انتهى الاحتفال الثقافي الأهم، أو الذي من المفترض أن يكون الأهم، وهو المعرض السنوي للكتاب العربي في الكويت وسط مجموعة من الخيبات الثقافية التي يبدو أنها تتجه نحو مزيد من الخيبات المتتالية في المستقبل إذا استمر الوضع كما هو عليه الآن.
الوضع الثقافي يمر بأسوأ حالاته دون أدنى مبرر منطقي لهذا التردي سوى صراعات إدارية وغياب القرار.تحدثنا عن منع الكتب في مرات سابقة، وكان هذا المنع هو سبب رئيس لغياب القارئ النوعي الذي يستطيع الحصول على الكتاب بطريقة أو بأخرى ليست صالات المعرض إحداها، والذي نؤكد عليه مرة أخرى هو السبب الحقيقي للمنع وهو تكريس الأدب الهابط مقابل الجيد، ليس في المجال المحلي فحسب، بل في العربي أيضا. ذلك هو "النجاح" الوحيد الذي حققه المعرض والذي إن استمر يحصد نجاحا كهذا فسيتحول إلى معرض كتاب لا علاقة للثقافة والآداب والفنون به. ولكي نكون منصفين فإن المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب خرج من هذه الملهاة/ المأساة سليما حين قام بتوريط رقابة المطبوعات وتحميلها المسؤولية عما حدث. ولكنه، أي المجلس، يبقى مسؤولا عن فعالياته التي لا تليق بدوره كجهة تمتلك مقومات التنظيم وإمكاناته.لم يفاجئنا المجلس بما هو غير متوقع منه وهو يعيد علينا الأسماء التي نعرفها ويعرفها وتكررت زياراتها للكويت رغم فشلها في تقديم طرح مقنع للجمهور. لا أرى قيمة لحضور الروائي يوسف زيدان رغم امتعاض الحضور والمثقفين من طرحه المتواضع في مناسبات سابقة. في المقابل يحسب للمجلس دعوة الروائي الكبير إبراهيم الكوني الذي قدم محاضرة عن تجربة الصحراء في روايته، ورغم اختلافنا معه في الكثير مما قدمه من طرح في ما يخص الهوية الثقافية وعلاقتها باللغة، واختلافنا معه أيضا في تفسير عبارة جورج لوكاتش "الرواية ابنة المدينة"، فإن الرجل كان متقبلا لهذا الاختلاف، راقيا في طرحه وردة فعله. كنا نتمنى أن تليق هذه الفعاليات بمناسبة المعرض، وتستحق أن يطلق عليها ظاهرة ثقافية حقيقة، تصاحبها أمسيات شعرية وحوارات سردية ونقدية.الندوة الأهم التي أود أن أناقشها هنا هي ندوة "مختبرات السرد الخليجية" التي تم تنظيمها لإعلان مختبر السرد الكويتي الذي يشرف عليه الأخوة في دار الفراشة. تلك خطوة مبشرة تدعم المشهد الثقافي وغير الرسمي تحديدا، وتساهم بشكل كبير في خلق طاقات قرائية، إن لم نقل نقدية، وتنمية مواهب شابة على طرق الكتابة المختلفة في السرد الروائي والقصصي.الملاحظة الوحيدة هي استضافة طاقات نقدية خليجية رائعة لهذه الندوة مثل الدكتور فهد حسين والأستاذة منى السليمي واقتصار مشاركتيهما بعشر دقائق لكل منهما. كنت أتمنى أن نستغل وجود هذين الناقدين وقد تكبدا عناء السفر والإقامة بقراءات لروايات خليجية وعربية وإقامة أمسية مستقلة لهما. نحن نشتكي كثيرا غياب الناقد الخليجي عن أعمالنا، وندعي أن الناقد المتوافر لا يهتم بأعمال كتابنا الإبداعية، وفي حال تواجد الناقد وأبدى استعداده لطرح عمله النقدي ضاق المكان به.سنبقى على ثقة بأن المستقبل أجمل، وأن الصحوة القرائية أولا والكتابة ثانيا ستمضي إلى الأمام، وما يحدث من وضع العراقيل أمامها سيزيدها إصرارا، وكما تغلب الفكر الغربي في السابق على عراقيل مماثلة سيتغلب الفكر العربي على هذه العراقيل.
توابل - مزاج
مشاهدات متفرقة
29-11-2015