الوشيحي... لا تحزن ولا تهن

نشر في 17-12-2015
آخر تحديث 17-12-2015 | 00:09
 عبدالمحسن جمعة   عرفت الزميل الكاتب محمد الوشيحي منذ فترة طويلة، وعملت معه في عدة مجالات، والتقينا في بيت الروضة أيام "نبيها خمسة"، واختلفت معه في فترة ما سمي بالحراك، وكنت أرى أن حراكاً يقوده الإخوان المسلمون وقوى دينية وقبلية مآله الفشل لا محالة، وكذلك الخروج إلى الشارع تحت رايتهم ستكون له تداعيات سلبية، ونكسات على الديمقراطية والدولة المدنية التي نسعى إليها خاصة عندما نستذكر دور "الإخوان" منذ 1976 في دمار هوية الكويت المدنية الديمقراطية، وكنت أرى أن الخروج إلى الشارع يجب أن يكون بقرار شعبي موحد وواسع بعيداً عن المناطقية والطائفية والقبلية، وبالفعل فشل الحراك وتفتت، وهو ما نشهد نتائجه اليوم في الديرة من مظاهر التفرد والهيمنة والتسلط على الساحة الكويتية.

  ما علينا... اختلاف الرؤى والتوجهات مع الزميل الوشيحي أو أي صاحب رأي وتوجه فكري أو سياسي لا يعني أننا يجب أن نتغاضى عن انتهاك حقوقه، ونسف مبادئ  ومسلمات دولة الديمقراطية والمؤسسات التي أسسها المرحوم عبدالله السالم، ورفاقه مؤسسو دولة الكويت الحديثة الديمقراطية الرواد عبدالعزيز الصقر وعبداللطيف ثنيان الغانم وجاسم القطامي وعبدالرزاق الخالد وسامي المنيس، وكل رموزنا الوطنية المعروفين الأحياء منهم أو من فارق الحياة، الذين لم يتصوروا يوماً أن مسؤولاً تنفيذياً رفيعاً في الدولة مثل اللواء مازن الجراح سيخاطب كتاباً وأصحاب رأي بهذا الأسلوب الذي أقل ما يوصف به أنه غير لائق ولا يعبر عن دولة مؤسسات دستورية.

  لا أعتقد أن أي دولة يحكمها دستور وقانون يسمح لشخص مطلع على أسرار وملفات المواطنين بحكم منصبه أن يخرج ويتكلم بأسلوب يلمح به ضمنياً الى أن خفايا ملفاتكم الشخصية يمكن أن تراجع يوماً ما بحسب آرائكم وتوجهاتكم السياسية، وهو ما يعني أننا تحولنا من مواطنين إلى رعايا نرعى في كنف السلطة التي يمكنها في أي يوم أن تفتح ملفاتنا لتبحث لنا عن هفوة أو خطأ هنا أو هناك وفقاً لرضاها من عدمه تجاهنا لتحرمنا من وطننا! وخاصة أن لكل إنسان أو أسرته لابد من هفوة "فمن كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر".

  نعم نحن مع تطبيق القانون على الجميع وخاصة في ما يتعلق بالجنسية، ولكن كلام اللواء الجراح في قناة المجلس وأخيراً في ديوان المعطش كان يحمل دلالات أن السلطة تطبق هذا الأمر حسب توجهاتها، كما أن أسلوبه في الحديث عن نواب سابقين ورجال إعلام وكتاب كان يحمل معاني خطيرة من الاستهزاء والتهكم، وخاصة أنه من الأسرة الحاكمة، فإذا كان كلامه بموافقة ورضا من الأسرة فهذا مؤشر على منعطف بالغ الخطورة من التداعيات السلبية على الكويت، وإذا كان رجل بمكانة اللواء الجراح واطلاعه على أدق تفاصيل الكويتيين بما فيها نتائج (DNA) لأسر كويتية فمن سيأمن على حياته الشخصية وأسراره في البلد؟

   أنا أعلم أن بعض أطراف النفوذ والسلطة لا تتورع عن استخدام أي أداة في صراعاتها العبثية على المناصب والمال والنفوذ، وأن ملفاتنا وخاصة الإعلاميين والكتاب والسياسيين مفتوحة لاصطياد أي زلة شخصية أو أسرية لاستخدامها في تلك الصراعات، وهو أمر أصبح بالغ الخطورة وسيكون له آثار بالغة السوء على السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية، لذا فإن على من بيده القرار أن يعي أن كسب جولة لا يعني الفجور في الخصومة،  فالمنطقة في مرحلة اضطراب كبيرة لم تتضح بعد ملامحها، وتماسك الجبهة الوطنية يتطلب نظرة مسؤولة وحصافة وحكمة في الكلام.

***

في ظل انتشار ظاهرة تداول معلومات المواطنين الخاصة، وتسريب المعلومات الموجودة في ملفاتهم الوظيفية والصحية وشؤون الجنسية من موظفين صغار وكبار، نتمنى أن يكون للسلطة القضائية وقفة جادة وأحكام صارمة بهذا الشأن.

back to top