كان الفيلم الثامن والأخير الذي قدمته كاميليا خلال عام 1949، علامة نادرة في تاريخها السينمائي، ليس لقصته ولا للفنانين المشاركين فيه، أو حتى لأنه شارك في أحد المهرجانات العالمية، لكن لظروف إنتاجه والملابسات التي تم فيها.

Ad

فقد فوجئت كاميليا بأحد الأثرياء ويدعى صلاح الدين، يؤكد لها أنه شاب ثري جدا، ويريد اقتحام ساحة الإنتاج السينمائي من أجلها، وعرض عليها بطولة فيلم سينمائي بأجر خيالي، حيث قدم لها عقدا بعشرين ألف جنيه، مقابل بطولتها لفيلم بعنوان «ولدي»، وذلك مقابل شرط صغير، وهو أن يقوم أمامها بالبطولة.

رغم دهشة كاميليا من العرض، وعدم معرفتها السابقة بهذا الشاب الثري، فلم يكن من بين رجال المال الذين تعرفهم جميعا، ولا من المنتجين أو المهتمين بالسينما، إلا أنها وافقت على القيام ببطولة الفيلم الذي كتب له السيناريو وقام بالإخراج كمال بركات، وكتب القصة والحوار عبد العزيز سلام، وحشد له صلاح الدين عددا كبيرا من النجوم والفنانين إلى جواره وكاميليا، فشارك معهما محمود المليجي وأحمد علام وإسماعيل يس، ونجمة إبراهيم، وما إن انتهى الفيلم سارع بعرضه على الفور.

في ليلة الافتتاح، وبينما يجلس صلاح الدين إلى جوار كاميليا في دار العرض، مع بقية الفنانين المشاركين بالفيلم، فوجئ الجميع بالشرطة تحضر وتلقي القبض على بطل ومنتج الفيلم صلاح الدين، ليتضح من التحقيقات أن صلاح الدين لا هو ثري ولا منتج، بل موظف بسيط يعمل في إحدى الشركات، اختلس مبلغًا كبيرًا من المال لتحقيق حلمه، وهو أن يكون بطلاً لفيلم سينمائي أمام معشوقته كاميليا التي يحبها بجنون، ويودع مجنون كاميليا السجن، ما كان سببا في تحقيق الفيلم أرباحا غير متوقعة.

لم يكن هناك من يشاهدها ويسلم من سهام عينيها، سواء الجمهور العادي، أو من زملائها الفنانين والمنتجين، وانتهاء بملك البلاد، الذي رغم ما أثير حول علاقته بها، واتهامها بالتورط في صفقة الأسلحة الفاسدة، إلا أنه لم يستطع أن ينساها أو يبتعد عنها، غير أنها لم تعد تشعر بالأمان إلى جواره، رغم أنه الشخص الوحيد في الدولة الذي يمكن أن تشعر بالأمان إلى جواره، لكنها استشعرت أنه يمكن أن يضحي بها أمام ضغوط الإنكليز، فقررت أن تستخدم معه سلاحها الوحيد.

الدنجوان الجديد

بعد نجاح رشدي أباظة في أول أفلامه السينمائية «المليونيرة الصغيرة» مع فاتن حمامة عام 1948، أصبح «دنجوان السينما المصرية» الجديد، وحديث الوسط الفني، ليس كممثل لديه قدرات فنية غير مسبوقة، لكن لوسامته وجاذبيته، فضلا عن العديد من الحكايات المتناثرة عن مغامراته النسائية، الأمر الذي أثار فضول كاميليا لمعرفة من هو هذا الفنان الذي يوصف بلقب «ساحر النساء» فما إن التقيا في كواليس أول فيلم يجمع بينهما «امرأة من نار» مطلع العام 1950، قصة وحوار صلاح ذهني، سيناريو واخراج الإيطالي فريونتشو، حتى أصابت سهام الحب قلبيهما.

لم تكن كاميليا تعرف عن رشدي كفنان، سوى أنه وجه جديد كل رصيده الفني ثلاثة أفلام فقط، هي «المليونيرة الصغيرة، أمينة، وذو الوجهين» لعب فيها أدوارا ثانوية باستثناء فيلمه الأول، غير أنها عرفت عنه الكثير جدا كشاب وسيم، له العديد من العلاقات الغرامية، ربما فاقت علاقات أحمد سالم، الذي رحل خلال العام 1949، أثناء إجراء جراحة لاستخراج رصاصة من جسده، ليصبح رشدي أباظة المنافس الأول للملك فاروق، في العلاقات الغرامية المتعددة.

في الوقت نفسه استطاع رشدي أباظة أن يعرف كل كبيرة وصغيرة عن كاميليا الإنسانة، بعد أسبوع فقط، من العمل معها في فيلم «امرأة من نار»، غير أن هذا الأسبوع لم يمر، ولم يفارقها فيه رشدي لحظة واحدة، إلا وكانت كاميليا قد وقعت في عشق الفتى الأباظي، ذلك العشق الذي بدأ بإعجاب من رشدي، ثم حب متبادل بينهما، وسرعان ما تحول إلى تحد، لخطفها من جلالة الملك، انتقاما منه، بعد أن فرق بينه وبين حبيبته الأولى الفرنسية «آني بريه» وأمر بترحيلها من مصر.

زار رشدي شقة كاميليا في عمارة «الإيموبيليا» المكونة من طابقين، ولاحظ أنها تدخل من باب الشقة السفلي، وكذلك رشدي، الذي أصبح له مفتاحه الخاص، وعندما طلب مفتاح باب الطابق العلوي، صمتت كاميليا، ولم تجبه، فعاود رشدي طلب المفتاح، فكان رد كاميليا البكاء، وهو ما أثار الشكوك في قلب رشدي أباظة:

* مش فاهم.. إيه معناه الكلام دا.؟!

= صدقني مافيش حاجة

* أصدقك ولا أصدق دموعك؟ فهميني معناها إيه الدموع دي؟

= طب لو اتكلمت بصراحة هاتقدر كلامي.. مش هاتفهم غلط؟

* مش هافهم غلط بس إيه حكاية مفتاح الدور اللي فوق دا؟

= شوف يا رشدي.. مش معنى أني عملت لحد دلوقت أكتر من سبعتاشر فيلم للسينما، أن ده يخليني أقدر آخد الفيلا دي في الإيموبيليا وأفرشها بالطريقة دي.. لكن كان في حد بيحاول يقرب مني ودا اللي جاب لي الفيلا وفرشها.. واشترط أنه يبقى معاه مفتاح الدور اللي فوق.. وماحدش تاني يدخل منه غيره.. بس أقسم لك إن العلاقة ماتعدتش الصداقة مش أكتر

= أقدر أعرف يطلع مين ده؟

* أنا هاقولك علشان بس اثبت لك أن مافيش بينه وبيني حاجة.. بس هو مش حابب حد يعرف علشان مراته وأولاده

= هو مين

* سيد بيه اللوزي.. صاحب مصانع الحرير

صدّق رشدي ما قالته كاميليا، لكنه شعر بشيء ما يؤلمه بداخله.. فهو لا يحب أن يكون هناك غيره.. وقد أكدت ذلك، بل أكدت له أنه الأول في قلبها.. وسيكون الأخير، وهو الأمر الذي بلغ الملك فاروق، فغضب وثار، بل ولأول مرة يتوعد رشدي أباظة علنا، وهو ما حدث عندما ذهب رشدي وكاميليا يتناولان العشاء في «فندق مينا هاوس» بمنطقة الأهرامات، وكان في نيتهما إكمال السهرة بالفندق، غير أن رشدي ما إن علم بوصول الملك حتى سارع وكاميليا بمغادرة الفندق، لكنه قبل أن يخرج من مطعم الفندق، فوجئ بفوهة مسدس في ظهره، استدار رشدي ليجد نفسه وجها لوجه أمام ملك مصر والسودان، وقد صوب مسدسه تجاهه:

= أباظة.. ابعد عن كاميليا

لم ينطق رشدي كلمة واحدة، بل ظل واقفا مكانه في انتظار أن يتحرك الملك، الذي قال جملته ثم أعاد المسدس مكانه، وأطلق ضحكة عالية هزت أرجاء المكان.

لم يخف رشدي، ولم يتأثر بما قاله الملك، بل زاده إصرارا على أن يتمسك بكاميليا، أولا لأنه يحبها بالفعل، أما السبب الثاني، غير المعلن، فهو تحدي الملك، وهو ما استشعرته كاميليا في كلام رشدي، وحرصه على التعجيل بالزواج:

* قوللي انت هاتخلصي فيلمك مع إسماعيل ياسين امتى

= أنا خلصت أمبارح فيلم «قمر 14» وفاضلي مع إسماعيل ياسين في فيلم «المليونير» أسبوع بس

* اعملي حسابك.. احنا لازم نتجوز في أقرب وقت.. لان خلاص الصيف دخل علينا احنا في مايو.. يعني كلها شهر والجو هايبقى نار

= انت ناوي نقضي شهر العسل في مصر ولا الإسكندرية

* لا شهر العسل هانقضيه في إيطاليا.. ومنها على فرنسا.. هانلف أوروبا كلها

اتهامات بلا بينة

بدأت كاميليا تصارع الزمن من أجل إنهاء كافة ارتباطاتها الفنية، للتفرغ بعدها للزواج من رشدي، غير أنها لم تكن مرتبطة فقط بالأعمال الفنية، فقد استغلت بعض أجهزة المخابرات علاقاتها الواسعة والمتعددة، وتحديدا علاقتها بالملك فاروق، ملك مصر والسودان، للحصول على معلومات تخص السيادة المصرية، غير أن كاميليا راوغت، ورفضت تقديم أي معلومات، بل الأخطر، وعبر نفس العلاقات، استطاعت التوصل لمعلومات خطيرة تخص بعض العلماء المصريين، قامت بتقديمها الممثلة اليهودية «راقية إبراهيم» التي اكتشفت كاميليا أنها تعمل لصالح «العصابات الصهيونية» غير أن هذه المعلومات كان ينقصها المستندات، وأهمها صور توضح لقاءات الممثلة راقية إبراهيم مع ضباط إسرائيليين وبريطانيين، أثناء لقاءاتهم في باريس، وهو ما بلغ الوكالة اليهودية، فدبروا مع المخابرات البريطانية التخلص منها، لمنعها من اطلاع السلطات المصرية على تورط الممثلة اليهودية راقية إبراهيم، في الخطة الرامية للتخلص من عالمة الذرة المصرية «سميرة موسى».

حاول البوليس السياسي المصري، أن يلصق بكاميليا تهمة التورط في صفقة الأسلحة الفاسدة، باتفاقها مع الوكالة اليهودية والمخابرات البريطانية، وذلك بعد أن فتح الكاتب الصحفي إحسان عبد القدوس الملف على صفحات مجلة روزاليوسف، وكان الملك مهيأ لتصديق هذه التهمة، بعد أن غضب عليها بسبب علاقتها برشدي أباظة، غير أن بعض المحيطين به، نصحوه بألا يوجه اتهاما مباشرا لها، حتى لا ينقلب السحر على الساحر، فتوجه له المعارضة اتهاما مباشرا بالفساد، على اعتبار أن كاميليا، كانت وقتها الصديقة المقربة، بل والعشيقة التي  سمح لها بأن تطلع على مالا يجب أن تطلع عليه.

أسقط في يد الملك بعد أن علم بأمر كاميليا، فتكتم الخبر، حتى يتدبر الأمر، خشية أن تفضحه صحف المعارضة، وتلصق به تهمة الخيانة واشتراكه مع «صديقته» كاميليا بالتجسس على مصر لصالح الصهاينة.

لم يكن رشدي يترك كاميليا لحظة واحدة، سواء أثناء عملها في الأفلام التي تشارك في بطولتها، أو بعيدا عن الكاميرات، ليس لإدراكه حجم المؤامرة التي تحاك ضدها، بل لأنه أحبها بإخلاص، وأصبح يعد الأيام في انتظار انتهاء كاميليا من ارتباطاتها الفنية لإتمام الزواج، وهو ما حدداه في الأول من أكتوبر 1950.

ما إن انتهت كاميليا من تصوير الأفلام المرتبطة بها، حتى هاجمتها آلام المعدة من جديد، فقررت السفر في رحلة علاج إلى سويسرا لوضع حد لهذه الآلام، فعرض عليها رشدي أن يرافقها في هذه الرحلة، عير إنها رفضت بإصرار غير مبرر:

* مش ممكن أسيبك لوحدك.. لازم آجي معاكي

= حبيبي أنا مش هاتأخر.. هي كلها أسبوعين.. وأنا مرتبة كل حاجة هناك.. مجرد ما أعمل الأشعة والتحاليل اللازمة وأخد العلاج.. هارجع على طول.. وكمان هاجيب معايا فستان الفرح

* طب أنا عندي فكرة.. نكتب الكتاب ونسافر.. وأهو منه تتعالجي.. ومنه نقضي شهر العسل في سويسرا.. ونطلع منها على باريس ونختم بإيطاليا

= لا يا حبيبي.. انت عاوز تضحك عليا.. أنا هاقضي شهر العسل ولا هاتعالج

* ماهو مش ممكن أسيبك

= حبيبي.. الأستاذ يوسف وهبي بعتلك علشان تشتغل معاه في فيلمه الجديد.. وانت عارف يوسف وهبي في الشغل.. ماعندوش تفاهم..

* لسه بدري ع الفيلم.. يوسف وهبي هايصور أول الشتا.. يعني مش قبل نوفمبر أو ديسمبر

= صدقني هم أسبوعين مش هااتأخر

طلبت كاميليا حجز مكان لها على طائرة شركة الطيران الأمريكية (تي دبليو إيه) رحلة (نجمة ميرلاند رقم 903) المتجهة إلى سويسرا، لتلحق بموعد حجز المستشفى السويسري، غير أنها لم تجد مكانا لها على الطائرة، لكن موظف الشركة وعدها بأن يبذل قصارى جهده خاصة بعدما عرف بمرضها.

في المساء اتصل بها الموظف، وأخبرها عن تنازل صحافي مصري يدعى «أنيس منصور» عن مكانه وتذكرته بشكل مفاجئ لأسباب خاصة به، وبالفعل فرحت كاميليا وعقدت العزم على السفر، حيث كان رشدي أباظة في وداعها في المطار، بعد أن تواعدا على اللقاء بعد أسبوعين لإتمام الزواج.

نهاية مأساوية

أقلعت الطائرة صباح يوم 31 أغسطس عام 1950، من مطار القاهرة، ولم يستمر طيرانها في سماء مصر أكثر من عشرين دقيقة، لتسقط الطائرة منفجرة فوق دلتا وادي النيل، في مدينة «الدلنجات بمحافظة البحيرة» ولم يُعثر إلا على «فردة حذائها الساتان الأخضر» بلون الفستان الذي ارتدته، حيث رحلت ولم يتجاوز عمرها الواحد والثلاثون.

كانت الطائرة رقم 903 نجمة ميرلاند قادمة من بومباي حيث هبطت مطار فاروق الأول، لتغيير طاقم القيادة والتزود بالوقود، ليتولى القيادة الكابتن الإنجليزي «بوب» وبعد أقل من ساعة، دوى صوت موظفة شركة الطيران:

على ركاب رحلة الطائرة 903 المتجهة إلى سويسرا سرعة التوجه إلى الطائرة

بدأ الركاب يتوافدون إلى الطائرة، وبعد صعود أغلبهم وانتهاء الزحام، اتجهت كاميليا لتلحق بالطائرة، لتجد حسن سمرة موظف الدعاية في شركة الطيران في انتظارها على سلم الطائرة:

= تسمح النجمة المحبوبة بسؤال وصورة

* أتفضل يا أستاذ

= لماذا تتجه النجمة المحبوبة إلى سويسرا؟

* لسببين.. الأول علشان اشترى ملابس فيلم عالمي جديد بحضر له

= والتاني

* علشان أجيب فستان الفرح

= ألف مبروك نفهم من كده إنك قررت دخول القفص الذهبي؟

* وبمحض إرادتي

= ومن هو سعيد الحظ؟

* ده سر يا أستاذ هايتعرف في وقته.. وأظن كفاية كده خمس أسئلة مش سؤال واحد

= طب صورة كمان الدنيا ماطارتش

* لا يا أستاذ بس أنا اللي هاطير دلوقت.. عن إذنك

 صعد 48 راكبا، وأغلق باب الطائرة التابعة لشركة T.W.A ودارت المحركات، وارتفعت الطائرة إلى سماء مطار فاروق الأول، وبعد مرور اثنتين وعشرين دقيقة صامتة، وفي الساعة الواحدة والدقيقة السابعة والأربعين انبعث صوت «سبيلز» ضابط اللاسلكي في الطائرة عبر من جهاز اللاسلكي:

= نجمة ميرلاند تنادي القاهرة. هل تسمعني؟

- نسمعك بوضوح

= نحن الآن في طريقنا إلى البحر.. الجو هادئ وكل شيء على ما يرام

مَرَّ نصف ساعة، وتذكر موظف اللاسلكي في مطار فاروق أن الطائرة نجمة ميرلاند لم تتصل به للمرة الأخيرة قبل أن تغادر الأراضي المصرية كما تقضي القواعد، وبدأ يحاول الاتصال بها ولم يرد عليه أحد!

في الساعة الرابعة من صباح 31 أغسطس 1950، بدأ القلق يستبد بموظف اللاسلكي فاتصل بمطار أثينا وكان المفروض أن الطائرة تتجه بموجاتها اللاسلكية إليه، بعد أن تعبر حدود مصر وتظل على اتصال به حتى تقترب من إيطاليا، غير أن مطار أثينا أكد أن الطائرة لم تتصل به، فاتصلت القاهرة بروما، وجاء الرد بالنفي بعدم اتصال الطائرة ميرلاند، وفي الساعة الرابعة والنصف صباحا، كانت كل محطات اللاسلكي في شرق البحر الأبيض المتوسط على اتصال، تبحث في السماء عن نجمة ميرلاند، ومع دقات  الخامسة صباحا كان هناك يقين في كل هذه المحطات بأن شيئاً ما قد حدث للطائرة.

في السادسة صباحا كان قطار المحاجر يمر بقرية «دست» التابعة لمركز كوم حمادة عند حدود مديرية البحيرة، متجها إلى محاجر «وادي النطرون» ليقف جميع ركابه يطلون من نوافذه على حريق هائل وحطام طائرة، وجثث ركابها قد تناثرت فوق الرمال، ولم تمر دقائق إلا وقد انتشر الخبر في ربوع مصر:

سقوط الطائرة ميرلاند بالدلنجات بالبحيرة وتفحم ركابها ومن بينهم الفاتنة كاميليا.

تفحمت الجثث، واختفت معالمها، باستثناء جثة واحدة بدت مميزة، بفستانها الأخضر، وحذاؤها الأخضر، هي جثة كاميليا، لتتحول جميلة الجميلات إلى جسد مشوه أتت عليه النيران.

أشاع كثيرون أن الحادث مرتب بعناية شديدة، لتدور الشبهات حول الملك فاروق ورجال الحرس الحديدي الذين يتولون حمايته، فيما نفى فريق كبير تورط ملك مصر لحبه الأسطوري لكاميليا واتهموا وكالة المخابرات اليهودية بالتخطيط للمؤامرة، خاصة بعد تهديدها بفضح عميلة مهمة لهم، فيما جاء تقرير الخبراء يؤكد أن النيران اشتعلت في أحد محركات الطائرة فأراد قائدها أن يهبط اضطرارياً وبسرعة، لكنه قرب الأرض فشل في إنزال العجلات فارتطمت، الطائرة بالأرض وانفجرت، لتكتب نهاية أكبر قصة طموح، وأقصر قصة حب ومغامرات ونجاح، حيث لم تستمر سوى أربع سنوات، هي كل عمرها الفني، قدمت خلالها 20 فيلما، فعشقها الملايين، لتبقى دمعة في أعين من أحبوها، ويترك مصرعها الكثير من علامات الاستفهام.

قدمت كاميليا سبعة أفلام في عام 1950 وشاركت في الفيلم الأميركي «الطريق إلى القاهرة»

قدمت كاميليا في عام 1950، نشاطا فنيا ملحوظا، فقامت ببطولة أكثر من سبعة أفلام، ففضلا عن فيلم «امرأة من نار»، قدمت «المليونير» مع إسماعيل ياسين وستيفان روستي، وزينات صدقي، قصة مأمون الشناوي، سيناريو أنور وجدي، أغاني وحوار أبو السعود الإبياري، إخراج حلمي رفله، «قمر 14» مع محمود ذو الفقار وحسن فايق وأحمد غانم، تأليف عبد الفتاح حسن، إخراج نيازي مصطفي، و«العقل زينة» مع فريد شوقي ومحمد علوان ونور الدمرداش وهند رستم وعبد الفتاح القصري، تأليف جليل البنداري إخراج حسن رضا، ثم «آخر كدبة» مع فريد الأطرش وإسماعيل يس، وسامية جمال وستيفان روستي وعبد السلام، قصة وحوار أبو السعود الابياري، سيناريو وإخراج أحمد بدرخان، ثم «بابا عريس» آخر فيلم قدمته مع المخرج حسين فوزي الذي لعبت بطولته زوجته نعيمة عاكف، وهو أول فيلم مصري يقدم بالألوان الطبيعية، فضلا عن الفيلم الأمريكي «الطريق إلى القاهرة»، حيث كانت المصرية الوحيدة المشاركة في الفيلم، واعتبره بعض النقاد والصحفيين، بداية جيدة لوضع قدميها على طريق العالمية، وهو ما فكرت فيه كاميليا بالفعل، غير أن الفيلم ترك علامة استفهام كبيرة، واختيار كاميليا من بين نجمات مصر جميعهن، خاصة أنها لم تكن أشهرهن، أو أفضلهن كممثلة!

(النهاية)