في خضم حراك دبلوماسي بدأ بلقاء ثلاثي عالي المستوى في الدوحة، سبقه اجتماع سعودي سوري غير مسبوق بالرياض وتلته مباحثات سعودية روسية في موسكو، وزيارة وزير خارجية دمشق إلى مسقط، كشف نظام الأسد عن تعاون أمني مع مصر كمقدمة لتطبيع العلاقات، الأمر الذي استقبلته القاهرة باستعدادها لفتح الباب أمام عودة الأمور إلى ما قبل عهد الإخوان.

Ad

عكست تصريحات أدلى بها وزير الخارجية السوري وليد المعلم لوفد صحافي مصري زار دمشق قبل أيام، ما اعتبره مراقبون «مغازلة للقاهرة» لتطبيع العلاقات بشكل كامل بين البلدين، والتي شهدت تخفيضاً في عهد الرئيس الإخواني «المعزول» محمد مرسي منتصف يونيو 2013، في وقت بدا أن مصر لا تمانع في تقارب كامل مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وبينما تحدث المعلم، في تصريحات مطولة نشرتها صحيفتا «الأهرام» و«الأخبار» المملوكتان للدولة أمس، عن ضرورة عودتها الى ممارسة دورها في المنطقة، وعودة العلاقات بين القاهرة ودمشق، مذكراً بأن استعادة مصر دورها التاريخي الطبيعي كفيل بقلب الأوضاع في المنطقة إلى الأفضل، علّق المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية المصرية، أحمد أبوزيد، على تصريحات المعلم عن تعاون بين دمشق والقاهرة، قائلاً انه «يمكن حدوث تعاون لوجود أهداف مشتركة».

وقال أبو زيد لـ«الجريدة»: «لكل حادث حديث»، مشدداً على أن الحل العسكري لن ينهي الصراع في سورية.

وأضاف أبوزيد: «موقفنا تجاه الأزمة السورية واضح المعالم ولم يتغير، والمرجعية لحل الأزمة، تنفيذ مقررات مؤتمر جنيف 1 و2، ودعم الخطة التي اعتمدها مجلس الأمن عبر المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا، وخريطة الطريق لتنفيذ مقررات مؤتمر جنيف ووثيقة الوفاق الوطني.

الجيش المصري

وغداة تأكيده عدم وجود مبادرة إيرانية مكتملة لحل الأزمة، كال المعلم المديح للجيش المصري، ونبّه إلى «قوى تريد إضعافه»، معرباً عن أمله في عودة العلاقات إلى طبيعتها عبر «تعاون أمني قد يكون مقدمة للتطبيع».

وعن تصريحات المبعوث الأممي ستيفان ديميستورا الأخيرة عن أحداث دوما، اتهم وزير الخارجية السوري المبعوث الأممي بالتحول من محايد إلى الاعتماد على الدعاية والمعلومات المغلوطة.

وعما إذا كانت زيارته الأخيرة لسلطنة عمان تمثل اختراقاً سورياً للموقف الخليجي الموحد من الأزمة، قال: «تلقيت دعوة كريمة من وزير الدولة للشؤون الخارجية يوسف بن علوي فاستجبت لها على الفور بعد يومين، كون سلطنة عمان تمارس سياسة خارجية حكيمة ولها دور فعال في حل الأزمات».

وهاجم الدول العربية لتخليها عن سورية، مؤكداً أنه لا يحق لها أن تطالب بإنهاء دور إيران و»حزب الله» في الأزمة بعد أن دعت مواطنهيا الى المغادرة.

حوار إيراني - خليجي

وعما يتردد عن حوار إيراني خليجي، قال: «إذا حدث هذا الاجتماع وإذا تم الاتفاق على اجتماعات لاحقة فسيكون هناك تأثيرات إيجابية لمثل هذا الحوار».

واعتبر أن «الاتفاق النووي الإيراني نجاح ونصر لصمود إيران وللدبلوماسية الإيرانية. وسيكون له نتائج إيجابية على الوضع العربي خاصة وان إيران تمد يدها إلى دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى الجميع أن يجلس للتفاهم حول أمن الخليج».

وعن «المبادرة» الإيرانية لحل الأزمة السورية، قال: «ذهبت إلى طهران لعدة أسباب منها. السؤال عن المبادرة الإيرانية التي نشرت في الإعلام فقيل لي إنه ليس هناك مبادرة واتفقنا على أن هناك ثوابت وأفكارا، ولسنا ضد أي مبادرة إيرانية، وحتى الآن هناك أفكار عرضت علينا أثناء زيارة وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى دمشق، وعندما تتم بلورتها فسيتم عرضها علينا».

وعن نية تركيا إقامة منطقة عازلة في الأراضي السورية، قال: «نرفض إقامة مثل هذه المنطقة التي تمثل اعتداء على سيادة سورية. الثأر التركي بدأ منذ بداية الأزمة عندما رفضنا مطالب أحمد داود أوغلو لنا بمشاركة الإخوان المسلمين في السلطة مثلما حدث في مصر، ومنذ ذلك اليوم وهي تناصبنا العداء وأقول لهم إن الإرهاب سيرتد على صانعيه».

مباحثات موسكو

وفي موسكو، صرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، بأن وفداً من النظام يرأسه وزير شؤون المصالحة الوطنية علي حيدر وممثلين عن المعارضة المعتدلة سيزور موسكو في الفترة ما بين 23 و30 أغسطس، موضحة أنه سيجتمع مع نائب وزير الخارجية ميخايئل بوغدانوف يوم الاثنين.

الزبداني وسهل الغاب

ميدانياً، ومع دخول حملة النظام على الزبداني أسبوعها السابع، أطلقت فصائل المعارضة المرابضة في المدينة الواقعة بريف دمشق على الحدود اللبنانية، معركة مضادة بهدف فك الحصار، تمكنت خلالها من السيطرة على حاجزين في الجبل الشرقي واغتنمت ما فيه من أسلحة ثقيلة وخفيفة وذخائر، إضافة إلى دبابة وقاعدتي إطلاق صواريخ «كورنيت».

وفي حماة، أعادت كتائب جيش «الفتح» سيطرتها على قرية المشيك في سهل الغاب بالريف الغربي أمس الأول، بحسب المكتب الإعلامي له، الذي أوضح أن القوات تحاول استعادة موازين القوى والتقدم من جديد باتجاه معسكر جورين كهدف أول.

مجازر نظامية

وبالتزامن مع حلول الذكرى الثانية اليوم لضرب الغوطتين الشرقية والغربية في ريف دمشق بغاز السارين المحرم دولياً ما أسفر عن مقتل نحو 1600 شخص اختناقاً، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان تنفيذ طائرات نظام الرئيس بشار الأسد الحربية والمروحية 33376 غارة على الأقل، خلال الأشهر العشرة الفائتة، منذ 20 أكتوبر 2014، وحتى فجر أمس، موضحاً أن البراميل المتفجرة والغارات أسفرت عن مصرع 5499 مدنياً وإصابة نحو 30 ألفاً وتشريد عشرات الآلاف، إضافة إلى مقتل 2698 مقاتلاً من الفصائل المقاتلة و«داعش».

وبعد مجزرة دوما، التي خلفت أكثر من مئة قتيل، دعت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأمم المتحدة أمس إلى حظر الأسلحة عن النظام، موضحة أن هذه المجزرة أظهرت «الازدراء المروع للمدنيين» من قبل حكومة الأسد.