مع المخرج عاطف الطيب مكتفياً بالأعمال التي قدمها، وفي الفترة الأخيرة من حياته، شعر بملل ورغب في العزلة في ظل قلة زيارات أصدقائه النجوم له.يؤكد محمد شبانة، ابن شقيق عبدالحليم حافظ، أن العندليب يعيش وسط الناس بفنه الذي اجتهد في تقديمه، وما زال يتصدّر الغناء والطرب، مشيراً إلى أنه في انتظار تكريم من الدولة يليق به، ولو بإقامة متحف يضم أهم مقتنيات الفنانين المصريين والعرب الذين أبدعوا في الزمن الجميل، يقصده السياح والمواطنون من البلاد العربية والأجنبية. يضيف: «يوجد متحف لكوكب الشرق أم كلثوم وآخر لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، وكل منهما في مكان بعيد عن الآخر، أتمنى جمعهما مع مقتنيات باقي النجوم في مكان واحد، ومن يرغب في متابعة عبق هذا العصر يكون في مكان واحد يخلد ذكراهم، ما سيجعل الجيل الجديد يطمئن بأن الدولة ستحافظ على مقتنياته وفنه وستعرضه بشكل محترم بعد رحيله».يتابع: «في بيروت ثمة متحف صغير للفنانين، بينما تزخر مصر بفنانين يستحقون التكريم وليس لهم متحف بهذه الطريقة التي ستجد صداها عند الجميع، على ألا يضم المتحف ما يخص النجوم فحسب، إنما كل من أثرى الحياة الفنية في مصر، بما يساعد في التعرف عليه».حب الناس«رغم أنه يستحق التكريم منذ زمن طويل، فإن رشدي أباظه الغائب منذ 40 سنة، لم يتم تكريمه في حياته أو بعد وفاته» توضح منيرة شقيقته، لافتة إلى أنه يحصد التكريم كل يوم من خلال حب الناس وعشق الفتيات الصغيرات له، «لذا لا أنتظر تكريم الدولة أو الجهات الفنية، ولا أسعى إليه، فأعماله تشهد بحبه لمهنته وارتباطه بها وحرصه على الإبداع فيها، ثم كل فيلم علامة له».تضيف أنها لم تتلق ولا مرة اتصالا من القيمين على المهرجانات السينمائية في مصر لتكريمه أو لتحمل إحدى الدورات اسمه، كما هي الحال مع فاتن حمامة ونادية لطفي في «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي»، معتبرة أن تاريخ رشدي موجود ومعروض على الشاشات، ويؤكد نجوميته ومساهمته في جزء مهم في السينما المصرية، بالتالي لا تحتاج إلى طلب ذلك، أو لفت النظر إليه.يشير فتحي ابن رياض القصبجي إلى إنه لم يتم تكريم والده على الإطلاق، لكنه عندما ينظر إلى حال نجوم حققوا شهرة أكثر من والده ولم يلقوا أي تكريم، يجد أن الدولة تهمل نجوم الزمن الماضي وليس القصبجي فحسب، مرجعاً ذلك إلى أن وفاة والده منذ سنوات قد تكون سبباً في نسيان الدولة له.يرفض مبدأ السعي إلى تكريم القصبجي، معتبراً أن والده لن يُعوَّض، يضيف: «لا أنسى أنه، في فترة مرض والدي قبل رحيله، اهتمت به الدولة، إذ سانده الرئيس جمال عبد الناصر، ومنحه حرية الاختيار لتلقي العلاج في أي مستشفى، فيما أصدر السادات قراراً بصرف معاش استثنائي لوالدتي».بدوره يشير الفنان محمد التاجي، حفيد عبد الوارث عسر، إلى ضرورة إحياء ذكرى الفنانين الذين مازالوا في ذاكرة الأمة بعد هذا العُمر الطويل، لافتاً إلى أن التكريم الأكبر يناله جده من الناس ومحبي أدواره، والدليل أنه ما إن يدخل مكاناً ويعلم الموجودون فيه أنه حفيده يُقابل بترحيب ويُعامل بمنتهى الاحترام.