معارك هيكل بين الصحافة والسياسة (5 من 10) أزمة في «التوزير» وصعوبات في «الاستقالة»

نشر في 12-11-2015 | 00:01
آخر تحديث 12-11-2015 | 00:01
بعد رحيل عبدالناصر... هيكل يصمم على ترك الوزارة خوفاً من الصراعات
رحل جمال عبدالناصر ولم يكن رحيله فجيعة فقط، بل كان أيضاً مفاجأة لكل الأطراف، في الداخل وفي الخارج، وكانت مفاجأة أطراف الداخل هي الأشد وطأة والأكثر تأثراً، وكانت هناك ثلاثة أمور ضاغطة على أعصاب الموجودين في محيط القمة في ذلك الوقت... كان أولها: خلو موقع الرجل الأول بدون أية ترتيبات جاهزة سابقاً، وثانيها: عدم بروز اسم يمنع بقية الأسماء أو يحجب طرح أسماء آخرين، فكل الأسماء كانت سواء، أو تكاد، بينما كان ثالثها: أن محيط القمة ضم أكثر من مجموعة، كانت تعمل كلها في كنف الزعيم الراحل، رغم تنافسها، أو تناقضها، في بعض الأحيان، وهي الآن بعد رحيله، أصبحت وجهاً لوجه أمام مصائرها، وأمام قرار عليها أن تتخذه بدون الرجوع إليه، أو الاحتكام إلى رأيه، أو انتظار أوامره، ثم هي الآن أمام ما اكتسبت من نفوذ تحت جناح الرئيس، وقد أصبحت، وأصبح نفوذها على المحك، إما أن يزداد ويتدعم ويرسخ، وإما أن يضيع ويتلاشى فتضيع، وتسقط من فوق محيط القمة.

كان أول ما ورد في أذهان الكثيرين ممن حول دائرة السلطة وقت الرحيل أن يقدموا استقالاتهم للقادم الجديد، ليس بحكم العرف السائد في مثل هذه الحالة، ولكن مبدأ الاستقالة استخدم مبكراً من البعض كنوع من المناورة السياسية يريد أن يعرف بها اتجاه الريح، وأن يحس النبض تجاه وضعه في ظل المتغيرات المتوقعة، هيكل هو الوحيد الذي لم يكن يناور بـ"استقالته"، طرحها من أول لحظة، وأصر عليها وتقدم بها فعلاً لأنها كانت مختلفة... في أسبابها ودوافعها... كما كانت استقالة مميزة بكل المقاييس.

بعد أقل من أسبوع على رحيل عبدالناصر، بالتحديد ليلة الرابع من أكتوبر سنة 1970، كان هيكل يسهر مع السادات في منزله، وامتدت مناقشتهما 6 ساعات حتى الفجر. في تلك الليلة، كان هيكل يريد أن يفلت من موقع الوزير الذي وجد نفسه فيه رغم أنفه. كان يعرف أنه لو بقي في منصبه كوزير، فإنه سيدخل في صراعات مع بعض الأعضاء البارزين في الوزارة، وفي الاتحاد الاشتراكي، وفي مجلس الأمة، ولن يكون في هذه الحالة إلا عائقاً في طريق الرئيس الجديد، في حين أنه يستطيع من مكانه في تحرير الأهرام، أن يكون سنداً مفيداً. واتفقا على واقعية قرار خروج هيكل من الوزارة، وكان شرط السادات عليه أن يبقى حتى يدير معركته الانتخابية للاستفتاء، واشترط عليه هيكل في المقابل أن يكتب السادات رداً على كتاب استقالته من الوزارة، وأن ينشر خطاب الاستقالة ورد السادات عليه يوم ظهور نتيجة الاستفتاء، ووافق السادات.

لماذا كل هذا الحرص من هيكل على ترك الوزارة فور رحيل عبدالناصر؟، ولماذا كل هذا الإصرار على مغادرة كرسي الوزير؟

هيكل يجيب أنه لم يكن يريد (أو لعله كان يخشى) الدخول في صراع يراه قادماً مع أعضاء بارزين من الحكومة، والتنظيم السياسي، ولكن لماذا كان هيكل متيقناً من أن الأمور صائرة إلى صراع عند قمة السلطة؟، والحقيقة أن جذور الخلاف كانت أبعد من لحظة رحيل عبدالناصر، بل كان الصراع قد اشتد فعلاً في حياة عبد الناصر.

***

كان هيكل يعبر عن آرائه التي ضمن عبدالناصر له حرية طرحها، وإن كانت تخالف رأيه، ولكنه قال له دافع عن نفسك. وأصبح معرضاً للنقد العلني بل إن لجان الاتحاد الاشتراكي لم تكن تتورع عن مناقشة مقالات هيكل أسبوعياً، ومعارضة ما فيها من اتجاهات، اعتبرها البعض مؤثرة على صلابة الجبهة الداخلية، ومضعفة للروح المعنوية، وباعثة على ممالأة حكومة الولايات المتحدة تحت شعار "محاولة تحييد أميركا". وطفا الخلاف بين الاتحاد الاشتراكي ومسؤوله القوي علي صبري، وبين محمد حسنين هيكل على السطح، وأصبحت المبارزة بينهما مشهداً تتابعه الجماهير المرتبطة بالسياسة، وتعلق عليه، وأخذ هيكل صورة المعارض للاتحاد الاشتراكي الرافض لدوره المتغلغل في الحياة العامة، وتأكد لقيادات الاتحاد أن هيكل خصم يجب تحجيم تأثيره بسبب قربه الشديد من الرئيس.

وفي تلك الأثناء جرى تعيين أنور السادات نائباً للرئيس في ظل إعادة توزيع المقاعد داخل محيط قمة السلطة، وبعدها -أيضا- أجرى عبدالناصر تعديلاً وزارياً في سنة 1970 أدخل فيه هيكل وزيراً للإعلام، وسامي شرف وزيراً لرئاسة الجمهورية.

 يقول السادات: "هيكل كان في قمة الانهيار، خصوصا أنه لم يفهم عندما فوجئ بالتعديل، هل سيبقى في الأهرام أم لا، والأهرام طبعاً أهم من الوزارة"، ويضيف السادات: في ذلك اليوم اتصل بي جمال تليفونياً في بيتي بالهرم وسألني عن رأيي في التعديل الوزاري، وقلت: كويس، وكان تعليقه: "خلي يا أخي مراكز القوى تطلع على السطح، وخليهم يشيلوا مسؤولية أمام البلد".

ولاشك أن عبدالناصر قد باغت هيكل على مرأى ومسمع من الجميع، قال لسامي شرف: "يعلن القرار قبل أن يعرف هيكل"،  الذي فوجئ يوم الأحد 26 أبريل بإذاعة قرار تعيينه وزيراً للإعلام، فامتنع عن كتابة مقاله الأسبوعي "بصراحة" الذي كان مقرراً نشره في أول مايو، واعتكف في منزله الريفي بالمنصورية، وبدأت الوقائع تتلاحق متصاعدة، هو غاضب من القرار وأعلن ذلك لأنور السادات، ومن حوله كلهم علموا بالخبر وعرفوا -وهذا هو الأهم- أنه لم يكن يعلم بالخبر، لا من بعيد ولا من قريب، ثم فوجئ العاملون معه بأنهم يمكن أن يتأثروا من جراء هذا القرار، وقد كان هيكل يمثل لهم صمام أمان، ونقطة حماية مقربة.

وخوفاً من تداعي الموقف، فكروا مع هيكل، أو فكر هو أمامهم بصوت مسموع، وتمت الموافقة على الكتابة إلى جمال عبدالناصر، كان ذلك عنصر ضغط أدبي على الرجل، عندما فقدت الصلة والقرب بينهما قدرتها على أن تحميه من هذا القرار.

***

اعترف هيكل أنه لم يكن يعلم بالقرار قبل إعلانه، وكانت صدمة مزدوجة لهيكل... تسبقه الأخبار، وهي ليست أية أخبار، ولم يستطع الصحافي المطلع على الأسرار أن يعرف خبراً بهذا الحجم، والأنكى أنه هو بطل الخبر... هيكل نفسه يقول: "أعترف أن التوتر أصابني يوم أن أصدر عبدالناصر القرار بتعييني وزيراً للإعلام، يومها كنت في بلدة "برقاش"، وعدت إلى الأهرام فبعثت برسالة اعتذار لعبدالناصر عن هذا المنصب، وفي اليوم التالي جاءني السادات وكان يوم شم النسيم سنة 1970، في محاولته لإقناعي بقبول المنصب الوزاري، وأبلغني بأن عبدالناصر قال له إنه لا مجال لقبول الاعتذار".

وكان هيكل قد أرسل الخطاب إلى بيت عبدالناصر، ثم بقي في مكتبه ينتظر كلمة منه، ولم يبق بعد ذلك مجال لأي شيء آخر - بالنسبة له- غير أن يصدع لأمره ويطيع، على وعدٍ منه بأن تكليفه بما كلفني به لن يطول أكثر من ستة أشهر كحد أدنى وسنة كاملة كحد أقصي".

مجموعة مايو التي سماها هيكل بمراكز القوى يجمعون على أن الرئيس عبدالناصر أراد أن "يخلص" من وجع الدماغ الذي سببه له هيكل من كثرة انتقاداته لأوضاع الإعلام، فعينه وزيرا للإعلام بمنطق إذا كانت لك انتقاداتك، ولك تصور للكيفية التي يجب أن يكون عليها الإعلام، فالفرصة أمامك كاملة لكي تحقق ما تتحدث عنه: "ورينا شطارتك".

والأسئلة هنا مشروعة، وضرورية أيضاً: هل أراده إلى جانبه في العلن بعدما طال وجوده إلى جواره في الظل، وهل أراده إلى جانبه في المسائل الداخلية خاصة لكي يطمئن على سيرها كما يجب أن تكون، لأنه كان يعرف كيف يفكر عبدالناصر، أم كان يرتب الأوضاع داخلياً بطريقة ما في ظل مرضه، وأراد هيكل داخل مجموعة الحكم، بوزن نسبي معقول، وعلى مقعد من المقاعد الرئيسية في الوزارة؟.

***

كان ضمن ممانعة هيكل لقرار توزيره أنه عندما علم بالقرار أسرع إلى توفيق الحكيم، وطلب منه أن يقابل الرئيس، ويحاول إقناعه بأهمية وجود هيكل في الأهرام... كان هيكل يعلم أن الرئيس سيستجيب للحكيم لأنه يقدره ويحترم رأيه... وقبل الحكيم أن يكتب رسالة إلى عبدالناصر يضمنها رأيه في أن المصلحة تقتضي بقاء هيكل في رئاسة تحرير الأهرام، وأخرج علي حمدي الجمال الذي كان مدير التحرير في ذلك الوقت قلماً ذهبياً وأعطاه لتوفيق الحكيم، وفتح له هيكل باب حجرة صغيرة ملحقة بمكتبه، وتركه وحده ليكتب رسالته إلى عبدالناصر.

وكانت رسالة الحكيم إلى عبدالناصر تكاد تستعطفه بأن يترك هيكل لـ"الأهرام" الذي "ينتظره الناس في مصر والعالم العربي، بل وخارج هذه البلاد ينتظرون كل جمعة مقال "بصراحة" ليعرفوا حقائق ما يجري من خلال أسطر لا تنتمي إلى جهة رسمية، ولكنها تكشف عن الصدق الذي يريده الناس على قدر الإمكان، أتصور الآن ما يجري يا سيدي الرئيس إذا فقدت الأهرام هذه الصفة، فما الذي سيبقى للناس؟ أبواق إذاعة وتليفزيون لا تقبل إلا لأغانيها... وكل نشاط لهذه الأجهزة في مجال الرأي سيأتي بعكسه، لأن الناس لا تريد الآن أن تصدق إلا ما يصدر بعيداً عن السلطة.

ويقول الحكيم: "بعد أن انتهيت من كتابة الرسالة وجدت عند هيكل "حاتم صادق" زوج كريمة الرئيس الراحل، وكان هيكل قد عينه في الأهرام هو وقرينته، وقال هيكل: هذا هو "البوسطجي" الذي سيحمل رسالتك إلى الرئيس، ثم سلم الرسالة لسكرتيرته نوال المحلاوي لكي تضعها في مظروف مناسب فخرجت، وغابت قليلاً قبل أن تعود بالرسالة، وعلمت فيما بعد أنها صورتها".

وفي مساء ذلك اليوم زارت سكرتيرة هيكل وزوجها عطية البنداري الضابط السابق بالقوات المسلحة، الصحافي المعروف لطفي الخولي، ودار حديثهم حول رسالة توفيق الحكيم للرئيس، وحصلت المخابرات بوسائلها الخاصة على تسجيل لما دار خلال هذه الزيارة، وفي هذه الجلسة تحدث لطفي الخولي عن عبدالناصر بما يسيء إليه... واستمع عبدالناصر إلى التسجيل كله وقرر معاقبة المشاركين في الجلسة.

يقول السادات: اتصل بي على الفور، ولم يقل لي إنه استمع إلى تسجيل، إنما اكتفى بالقول، وهو في قمة الانفعال: "بعد ده كله، هيكل رايح يأخذ رأي لطفي الخولي فيَّ أنا"، والحقيقة أنني رأيت هيكل في اليوم التالي وقلت له: "جرى لك ايه. انت اهبل. الراجل عاوز يشغلك معه. تقوم تهرب".

كان تعيين هيكل وزيراً أزمة عامة طفت على السطح، ومحنة خاصة وجد نفسه في خضمها، مأموراً ليكون مسؤولاً عن الإعلام، ثم معاقباً في أصدقائه المقربين وقد أغلقت عليهم أبواب السجن. لم يمض وقت طويل... من أبريل سنة 1970، إلى سبتمبر سنة 1970، أقل من ستة أشهر، ورحل عبدالناصر.. ولما كانت هذه هي الخلفيات، فقد كان محتما أن يستقيل.

كانت استقالة هيكل مختلفة في أسبابها، ودوافعها، عن موجة الاستقالات التي حفلت بها الأيام الأولى بعد رحيل عبدالناصر، وكانت استقالة مميزة بكل المقاييس.

***

رغم أن السادات كان يعرف وجهة نظر هيكل في توليه الوزارة في عهد عبدالناصر، وكانت فرضت عليه إلى الدرجة التي فكر فيها بالاعتكاف في بيته الريفي رفضاً لمنصب لم يسع إليه، بل لعله سعى إلى دفعه طويلاً إلا أنه قال له: ماذا يقول الناس إذا عرفوا أن أقرب شخص إلى جمال عبدالناصر استقال بعد ثلاثة أيام من تولي أنور السادات الرئاسة بالإنابة، وحاول السادات أن يثني هيكل عن الاستقالة، وبعد أن لمس إصراره اشترط عليه أن يبقى حتى يدير معركته الانتخابية للاستفتاء، واشترط عليه هيكل في المقابل شرطا أن يكتب السادات رداً على كتاب استقالته من الوزارة... ليس هذا فقط، وأن ينشر خطاب الاستقالة، ورد السادات عليه، يوم ظهور نتيجة الاستفتاء، ووافق السادات، وبالفعل ظهر "الأهرام" يحمل في صدر صفحته الأولى إلى جانب نتيجة الاستفتاء على الرئاسة استقالة هيكل من وزارة الإعلام، ورد رئيس الجمهورية الجديد عليها... وكانت هذه هي أول استقالة لوزير تجري وقائعها على الهواء مباشرة.

الأهم من ذلك أن "الأهرام" نشر استقالة الوزير أولاً، وأسفلها رسالة الرئيس في الرد على الاستقالة، وهي أيضاً سابقة لم ولن تحدث، وأثارت الواقعة أكثر من علامة استنكار... كانت عبارات الاستقالة تجري على غير مألوف التخاطب مع رئيس الجمهورية، إذ بدأها بعبارة الأخ والصديق، وبدا هذا المسلك استفزازياً ومقصوداً به التأكيد على دوره وعمق علاقاته المؤثرة، حتى أن موقعه من رئيس الجمهورية، هو موقع الأخ والصديق بلا كلفة أو تقيد بأصول".

لم تكن استقالة "هيكل" من موقعه كوزير للإعلام هي ما لفتت الانتباه، لكن الأكثر دهشة وإثارة هو سيناريو الاستقالة نفسه، فقد كانت المرة الأولى -وربما الأخيرة- التي تنشر فيها استقالة "وزير" مع رد رئيس الجمهورية على خطاب الاستقالة. وحسب ما نشره "الأهرام" فقد جاء رد السادات كالتالي:

"عزيزي" الأستاذ محمد حسنين هيكل وزير الإرشاد القومي... تحية الإسلام المباركة وبعد...

فلقد تلقيت كتابك وقرأته بكل عناية وتقدير، فليس أحب إلىَّ في هذه الحياة من معنى مثل معنى الوفاء في كل صوره وألوانه، من أجل ذلك، فإنه لا يسعني إلا أن أجيبك إلى طلبك أيها الصديق، واثقاً أن جهدك وقلمك سيظلان كما عودت زعيمنا الراحل أن يكونا في مكانهما من معركتنا المقدسة، شاكراً لك ما بذلته من جهد خلال توليك الوزارة، داعياً لك المولى عز وجل أن يوفقك في مكانك الذي اخترته بإرادتك، وأن يمنحك الصحة وموفور السعادة، والله أسأل أن يسددنا جميعاً بتوفيقه والسلام عليكم ورحمة الله.

توقيع: أنور السادات في 18 أكتوبر 1970

هيكل يتجنب الصراع على السلطة بعد عبدالناصر

كان هدف هيكل واضحاً، أن يتجنب الدخول بنفسه في صراعات السلطة التي لمحها من بعيد... أعلن انحيازه للسادات، وأقنعه أنه سيكون أكثر فائدة له من موقعه في الأهرام. هناك سيكون بعيداً عن تلك الصراعات، ومن هناك يستطيع أن يشارك في حوار الحوادث والتطورات طليق اليد ومتحرراً، ما يجعله أكثر تأثيراً في مجرياتها.

وكان هيكل طول مسيرته حريصاً على أن يظل في منطقة الظل أو منطقة "الأهمية الرمادية" التي تجعل إمكانية استمراره إلى جوار صانع القرار أطول مدة ممكنة، وبأكثر مما يتيحه الوجود المعلن في منطقة الضوء الباهر، وكان أهم أهداف هيكل أن يخرج بنفسه بعيداً عن منطقة الصراع المكشوف إلى منطقة الصراع المحكوم والمنضبط، حيث يكون تأثيره في الأحداث أكثر قوة من وراء ستار، وهو ما حدث فعلاً في ما بعد، ثم إن إحساس هيكل اليقيني بأن أبواب الصراع الداخلي ستفتح على مصراعيها عقب رحيل قائد النظام ومؤسسه، جعله يصمم على أن ينأى بنفسه -بعيداً- عن مخاطره المباشرة، بالابتعاد عن حلبته الرئيسية.

كانت مخاوف هيكل في تلك الفترة كثيرة بعضها يخصه، وقد كان طرفاً في علاقات تناحرية مع كثير من أقطاب نظام ما بعد عبدالناصر، حيث غاب الرجل الذي كان يفرض عليه حماية خاصة تقيه شر التنافس التناحري مع الآخرين، وجاءت استقالته فراراً من مواقع مكشوفة في حرب مكتومة، إلى مواقع أكثر أمناً وتوقياً وراء ساتر بعيداً عن حلبة الصراع.

back to top