تواصل روسيا وبريطانيا الأحد اجلاء سياحهما من شرم الشيخ ومناطق سياحية أخرى في مصر بعد ثمانية أيام على حادث تحطم الطائرة الروسية في سيناء الذي ينسبه الغربيون إلى انفجار قنبلة.

Ad

وفي مواجهة رحيل السياح وتعليق الرحلات إلى مصر حيث تعتبر السياحة قطاعاً أساسياً للاقتصاد، تتمسك السلطات المحلية بموقفها مؤكدة انتظار نتائج التحقيق حول حادث تحطم الطائرة الذي أعلن تنظيم الدولة الإسلامية الناشط في شمال سيناء مسؤوليته عنه.

وفي شرم الشيخ، القبلة السياحية في شبه جزيرة سيناء والتي أقلعت منها طائرة ايرباص ايه 321 الروسية في 31 أكتوبر وعلى متنها 224 شخصاً قبل أن تتحطم، كان آلاف السياح الروس والبريطانيين ينتظرون إعادتهم إلى بلادهم وسط أجواء من القلق.

وأرسلت موسكو السبت 44 طائرة فارغة إلى شرم الشيخ والغردقة، المنتجعين السياحيين على البحر الأحمر حيث لا يزال هناك نحو 78 ألف سائح روسي.

وقالت الكسندرا كوندراتييفا وهي تنتظر وسط مئات السياح الروس في مطار شرم الشيخ على أمل الصعود بأسرع وقت ممكن في طائرة "ما يحصل للسياحة المصرية لا يهمني، كل ما أريده هو العودة إلى بلادي بأمان".

أما لندن التي علقت رحلاتها من وإلى شرم الشيخ، فباشرت الجمعة إعادة مواطنيها من مصر وقامت بإجلاء حوالي 3500 بريطانيا في 17 طائرة خلال 48 ساعة، من أصل حوالي عشرين ألفاً موجودين في مصر.

ولا يمكن للمسافرين أن يحملوا معهم في الطائرة سوى حقيبة يد على أن تنقل حقائبهم في وقت لاحق، عملاً بالتدابير الأمنية الجديدة التي أعلنتها الحكومة البريطانية الخميس بالتشاور مع السلطات المصرية وشركات الطيران.

وانتقد السائح البريطاني بن خسرافي (27 عاماً) لدى وصوله إلى مطار لوتون في لندن الجهاز الأمني في مطار شرم الشيخ وقال "لدينا أصدقاء كانوا يحملون ولاعات في جيوبهم، كان عناصر الأمن يفتشوننا من غير أن يطلبوا منا اخراج ما في جيوبنا، كان من المقلق أن نرى بأي سهولة يمكن تخطي التفتيش الأمني، يمكنكم دفع رشوة إلى بعض الأشخاص لتمريركم بسرعة أكبر".

وما عزز المخاوف كشف وسائل الإعلام البريطانية السبت أنه في أغسطس عبر صاروخ على مسافة أقل من 300 متر من طائرة تابعة لشركة تومسون ايرويز كانت تقل 189 سائحاً من لندن إلى شرم الشيخ قبيل هبوطها في مصر.

لكن الناطق باسم الخارجية المصرية أحمد أبو زيد وصف هذه المعلومات بأنها "تفتقر إلى المنطق" و"غير دقيقة على الإطلاق" وأوضح على تويتر أن الحادث وقع أثناء "تدريبات بنيران أرض-أرض في قاعدة عسكرية قرب مطار شرم الشيخ ولم تتضمن أي اطلاق نيران أرض-جو"، مؤكداً على أن "الحكومتين المصرية والبريطانية على دراية كاملة أن الطائرة لم تكن في خطر وأن شركات الطيران أعلمت مسبقاً بالتدريب العسكري وتلقت ارشادات بالإجراءات" اللازمة.

وتهدد الكارثة الجوية بتسديد ضربة قاسية جديدة إلى السياحة في مصر وتحديداً في شرم الشيخ التي تعتبر جوهرة السياحة في هذا البلد.

ومنذ ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011 التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك، تراجع اقبال السياح الغربيين على المواقع السياحية المصرية في وقت تعاني البلاد من انعدام الاستقرار ولا سيما في شمال سيناء حيث ينشط تنظيم "ولاية سيناء" فرع تنظيم الدولة الإسلامية في مصر.

وقال محمد منصور شاكياً وهو يرى السياح الروس يغادرون فندقه الفخم في شرم الشيخ "إننا تحت الصدمة، حوالي خمسين بالمئة من نزلائي من الروس، وحصل الأمر مباشرة قبل موسم عطل عيد الميلاد".

رحلة "طبيعية" حتى الدقيقة 24

وطرحت بريطانيا والولايات المتحدة صراحة فرضية انفجار قنبلة في طائرة شركة ميتروجت الروسية التي كانت متوجهة إلى سان بطرسبورغ، فيما أمرت روسيا بتعليق رحلاتها المدنية إلى مصر في خطوة تشير إلى أنها تبنت على ما يبدو هذه الفرضية.

وقال مصدر قريب من التحقيق الجمعة لوكالة فرانس برس أن تحليل الصندوقين الأسودين مع ما تم جمعه من معلومات من مكان تحطم الطائرة وخبرة المحققين، يتيح "ترجيح" فرضية الاعتداء بقنبلة.

غير أن رئيس لجنة التحقيق في حادث الطائرة أيمن المقدم أعلن خلال مؤتمر صحافي السبت في القاهرة أن "الملاحظات الأولية على حطام الطائرة لا تسمح حتى الآن بمعرفة أصل تفكك" الطائرة، مشيراً إلى أن اللجنة تأخذ بعين الاعتبار كل "السيناريوهات المحتملة لأسباب الحادث".

وأفاد المقدم أنه "تم تفريغ مسجل صوت قمرة القيادة بنجاح وتم الاستماع له بشكل مبدئي"، موضحاً بأن الصندوقين الأسودين للطائرة الروسية توقفا عن العمل "بعد 23 دقيقة و14 ثانية" من اقلاعها.

وأضاف أنه "سمع صوت في الثانية الأخيرة يستلزم اجراء تحليل طيفي له في مختبرات متخصصة لمعرفة طبيعة هذا الصوت".

كذلك قال وزير الخارجية المصري سامح شكري في وقت سابق السبت أنه لا توجد أي "فرضية" حتى الآن في التحقيق.

وأضاف في مؤتمر صحافي في القاهرة "لم نستبعد أي احتمال لكن ليست هناك أي فرضية قبل انتهاء التحقيقات".

لكن بحسب المصدر القريب من التحقيق، فإن فك شيفرة التسجيلات المتعلقة بمعطيات الرحلة، وتسجيل الأصوات الصادرة من قمرة قيادة الطائرة تفيد أن "كل شيء كان طبيعياً" على مستوى الأجهزة أو الأحاديث حتى الدقيقة الـ 24 للرحلة عندما توقف الصندوقان الأسودان عن العمل بشكل مفاجئ ما يدل على "انخفاض مفاجئ جداً للضغط ناتج عن انفجار".

وقال المصدر نفسه أيضاً أن "فرضية الانفجار الناتج من خلل فني أو حريق مستبعدة بشكل كبير لأن التسجيلات (في حالة مماثلة) كانت سترصد شيئاً قبل انقطاع الاتصال وكأن الطياران سيقولان شيئاً".

وقال مصدر آخر قريب من التحقيق لفرانس برس أن تحليل أحد الصندوقين الأسودين يؤكد الطابع "العنيف والمفاجئ" لما حصل للطائرة ما أدى إلى سقوطها، مضيفاً أن صوراً تكشف آثار شظايا تتجه من الداخل باتجاه الخارج تؤكد فرضية حصول انفجار داخل الطائرة.