حتى اللحظة، لاتزال حلبة السباق الرئاسي بين المتنافسَين الديمقراطيين هيلاري كلينتون وبيرني ساندرز، تحافظ على «رصانتها»، وخلافاً للهجمات التي شنها المرشح الديمقراطي الثالث مارتن أومالي، حاكم ولاية ميرلاند السابق، لم يلجأ ساندرز وكلينتون إلى «الأسلحة القذرة» لكسب تأييد القاعدة الديمقراطية.

Ad

يمكن القول إن تقليد الابتعاد عن الهجمات الشخصية الذي حاول الرئيس الأميركي الراحل رونالد ريغان، أحد أبرز رموز الحزب الجمهوري إرساءه كلغة للتعامل الانتخابي بين المرشحين، يجري خرقه بشكل فظ من مرشحي حزبه، بينما الديمقراطيون هم من يلتزمون به.

البعض يرد الأمر إلى ازدحام عدد المتنافسين الجمهوريين، واستعجالهم استبعاد بعضهم بعضاً في أقصر مدة ممكنة، في حين أن اقتصار عدد المتنافسين الديمقراطيين على عدد محدود يفرض التزاماً أكبر في الحفاظ على رصانة التعامل.

لكن هناك من يعتقد أن الوضع قد يتغير سريعاً بين كلينتون وساندرز، رغم تشديد الأخير على التزامه أخلاقيات التنافس الانتخابي تحت كل الظروف، غير أن القيّمين على حملة كلينتون يعيدون حساباتهم هذه الأيام، بعد تمكُّن ساندرز من التفوق على كلينتون في ولاية نيوهامبشر وتقليصه الفارق إلى أقل من 11 نقطة في ولاية أيوا.

استطلاعات الرأي، التي يصاحبها نشر عدد كبير من تعليقات المستطلعين، تشير إلى أن القاعدة الديمقراطية تسأل كلينتون عن ميزاتها في مواجهة ساندرز، والفروقات الحقيقية بينهما، بما يتيح للناخب حسم قراره في الاختيار بينهما.

كلينتون تحاول التميز بالتركيز على حملة مكافحة المخدرات والكحول، وعلى خفض ديون القروض التعليمية، وعلى المساواة في الأجر بين النساء والرجال، فضلاً عن برامج الرعاية المبكرة للطفولة.

من ناحيته، يركز ساندرز على مواجهة «طبقة المليونيرات»، وعلى «الانحياز» إلى مصالح الفقراء والاستثمار في صفوف الفئات الشابة.

ومع اقتراب موعد المناظرة الأولى بين المرشحَين الديمقراطيين في 13 أكتوبر المقبل، فإن ضعف الفروقات بينهما قد يعجل باستدراج شن الهجمات الشخصية، لكن القيمين على حملة كلينتون يتحفظون عن لجوئها إلى استخدام سلاح التهجم الشخصي على ساندرز، والذي سبق أن استخدمته خلال تنافسها مع المرشح باراك أوباما عام 2008، إذ يحتمل أن تكون نتائجه عكسية على حملتها تماماً كما جرى في ذلك العام.

كلا المرشحين لديه نقاط سلبية في مسيرته الشخصية، وفي مواقفه السياسية، سواء الداخلية أو الخارجية، ورغم تفوق كلينتون في ميدان السياسة الخارجية، لاسيما أنها كانت وزيرة سابقة، فإن ساندرز يسعى إلى «تظهير» الاختلافات بينهما؛ إذ إنه صوَّت ضد حرب العراق في حين أيدتها كلينتون رغم اعترافها بالخطأ لاحقاً.

ساندرز يريد إعادة النظر في القوانين الناظمة لعمل «وول ستريت» وبنوكها بعد الركود الكبير الذي ضرب أسواق المال والعقارات عام 2008، بينما تلتزم كلينتون الصمت حول هذه القضية. هو يقف ضد مشروع مد أنابيب الغاز والنفط المعروفة بـ»كي ستون بايبلاين»، بينما لم تعلن كلينتون موقفاً منها.

غير أن كلينتون بدأت تستعين بحلفائها لشن تلك الهجمات بلسان نافذين من الحزب الديمقراطي، لكن مزاج القاعدة يميل إلى ضرورة الحفاظ على الرصانة ومطالبة المرشحين الديمقراطيين بالتنافس الشريف عبر التركيز على شرح برامجهم، بدلاً من وصف منافسيهم بـ«المغفلين» و«فاقدي الحيوية»، كما يفعل دونالد ترامب مع منافسيه الجمهوريين.