يناقش الأميركيون ما إذا كان عليهم الانضمام إلى خطة العمل الشاملة المشتركة التي تمنح المفتشين اطلاعاً كافياً على النشاطات الإيرانية المريبة وغير المصرَّح عنها، وما إذا كانت العقوبات ستُفرض مجدداً في حال انتهكت إيران الصفقة، ولكن ثمة مشكلة أكبر: تمنح الخطة المشتركة إيران وأصدقاءها أسساً تسمح لهم باستثناء من العقوبات التي قد تُفرض مجدداً المبيعات الطويلة الأجل من النفط والغاز الإيرانيين أو أي سلعة غير نووية ترغب فيها إيران.

Ad

تشكل هذه ثغرة في الاتفاق تستطيع إيران وشركاؤها التجاريون المستقلبيون من خلالها تبادل ناقلات نفط طوال عشرين سنة مثلاً، بالإضافة إلى ذلك سيفقد الرئيس الأميركي أي نفوذ اقتصادي حقيقي. يحدد المقطع 37 من خطة العمل الشاملة المشتركة شروط العودة إلى فرض العقوبات، التي تشكل الوسيلة الوحيدة في الخطة التي تفرض تطبيقها، لكنه يستثني فرض عقوبات الأمم المتحدة القديمة مجدداً.

إذاً، متى يبدأ العمل بهذه الخطة وتُرفع العقوبات تستطع إيران أو أي كيان إيراني توقيع عقود طويلة الأجل (لعشرين سنة مثلاً) بغية بيع أي فريق، بمن في ذلك الصينيون والروس واللبنانيون أو أي فريق داعم لإيران، كل الغاز والنفط الذي تقرر إيران بيعه في المستقبل، ويشبه هذا "عقود الناتج" التي تُستخدم في عالم التجارة، وعلى نحو مماثل تستطيع إيران توقيع عقود طويلة الأجل لشراء سلع أخرى غير نووية أو بيعها، فضلاً عن تغطية اتفاقات إضافية تُعتبر مرفوضة لولا ذلك.

نعم ستعود العقوبات وفق هذا السيناريو إلا أنها ستترافق مع ثغرة ضخمة تصل قيمتها إلى ملايين الدولارات، ولا عجب في أن إيران سارعت إلى استغلال هذه الثغرة، ففي 23 يوليو بعد مرور تسعة أيام فقط على إعلان خطة العمل المشتركة الشاملة أعلن وزير الصناعة والمناجم والتجارة الإيراني محمد رضا نعمت زاده تحضير "نموذج عقود" جديد صُمم بادئ الأمر لقطاعي النفط والغاز الإيرانيين، إلا أنه قد يُطبق لاحقاً على القطاعات الأخرى أيضاً، ولكن كم ستدوم هذه العقود؟ من عشرين إلى خمس وعشرين سنة.

لا تدوم العقود الطويلة الأجل لبيع النفط عادةً أكثر من بضع سنوات، كما يوضح الخبير لوشيان بوغلياريسي من شركة EPRINC الاستشارية في مجال الطاقة، ولكن بغية تفادي العقوبات ستوقع إيران وشركاؤها عقود بيع أطول بكثير أو ستربطها باستثمارات، وخدمات، أو نقل خبرات نراها عادة مع الترتيبات التي تدوم فترة أطول، وفي مطلق الأحوال ستشدد إيران على أن يكون أي نشاط تجاري مستقبلي تخوضه مستثنى من نظام عقوبات.

لن تكون إيران المروج الوحيد لهذا الأسلوب، كما شدد أخيراً وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، فقد تدعمه أيضاً الشركات والدول التي ستجني الفوائد من هذه العقود الطويلة الأجل، وقد يكون بعضها شريكاً في خطة العمل المشتركة الشاملة، مثل الصين وروسيا، لكن حلفاءنا في ألمانيا وفرنسا ودول أخرى بالتأكيد يرسلون أيضاً مهمات تجارية إلى طهران.

ثمة ضابط واحد لإعفاء العقود الطويلة الأجل في خطة العمل المشتركة الشاملة: تفرض هذه الخطة "أن تكون النشاطات التي تتناولها هذه العقود وتُنفذ بموجبها متوافقه مع خطة العمل المشتركة الشاملة والقرارات السابقة والحالية لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة". إذاً لا تستطيع إيران مثلاً توقيع عقود لشراء أجزاء من أسلحة نووية لأنها تتنافى مع خطة العمل المشتركة الشاملة، لكنها وشركاءها التجاريين سيحاججون بمنطق أن أي عقد يوقع خلال فترة هذه الخطة ولا تُعتبر نشاطاته وتوقيعه مخالفة للخطة المشتركة أو القرارات (عند "دراسة" هذه النشاطات و"تنفيذ" الاتفاق أو توقيعه) يصبح "معفى" ولا يمكن بالتالي منعه، حتى لو أُدرجت عقود مماثلة ضمن النشاطات التي تحظرها أي عقوبات جديدة.

نتيجة لذلك ستحظى إيران وشركاؤها بمبررات جيدة تسمح لهم بالتمسك بموقفهم، ولا يمكن للشروط عموماً أن تكون بلا أي معنى؛ لذلك من غير الممكن أن يعني المقطع 37 أن الإعفاء من العقوبات التي قد تُفرض مجدداً يقتصر على السلع التي لا تغطيها أساساً العقوبات المفروضة مجدداً، لأنه في هذه الحالة سيكون إعفاء لا معنى له.

بما أن عقوبات الأمم المتحدة باتت اليوم عرضة للتأويل والتفسير، تبقى الأداة الفاعلة الوحيدة التي تملكها واشنطن العقوبات الأحادية الطرف، بما فيها تلك التي تؤثر في النظام المالي في الولايات المتحدة وبالتالي الجزء الأكبر من العالم، ولكن هل نفرض حقاً عقوبات على كيانات صينية أو روسية أو فرنسية لشرائها نفطاً صدرته إيران بموجب عقود طويلة الأجل أعفتها على ما يبدو خطة العمل المشتركة الشاملة من عقوبات الأمم المتحدة؟

هليل فرادكن & لويس ليبي