ودعت الكويت قبل أيام قليلة، ببالغ الحزن والأسى وبقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره، فارساً من فرسان الديمقراطية، فقيد الوطن، نائب رئيس مجلس الأمة الأسبق وعضو المجلس التأسيسي يوسف خالد المخلد، رحمه الله، ذلك الرحيل كان له أثر محزن في قلوب كل من عرفه، إذ اعترى الحزن قلوب الجميع منذ سماع هذا الخبر، لأنه كان واحداً ممن أحبوا الكويت وأحبتهم، كان يحرص دائما على أن تكون بلاده في مصاف الدول العالمية.

Ad

كان المخلد شعلة مضيئة في سماء الكويت، لم يكن يألو جهدا في سبيل خدمة أبنائها على كل الصُّعُد، لذا كان محبوباً من الجميع، كما كان من الذين يملأون المكان الذي يكونون فيه من أعمال خير ونفع للجميع، ولا يفرق بين أحد منهم، لأنه يضع مصلحة الكويت فوق كل اعتبار، وقد ساهم المخلد، مع رجالات جيله، في وضع لبنات الديمقراطية وترسيخ الدستورية من خلال المجلس التأسيسي، كما حظي بتقدير أهل الكويت كبيرهم وصغيرهم.

 ولد المخلد في حي شرق بالعاصمة عام 1923، وتلقى تعليمه في البداية بمدرسة محمد صالح التركيت، ثم في مدرسة بن شرهان، بعد ذلك عمل في التجارة الحرة، وكان يملك دكانا لبيع السلع في مكتب والده بسوق الكويت حتى عام 1938.

أما بالنسبة للمجال السياسي فقد انخرط فيه عقب استقلال الكويت بعام واحد، وأصبح عضواً في المجلس التأسيسي خلال الفترة من 1962 إلى 1963، ومع تأسيس مجلس الأمة تمكن من الحصول على عضويته لدورات تشريعية عديدة ابتداء من مجلس الأمة الأول 1963-1967 ثم مجلس الأمة الثاني 1967-1970، وأصبح عضواً ونائباً لرئيس مجلس الأمة الثالث 1971-1975، ليعود عضواً بمجلس 1975-1976 ومجلس الأمة السادس 1985-1986.

ومن أهم إنجازات المخلد، رحمه الله، عندما كان نائباً لرئيس مجلس الأمة أنه أمر وساهم في إصدار قوانين كثيرة، أبرزها قانون إنشاء المحكمة الدستورية، وقانون بتعديل مرتبات رجال الجيش والشرطة والحرس الوطني، وقانون لإغاثة المتضررين جراء العدوان الإسرائيلي على لبنان وسورية، إضافة إلى قانون بإنشاء الشركة العربية للملاحة، وآخر بالوصية الواجبة، وقانون لتحديد الدوائر السيادية المهمة، وقانون بالموافقة على اتفاقية إنشاء الشركة العربية للاستثمارات البترولية، وكلها قوانين لها أهميتها أنجزها مجلس الأمة آنذاك وقد حظيت بتقدير المواطنين.

 وفي آخر المقال نؤكد أن تلك الكلمات البسيطة التي ذكرناها عن المخلد لا توفيه حقه، لما له من تاريخ مشرف ومضيء في الكويت، إلى جانب أنه من رجالات بلادنا العظماء الذين نتشرف أن نقرأ عنهم ونتعلم منهم ومن سجلهم التاريخي المشرف، لذا نطالب الحكومة بسرعة تسجيل اسم المخلد على إحدى المنشآت الحكومية أسوة بزملائه العظماء الراحلين، حتى لا ينسى هذا الجيل والأجيال المقبلة تاريخ آبائه وأجداده الذين سطرت أسماؤهم في ذاكرة تاريخ الكويت، داعين الله تعالى أن يتغمده بواسع رحمته ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان.