نبارك للتربويين تسكين الشواغر
بادئ ذي بدء، أتقدم بالتهنئة الخالصة مقرونة بأمنيات التوفيق لكل الأساتذة الذين شملهم التسكين الأخير للوظائف الإشرافية بالتربية، والذي طال انتظار الجموع التربوية لإقراره؛ مما فتح مجالا واسعا لبعض نواب الأمة للتدخل في الشأن التربوي والتمادي فيه، وهو حقيقة لا يمثل إلا مصلحته ومصلحة حاشيته الأقربين لفرض أسماء معينة، وكذلك جمعية المعلمين، وأعتقد أنها لا تمثل إلا تيارا بعينه وما تمليه مصالحها الانتخابية. ولعل أهمية التسكين تكمن في أن بعض هذه الوظائف لم يشهد استقرارا منذ سنوات، ولا شك أنها خطوة نثمنها، وأخص بالتهنئة الأستاذة الفاضلة وداد المكيمي التي عُينت موجهة عامة لرياض الأطفال، بعد أكثر من 4 سنوات من شغور هذا المنصب، منذ تقاعد طيبة الذكر هيفاء الغانم، والأستاذة وداد المكيمي كفؤة لما تحمله من خبرة طويلة بهذا المجال، ولديها نفس تواقة وعزيمة لا تفتر لتطوير الرياض الحكومية وفق أحدث النظم التربوية.والأستاذة المكيمي، بحكم عملها بالقطاع، لديها خبرة بحجم المشكلات والتحديات التي تواجهه، وتعلم قبل غيرها تلك التهم التي تكال له ولمعلماته، ومحاولة التقليل من شأنه بإطلاق مقولة عدم جدية العمل في "رياض الحكومة"، ومقارنته بمدارس القطاع الخاص في محاولة هدفها خصخصة التعليم، ليس بهدف تطويره بل للاستحواذ على الملايين المخصصة للتعليم. وللأستاذة الفاضلة وزملائها ممن شملهم التسكين، والذين لا نعرف أغلبهم، نقول: حملتم أمانة عظيمة، والأمانة عرضت على "السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ"، لماذا لم تتحمل السماوات والأرض والجبال حملها، لأنها مسؤولية، وعاقبتها يوم القيامة وخيمة، فحملها الإنسان لأنه كان ظلوما جهولا، فاتقوا الله فيما حملتم، وأسأله تعالى أن تكونوا أهلا لها، وأدوها بكل حرص مبتغين وجه الله، واعلموا أن ليس كل مجتهد مصيباً، ولكن "سددوا وقاربوا" كما قال الحبيب المصطفى صلوات ربي عليه وعلى آله.
المقارنة بين التعليم الخاص والحكومي تنقصها الكثير من الواقعية والأمانة العلمية للفرق الواضح بالإمكانات، فالرياض الحكومية تختلف عن الخاصة من حيث المبنى والفصول والتجهيزات، والمعلمات المتخصصات برياض الأطفال، وأيضا لضخامة حجم الفئة المستهدفة في القطاع العام مقارنة بالخاص الذي ينقصه جميع ما ذكرت، ولعل المناهج من أبرز نقاط المقارنة بين القطاعين، وخصوصا في مرحلة الرياض، فمدة مرحلة التجارب بالقطاع العام، للأسف الشديد، طالت حتى تم تعميمها هذا العام، بعد النتائج الطيبة التي تم تحقيقها.وقد يكون أساس المشكلة في كلية التربية بجامعة الكويت، وكلية التربية الأساسية بهيئة "التطبيقي" بدءا بسياسة القبول والمناهج وطرق التدريس، وبتأهيل معلمة رياض الأطفال، وكان بالإمكان سد النقص عبر التعاون بين الوزارة والجهتين بتوجيه مخرجات نوعية متخصصة في الرياض، فالفكرة قائمة منذ عدة سنوات، وهي كافية لتخريج دفعات متمكنة من تقديم المنهج. وهنا نطالب المربية الفاضلة وداد المكيمي بوضع النقاط على الحروف، وأن تطلق إشارة الإصلاح وانطلاق التطوير والتجديد بالقطاع، وألا تلتفت لأي ضغوط ستمارس عليها لأهداف خارج العملية التربوية لمصالح شخصية كلنا نعرف دوافعها، وإذا كنا - معاشر العاملين- نعلم حجم العمل برياض الأطفال وطبيعته فالجمهور لا يعلم، ولابد أن تصل الصورة واضحة بأن التعليم برياض الأطفال يحتاج لمهارات وسلوكيات ودراية بعلم نفس الطفل، وهذا المجال ليس مجال راحة وقضاء وقت، لكنه مجال التشكيل الأولي لبناء شخصية الإنسان، وهي إمكانات قد لا تتوافر بكل معلمة. بهذه المناسبة أحب أن أتقدم بالشكر والتقدير للأستاذة باسمة الحميدي لتنفيذ الأعمال الموكلة إليها بكل أمانة ومسؤولية رغم الضغوط التي مورست من بعض نواب الأمة البعيدين عن مصالح الأمة وهمومها، ولا يفقهون طبيعة عمل أهل التربية والتعليم. والحافظ الله يا كويت.