العلاقات الفائضة عن الحاجة، تخدع بوصلة الاحتياج!

Ad

خذ من علاقاتك الشخصية ما يكفي من حاجتك العاطفية فقط، فإن ما يزيد على ذلك سيصبح على حساب احتياجك الإنساني، الناجحون في علاقاتهم في الحياة العامة، هم عادة أسوأ الناس في علاقاتهم الخاصة، وبقدر ما تتسع دائرة ضوئهم هناك، بقدر ما تضيق في الجانب الآخر، وسرعان ما تلتهم دائرتهم الضيقة العتمة، وتلبس حياتهم الخاصة عباءة الظلام.

العلاقات مهما كانت صفتها تترتب عليها التزامات وإن كانت غير مكتوبة، تجعل من تلك العلاقة لاغية في حال عجز أحد طرفيها عن القيام بالتزاماته مع إصرار الطرف الآخر على المطالبة بها!

وكلما اتسعت دائرة علاقات الشخص تضاعفت التزاماته، وفي نقطة ما سيشعر بأن حمل كل تلك الالتزامات على كاهليه سيقصم ظهره، ولن يجد أمامه حلا سوى التخلص من بعض تلك الالتزامات، إما من الدائرة العامة، أو دائرته الضيقة الخاصة، ولن ترجح كفة إحداهما، إلا بقدر ما تنخفض كفة الأخرى!

وإذا كانت الدائرة العامة تلبّي حاجاتنا العاطفية من رغبات، وأمنيات، وأحلام، وقيمة حياتية نريدها، فإن الدائرة الخاصة هي التي تلبّي احتياجاتنا الإنسانية، من الحب، والطمأنينة، والحياة المشتركة، ودفء المشاعر التي تورق الحجر!

وهذه الدائرة الخاصة تضيق وتتسع باختلاف الناس، فقد تضم الأقرباء، والأصدقاء، والأسرة الصغيرة، أو بعضهم، وقد تضيق حتى لا تكاد تتسع لصاحبها!

وفي حال أردنا التخفّف من التزامات أحد من دائرتنا الخاصة للتخفيف من مجمل التزاماتنا التي تكاد تودي بظهورنا، سيكون مجرد التفكير بذلك وتحت أي منطق مغامرة كبرى، في نهايتها سيصبح طرف العلاقة الآخر خارج هذه الدائرة، وسيقلل ذلك من اكتفاء احتياجنا الإنساني، بنفس القدر الذي كان يملأه ذلك الشخص في تلك الدائرة.

أما إذا كان شخصا فائضا عن الحاجة، فهذا يعني أننا كنا نظلم جميع من في دائرتنا الخاصة وقبلهم أنفسنا كل الوقت الذي كان هذا الشخص الفائض يحتل مساحة في هذه الدائرة، فلقد حمّلنا أنفسنا التزامات كنا نقوم بها في علاقة لا نحتاجها، كان من الأجدى لو استثمرنا ما بذل في تلك العلاقات في علاقتنا بأنفسنا وبالأشخاص الآخرين الذين يستحقون البقاء في هذه الدائرة الخاصة.

أما إذا راهن أحد منّا على أنه سيحافظ على الوفاء بالتزاماته تجاه دائرته العامة، في مقابل التخفّف من التزامات دائرته الخاصة دون أن يفقد فرداً فيها، إما يقيناً بمدى قوتها، أو ربما لأسباب غير ذلك، ذاك رهان ستثبت له الأيام أنه سينتهي بالخذلان، سيفقد شيئاً من دائرته الضيقة رويداً رويداً، وربما دفعة واحدة، ولكن في الحالتين سينقص ذلك شيئاً من قلبه.

مما يجعله يراجع نفسه ليفكر في التخلص من بعض الالتزامات في الدائرة العامة، وهي كما في الدائرة الخاصة إما التزامات لعلاقات فائضة عن الحاجة، ولن يؤدي التخلص منها إلى أي أثر يذكر، مما يضعنا أمام حماقتنا مرة أخرى، لماذا استثمرنا فيها مشاعرنا ووقتنا من الأساس؟! أو انها علاقات مثمرة فعلا وتلبّي حاجاتنا العاطفية، فنصبح أمام خيارين حينها إما أن نضحي بشيء من حاجاتنا العاطفية، أو أن نضحي بما يساويها من احتياجاتنا الإنسانية في الدائرة الخاصة... فحتى لا نقع في مثل هذا الوقت، لا حاجة لنا للعلاقات الفائضة عن الحاجة في الدائرتين ليظل لقلوبنا مساحة كافية ومريحة للمناورة فيها، فكلما أرحنا قلوبنا... أراحتنا!