تعيش منظمة أوبك حالة من الفوضى، وفي الأسبوع الماضي هبط سعر خام برنت الى أقل من 38 دولاراً للبرميل، وهو الأدنى منذ سنة 2008، ولو كانت هذه المنظمة تعمل بصورة سليمة لكانت خفضت الانتاج من أجل دفع الأسعار الى الارتفاع من جديد، ولكن أعضاءها اختاروا الاستمرار في الضخ.
لماذا؟ لأن التقنية، مع تباطؤ الطلب من قبل الأسواق الناشئة، غيرت اقتصادات النفط، وتلك أنباء سيئة بالنسبة إلى منظمة أوبك، ولكنها جيدة بالنسبة الى كل جهة اخرى، ولاسيما إذا كانت لدى الحكومة الأميركية والآخرين الفطنة لتوجيه ضربة الى "أوبك" وهي في حالة ضعف.لقد أفضت ثورة الزيت الصخري في الولايات المتحدة الى زيادة كبيرة في امدادات الدول من خارج منظمة أوبك، وفي الوقت ذاته أسهمت الجهود الرامية الى الحد من استهلاك النفط على شكل جزء من مكافحة تغير المناخ في الحد بقدر أكبر من قدرة الكارتل على تحديد الأسعار، ومن الصعوبة بمكان التنبؤ بأسعار النفط، ولكن تلك القوى لن تختفي، وهي تعني أن متاعب "أوبك" قد لا تكون مؤقتة.وإذا انهارت "أوبك" فلن تكون هناك حاجة الى احيائها من جديد، وفي غضون ذلك، يمثل ضعف "اوبك" فرصة، والسياسة الذكية يمكن أن تستغلها بأفضل وجه.من شأن النفط الرخيص تحسين النمو بصورة مباشرة في معظم أنحاء العالم، ولكن مع آثار جانبية يتعين معالجتها، وهبوط أسعار النفط سيشجع استهلاكه في الأجل القصير (إذ سيستخدم الناس سياراتهم بقدر أكبر) وفي الأجل الطويل (سيشترون سيارات أقل توفيراً في الوقود)، ويعمل هذا ضد خفض انبعاثات الكربون، كما أنه بمرور الوقت يمكن أن يساعد على استعادة منظمة "أوبك" لقوتها في السوق، وفي ما بعد إذا عاودت أسعار النفط الارتفاع فإن التأثيرات الاقتصادية ستكون مشتتة وممزقة.والجواب على هذا الوضع يتمثل في قيام الحكومات بتخفيف وتعديل الضرائب على الوقود، وعندما تكون الأسعار متدنية، كما هو الحال الآن، قد لا يلحظ أحد الضريبة الأعلى على الوقود، ومن دون تأثيرات قاسية إلى حد ما سوف يفضي ذلك إلى زيادة العوائد للإنفاق على خفض الضرائب في مجالات أخرى، بما يحافظ على الحوافز في كفاءة الطاقة وإضعاف منظمة أوبك، وعندما تعاود الأسعار الارتفاع تستطيع الحكومات تخفيف التأثير على اقتصادها عبر خفض الضرائب.ثم إن إبقاء سعر البنزين الى المستهلكين مستقراً بشكل نسبي ومرتفعاً بما يكفي سوف يعطي شركات صنع السيارات الحافز لزيادة الاستثمار في السيارات الكهربائية وجعلها أكثر موثوقية وأرخص ثمناً، وتبلغ نسبة السيارات الكهربائية التي بيعت في الولايات المتحدة حوالي 3 في المئة فقط من اجمالي السيارات، وهو رقم استمر في الهبوط كل سنة منذ عام 2013، وعلى الرغم من تحسن توفير الوقود يستمر تعلق الأميركيين بالشاحنات الصغيرة القوية والسيارات الرياضية.وسوف يختبر اقتصاد النفط الجديد السعودية وغيرها من دول منظمة أوبك، وإذا ساءت الأمور بالنسبة إلى تلك الدول فلن تسلم الولايات المتحدة وأوروبا من تلك التأثيرات، وعلى الرغم من ذلك فإن متاعب "أوبك" تستحق الاستطلاع والاستكشاف، كما أن أزمة أوبك تمثل فرصة هائلة يتعين عدم إضاعتها.
مقالات
خطوات ملحة لإلحاق الضرر بـ «أوبك»
19-12-2015