القرار الرئاسي الذي أصدره باراك أوباما، أمس الأول، لتشديد شروط اقتناء السلاح في الولايات المتحدة، ينظر إليه على نطاق واسع بأنه معركة متأخرة دخلها الرئيس في سنة حكمه الأخيرة مع الكونغرس الذي يهيمن عليه الجمهوريون.

Ad

لكن الرئيس الأميركي أعلن مستدركا أن شروط كسب تلك المعركة قد لا تكون متاحة بالكامل بما يمكن غالبية الأميركيين من التخلص من آفة السلاح المحمية بـ»الإعلان الدستوري الثاني» المقر عام 1791، إلا أنه يسعى على الأقل إلى تحسين شروط مواجهة لوبي السلاح الأكثر تأثيراً، بانتظار نضوج الظروف المناسبة لإلغاء حرية امتلاك السلاح العشوائي «أسوة بالكثير من التعديلات التي أقرها المشرعون الأميركيون، كما حصل مثلا مع حقوق النساء والمساواة بين البيض والسود، وغيرها من القوانين».

اختيار أوباما عام حكمه الأخير لخوض هذه المعركة السياسية والدستورية، يتناسب والمعركة السياسية المفتوحة على مصراعيها بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي لاختيار الرئيس الجديد للبلاد بعد نحو 10 أشهر من الآن.

وهو لم يتوان عن الإشارة إلى هذا الأمر في مؤتمره الرئاسي بالبيت الأبيض، حين قال إن معركة تشديد شروط اقتناء السلاح جزء لا يتجزأ من المعركة لتحديد هوية الرئيس الجديد، منتقدا بشدة التعليقات التي أدلى بها عدد من «صقور» المرشحين الجمهوريين ضد قراره الرئاسي، قائلا إنها تساهم في زيادة عدد ضحايا حوادث القتل التي تجاوزت الـ30 ألفاً خلال العام الماضي.

وعلى الرغم من أن الاعتراضات قد تأتي في غالبيتها من الجمهوريين، فإن مراقبين كثيرين اعتبروا أن أوباما سيكون عليه مواجهة اعتراضات مشرعين ديمقراطيين أيضا في قضية لا تزال تلقى «مزاجا» شعبيا معارضا للمس بـ»الإعلان الدستوري الثاني».

وتجارب التصويت الديمقراطي المعارض لا تزال طازجة، حين اعترض أربعة من رجال الكونغرس الديمقراطيين على مشروع قرار مماثل عرض على التصويت قبل سنوات قليلة.

ورفعاً لسقف هجومه، يعتزم أوباما خوض لقاء عام مفتوح في جامعة جورج مايسون في مقاطعة فيرفاكس بولاية فيرجينيا اليوم، تنقله محطة «سي أن أن» التلفزيونية مباشرة، حيث يتوقع أن يحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة، في ظل ردود الفعل العنيفة التي صدرت من الجمهوريين، أبرزهم رئيس مجلس النواب بول راين وبعض المرشحين الرئاسيين، على رأسهم دونالد ترامب، وتيد كروز، وماركو روبيو، ومايك هوكابي، استحضروا خلالها قضية الإرهاب متعهدين بإلغاء القرار في اليوم الأول من انتخابهم.

بعض المعلقين اعتبر أيضاً أن قرار الرئيس من شأنه أن يدعم معركة هيلاري كلينتون المرشحة الديمقراطية الأوفر حظا، في مواجهة خصمها الديمقراطي السيناتور بيرني ساندرز الذي يقف موقفا أقرب إلى الجمهوريين في هذه القضية.

وبحسب استطلاعات الرأي التي نشرتها صحيفة «واشنطن بوست»، تمكنت كلينتون من تقليص الفارق مع ساندرز، وتساوت معه في ولايتي نيوهامبشر وايوا، حيث ستجرى أولى الانتخابات الحزبية التمهيدية بعد أقل من شهر، بعدما كان متقدما عليها فيهما.

بعض المراقبين اعتبروا أن دموع الرئيس التي سالت خلال حديثه عن الضحايا الأطفال الذين سقطوا في حوادث إطلاق النار الأخيرة، قد تساهم في التأثير عاطفياً على الأميركيين في ظل إحصاءات تشير إلى أن غالبية الضحايا ومرتكبي حوادث إطلاق النار هم من الشبان والقصّر، في حين أن التخويف من الأعمال الإرهابية وخطرها على الأميركيين ليس إلا حجة لـ»إدامة سيطرة لوبي السلاح على القرار السياسي للكونغرس، وهو ما لا يمكن الاستمرار به»، حسبما قال أوباما.