ما هذا الذي قاله خامنئي؟!
![صالح القلاب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1501783180355436200/1501783193000/1280x960.jpg)
إنَّ مجرد اعتراف السيد علي خامنئي بأن ما يجري في سورية هو حربٌ أهلية وأنه بالإمكان إجراء انتخابات لوضع نهاية لهذه الحرب ولهذا الوضع, هذا إذا صح أنه قال هذا الكلام فعلاً، فإنه يعتبر تغيُّراً حقيقياً في المواقف الإيرانية، ويعني أنَّ إيران بدأت تتبع سياسة غير سياستها السابقة تجاه هذه الأزمة، التي تحولت مع الوقت إلى أزمة إقليمية وأزمة دولية، وأنها، أي طهران، مادام أن هذا هو فهمها لما يجري في هذا البلد، من غير المستبعد أن "تفك" علاقاتها بروسيا بعدما تبين أنَّ الروس يلعبون لعبتهم الخاصة، وأنه من غير المستبعد، إنْ سارت الأمور كما يريدون وهبَّ الهواء لمصلحتهم، "انْ يُذرُّوا على ذقون حلفائهم وأصحابهم الإيرانيين"! وحقيقة أنَّ تغييراً كهذا من الصعب توقعه، فإيران حتى إنْ غدت تتوجس خيفة من المواقف والتصرفات الروسية بعد التدخل العسكري الروسي في سورية وحتى إن تأكدت وتيقنت من أنَّ الروس باتوا يلعبون هذه اللعبة لحسابهم فقط، فإنها من غير المتوقع أن تقْدم على خطوة كهذه الخطوة التي إنْ هي خطتها قبل أن تبادر إلى إعادة ترميم علاقاتها المتردية مع العرب، فإنها ستجد نفسها في عزلة مرهقة وقاتلة.ربما يلجأ جنرالات حراس الثورة إلى "تصحيح" هذا التصريح وبخاصة ما يتعلق منه بالحديث عن أنَّ ما يجري في سورية هو "حرب أهلية"، لكن حتى إن حدث هذا وتم تصحيح كهذا، فإنه يبقى أنَّ تأكيد السيد علي خامنئي أن إجراء انتخابات في سورية، بدون أن يحدد طبيعة هذه الانتخابات التي يريدها، وما إذا كانت نيابية فقط أم نيابية ورئاسية، وما إذا كان سيشارك فيها بشار الأسد أم لا، سيزيد غموض تصريحاته هذه غموضاً، وبالتالي فإنه سيفتح الأبواب لاجتهادات وتأويلات كثيرة. فهل يا ترى ستفعلها إيران؟ هل من الممكن أنْ نستيقظ ذات يوم قريب أو بعيد لنجد أن هذه هي غير الإيران التي ذقنا منها الأمرين منذ الثورة الإيرانية عام 1979 حتى هذه اللحظة!إن العرب، كل العرب بدون استثناء دولة واحدة ولا زعيم واحد، يريدون مع هذه الجارة التي من المفترض أنها شقيقة وعزيزة جواراً حسناً، ويريدون علاقات مصالح مشتركة ووضع حدٍّ لكل المنغصات السابقة، قبل انتصار الثورة الإيرانية وبعد ذلك، لكن المشكلة أن الحبَّ من طرف واحد غير ممكن، وأن فتح صفحة جديدة بين هاتين الأمتين يتطلب تلاقي الإرادة العربية والإرادة الإيرانية. وحقيقة وللأسف أن هذا يبدو غير ممكن وغير متوقع ما لم تكن تصريحات السيد علي خامنئي الآنفة الذكر بداية تحول فعلي ومؤشراً إلى أن طهران أدركت أنه ليس في مصلحتها على المدى البعيد ولا على المدى القريب مواصلة تدخلها السافر في الشؤون العربية الداخلية من منطلقات طائفية ومذهبية. للأسف... للأسف.