تقر البحوث حول الأخطاء الطبية في العالم بتوسع رقعتها حتى في الدول المتطورة كأميركا وألمانيا (1 من 10 مرضى يتعرضون للأخطاء بحسب منظمة الصحة العالمية)، والكويت ليست استثناء من ذلك، لكن ما يجب التنبيه إليه هو السلوك الإداري الذي يعقب حالات الوفاة أو الإعاقة نتيجة الخطأ.

Ad

أول العمود:

 في كل حادثة تعذيب تفشل القوى السياسية في الظهور كقوة واحدة لمناهضته، فكل تجمع يدافع عن الشخص الذي يتبع له وهذه فضيحة بحد ذاتها.

***

نشرت جريدة القبس بتاريخ 20 سبتمبر الجاري إحصائية مثيرة جمعت الأخطاء الطبية التي نتج عنها وفاة خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وهي 7 حالات من أصل 10، وجاءت الأرقام شاملة الحوادث الأخيرة 2015، وكان نصيب المواطنين فيها كبيراً (6 مواطنين ولبناني توفوا فيما توزعت حالات الإضرار بين مصاب بإعاقة وآخر بغيبوبة وثالث بفشل كلوي ورابع بخلع أسنان غير ضروري).

تقر البحوث حول الأخطاء الطبية في العالم بتوسع رقعتها حتى في الدول المتطورة كأميركا وألمانيا (1 من 10 مرضى يتعرضون للأخطاء بحسب منظمة الصحة العالمية)، والكويت ليست استثناء من ذلك، لكن ما يجب التنبيه إليه هو السلوك الإداري الذي يعقب حالات الوفاة أو الإعاقة نتيجة الخطأ.

في ظني أن حدوث 6 حالات وفاة نتيجة لخطأ طبي في فترة 8 شهور من العام الحالي تستوجب استقالة الوزير أو إقالته، خصوصاً بعد هروب أحد الأطباء المسؤولين عن أحد الأخطاء خارج البلاد، وتواتر أنباء عن ممارسة أطباء تحت التدريب عمليات خطرة أدت إلى حالات وفاة.

وفي الاستقالة سلوك حضاري لجهاز الصحة في الكويت ونقطة إيجابية لمجلس الوزراء كجهاز سياسي، ويجب عدم النظر إلى مثل هذا الإجراء على أنه إهانه لأي طرف أو جهة، خصوصاً أن الخسارة هنا تقع في أرواح مواطنين ووافدين.

ثانياً، يجب على أي وزير للصحة أن يجابه مسألة الخطأ الطبي بجرأة وعدم تردد من خلال توضيح ملابسات الحالة بالسرعة الممكنة، وعدم ترك الأمور للشائعات وتداول الرأي غير الطبي، ففي ذلك حماية للكادر الطبي أدبيا ومهنيا واحتراما لذوي المتوفى، ونعتقد بضرورة الإفصاح سنويا عن إحصاءات بهذا الشأن لمراقبة تحسن مستوى جودة الخدمات الصحية.

ثالثاً، من الأمور البدهية أن تكون لجان التحقيق في الأخطاء الطبية محايدة تحقيقا لمبدأ الشفافية، وهنا نطرح فكرة التعاون مع كلية الطب في جامعة الكويت، حيث تشكل لجنة من أعضاء هيئة التدريس في الكلية لبحث موضوع الخطأ، وبذلك ينتفي عنصر الميل والمجاملات، ونقول ذلك بسبب رداءة إجراءات التحقيق في بعض الحوادث أو الرغبة السياسية في امتصاص غضب الناس، وقد يكون من نتيجته الإضرار بالحق الأدبي للطبيب كسجنه أو إدانته مع وقف التنفيذ، وهذه بحد ذاتها إهانة لا ينساها طوال حياته.

في مسألة الخطأ الطبي يجب إحكام العملية الإدارية الخاصة بسير التحقيق لمصلحة جميع الأطراف: الطبيب والوزارة والمستشفى والمريض وذووه، فللأخطاء أسباب كنقص الخبرة والإهمال والنسيان، وللأخطاء أطراف كالممرض والدواء والمعدات وجاهزية غرفة العمليات؛ لذلك نقول إن إجراء التحقيق بحيادية ومهنية لكشف جميع المسببات ضروري لسمعة الجهاز الصحي الذي ما وضع إلا لمصلحة الناس.