يحتوي قانون الجرائم الإلكترونية على ما لا يقل عن ١٦ جريمة مغلظة وقاسية، وهو قانون جديد على البيئة القضائية والاجتماعية الكويتية، ومن المتوقع ظهور العديد من المشكلات الناتجة عن ضعف الخبرة والمهنية لدى الأجهزة الرسمية، والفهم الشعبي لطبيعة المسؤولية القانونية لاستخدام الفضاء الإلكتروني.

Ad

أول العمود:

 تكلفة العلاج في الخارج لعام ٢٠١٥ بلغت ٤٤١ مليون دينار في حين تكلفة بناء مستشفى جابر بلغت ٢٩٦ مليون دينار.

***

يبدأ سريان تطبيق قانون جرائم تقنية المعلومات رقم ٣٦ لسنة ٢٠١٥ بعد غد الثلاثاء ١٢ يناير الجاري، وهو قانون عقوبات مغلظة وقاسية يحدد ١٦ جريمة تصل عقوبة بعضها إلى ١٠ سنوات سجناً، وغرامات تقدر بـ٥٠ ألف دينار، ومن الضروري تعريف الناس به بشكل مكثف لسببين: الأول، أن مستخدمي الإنترنت في الكويت يشكلون نسبة كبيرة تتجاوز الـ٧٥٪ من عدد السكان، والثاني، أن أكبر نسبة من المستخدمين هي من فئة الشباب من صغار السن والأحداث الذين لا يملكون معرفة التبعات القانونية لكثير من الأعمال الإلكترونية.

الفضاء الإلكتروني مجال حيوي متسارع تتطور جرائمه بتطور وسائله وتقنياته، وكانت معالجات القضاء الوطني لمشكلاته تتم عبر قانون الجزاء فقط، وفي ظني أن هناك حاجة عامة لقراءة القانون المكون من ٢١ مادة، جلها يبدأ بكلمة "يعاقب بالحبس أو الغرامة"، ومن المهم أيضا متابعة حساب إدارة مكافحة الجرائم الإلكترونية في "تويتر" وإنستغرام، والذي تديره وزارة الداخلية، وذلك لمتابعة حملات التوعية فيه، إضافة إلى الوسائل الإعلامية المختلفة.

تبعات تطبيق القانون ستظهر بعد تاريخ سريانه، حيث ستظهر العديد من الأمور المتوقعة مثل تشابك نصوص القانون مع قوانين أخرى كقانون المعاملات الإلكترونية، وقانون المطبوعات والنشر، وللعلم فإن القانون الذي نتحدث عنه يعتمد في نصوصه ويحيل في عقوباته إلى ١١ مرسوماً و١٩ قانوناً نافذاً، وذلك مدعاة لظهور التشابك بين القوانين بعد الممارسة العملية له وتعامل القضاء معه.

يضاف أيضا، غموض بعض الأفعال التي ينص عليها القانون مثل التنصت والتزوير والاحتيال وسرية المعلومات والآداب العامة، فرغم وجود هذه الكلمات في قوانين حالية فإن معانيها مختلفة في التعاملات الإلكترونية، وهناك مشكلة سيواجهها القاضي في رسم الأحكام إن لم تتم عمليات التحقيق الجنائي بناء على خبرات جهاز فني متمكن في الجوانب المعلوماتية، وما لم يكن هناك تدريب متقن للمكلفين بالضبطية القضائية على مفهوم الجريمة الإلكترونية التي تشمل الإرهاب والتزوير والاتجار بالبشر واختراق أنظمة المعلومات، والتحريض على الفسق والفجور، وسرقة العلامات التجارية، وبنوك المعلومات وغيرها من الجرائم، يضاف إلى ذلك ضرورة إنشاء محكمة للجرائم الإلكترونية لأن قضاياها كثيرة، وفي تزايد يعكس حجم التعاملات الإلكترونية في حياتنا العامة والوظيفية.

نحن مقبلون على نمط جديد من الجرائم وتجربة تعامل قضائي مستحدثة معه، وهو ما يتطلب توعية مسبقة ومكثفة، وربما سيكون موسم الانتخابات البرلمانية المقبلة بيئة عملية لاختبار القانون على الأرض بسبب التنافس الخارج عن اللياقة السياسية الذي يحدث بين بعض المرشحين. ومن المتوقع– كما حدث مع قوانين سارية– أن يتم الطعن في بعض بنوده لمخالفتها الدستور أو يتم التعديل عليه بسبب نواقص أشرنا إليها.

 وإن كان قانون الجزاء قد أودع عدداً مشهوداً من المغردين السجن، فمن المتوقع أن يزداد العدد بعد تطبيق القانون فيما لو لم تأخذ عملية التطبيق حقها من الخبرات الفنية والتقنية المطلوبة بدءا من المكلفين بإنفاذ القانون ومرورا بمجريات ومتطلبات التحقيق، وانتهاءً بطريقة المعالجة القضائية. باختصار نحن أمام موضوع جديد على الناس وعلى أجهزة الدولة.