قيود أمنية على الكويتيين!
فكرة القيد الأمني بدأت مع شريحة البدون وفق معلومات وبيانات من وزارة الداخلية أو استخبارات الجيش، وتحمل تهماً خطيرة، وبالتالي تعوق أصحابها عن استكمال إجراءات التجنيس أو حتى إصدار البطاقة التعريفية لهم كبدون، ولكن عندما يعمم مثل هذا القيد الأمني ليشمل المواطنين الكويتيين على خلفية أفكارهم ومواقفهم السياسية فهذا أمر خطير.
لأول مرة في الكويت تبيّن أن هناك قيوداً أمنية على مواطنين كويتيين لها قوة الفيتو على قرارات حكومية على المستوى الوزاري، ومن شأن هذه القيود الأمنية أن تمنع أي مواطن من حقه في تولي الوظائف العامة وإن كانت بعيدة جداً عن المناصب الأمنية والحساسة!فكرة القيد الأمني بدأت مع شريحة البدون وفق معلومات وبيانات من وزارة الداخلية أو استخبارات الجيش، وتحمل تهماً خطيرة، وبالتالي تعوق أصحابها عن استكمال إجراءات التجنيس أو حتى إصدار البطاقة التعريفية لهم كبدون، ولكن عندما يعمم مثل هذا القيد الأمني ليشمل المواطنين الكويتيين على خلفية أفكارهم ومواقفهم السياسية فهذا أمر خطير، وبحاجة إلى وقفة جادة لأن مثل هذه التهمة تمس صميم الإخلاص والولاء للوطن. فهل مفهوم الولاء والنزاهة بات مرتبطاً بالحكومة وتوجهاتها السياسية؟ وفي هذه الحالة يجب تعريف المفهوم القانوني للحكومة وماهية الرضا السياسي عن المواطن الكويتي، وهل يجوز وفقاً لأحكام الدستور والقانون أن يمنع أي مواطن حسن السيرة والسلوك، ولم تتخذ بحقه أي إجراءات في التحقيق أو المحاكمة، ولم تصدر ضده أحكام قضائية في تهم تدينه، من تولي وظائف عامة تتناسب مع مؤهلاته، وأثبت جدارته في المنافسة عليها بحجة مواقفه السياسية المعلنة أو حتى غير المعلنة؟!معظم رموز القوى السياسية تعرضوا للملاحقة والتحقيق والاعتقال منذ الاستقلال، وقدموا للمحاكمة بتهم تتعلق بالانقلاب على النظام السياسي، وبدأت هذه الملاحقات في الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي مع القوميين والليبراليين، ثم مع الشيعة في حقبة الثمانينيات، وتكررّت على خلفية التأبين في عام 2008، والدور الآن على أبناء القبائل، والتهم واحدة وتتمثل بالمعارضة السياسية التي تفهمها الحكومة انقلاباً على النظام السياسي!الغريب في الأمر أن العديد ممن تمت ملاحقتهم وسجنهم واتهامهم بالخيانة العظمى أصبحوا وزراء في حكومة دولة الكويت على مدى التشكيلات الوزارية المتعاقبة، فهل هناك أسرار أمنية أو معلومات سرية أهم مما يتحمّل مسؤولياتها السادة الوزراء؟ ولماذا تم قبول مثل هذه الشخصيات بأن تكون رجال دولة وفق النصوص الدستورية؟!في المقابل لماذا يتم رفض تعيين شخصيات أكاديمية أو سياسية مشهود لها بالخير والوطنية لتولي مهام مكاتبنا الثقافية في الخارج بحجة وجود قيود أمنية عليهم؟ هذا ما حصل بالفعل مع أربعة ممن اختارهم وزير التربية مؤخراً وفق لجان اختيار محايدة وفنية، فهل مسؤولية إدارة مكتب ثقافي في الخارج، والإشراف على سير دراسة أبنائنا المبتعثين، أهم وأخطر من قيام هؤلاء الأساتذة بالتدريس في جامعة الكويت وتولي عمادة بعض كلياتها؟ من يعوّض هؤلاء الكويتيين عن الطعن المباشر بوطنيتهم وولائهم لبلدهم وخدمة الدولة في أي موقع ومنصب؟ وما التهم المرسلة التي يجب تجنبها حتى ينال الناس رضا الحكومة التي باتت تتحكم حتى في أرزاق المواطنين وطموحاتهم في التدرج الوظيفي؟ وأين الرقابة التشريعية من هكذا ممارسات تقيّد كل أشكال الحريات العامة في حين الدولة وأركانها ومواطنيها يفترض أن يكونوا جميعاً في خندق واحد من أجل مواجهة الإرهاب الحقيقي الذي نال من بلدنا وشعبنا؟!