أصبحت تيريزا ماي ثاني رئيسة وزراء في تاريخ بريطانيا، وتلقت على الفور مهمة جبارة هي تطبيق قرار خروج بلادها من الاتحاد الأوروبي، الذي تسبب في استقالة ديفيد كاميرون.وقدم رئيس الوزراء البريطاني (49 عاماً) استقالته إلى الملكة اليزابيث الثانية بعد جلسة أسئلة أخيرة أمام البرلمان أمس.
وقال كاميرون، في خطابه الأخير بالبرلمان، بعد ستة أعوام من توليه رئاسة وزراء بريطانيا: "لقد كنت المستقبل في وقت من الأوقات"، مردداً تعليقه، الذي قاله لزعيم حزب العمال السابق توني بلير عام 2005.وتوجه كاميرون للنواب من جميع الأحزاب قائلاً: "يمكنكم تحقيق الكثير من الأشياء في السياسة. يمكنكم إنجاز الكثير"، مضيفاً: "لا يوجد أمر مستحيل إذا ركزت في فعله".وحث كاميرون ماي على أن تبقي بريطانيا على صلة بأوروبا. وقال: "نصيحتي لخليفتي، التي هي مفاوض بارع، هي محاولة الإبقاء على أوثق صلة ممكنة بالاتحاد الأوروبي لمصلحة التجارة والتعاون والأمن" مضيفاً أن "هذا سيكون جيداً للمملكة المتحدة ولاسكتلندا".وستتولى ماي "59 عاماً" وزيرة الداخلية في الحكومة المحافظة المنتهية ولايتها، مهامها بعد أقل من ثلاثة أسابيع على تصويت البريطانيين لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي.والتقت ماي بدورها الملكة، التي ستكلفها مهمة تشكيل الحكومة الجديدة لتصبح ثاني امرأة تتولى رئاسة الوزراء بعد مارغريت ثاتشر (1979-1990)، ويقيم كثيرون أوجه شبه بينهما، وكذلك مع المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل. وقد بدأت على الفور مشاورات لتشكيل حكومة جديدة توقعت وسائل الإعلام البريطانية أن تضم عدداً كبيراً من النساء.وترث ماي المعروفة بشخصيتها القوية وهي ابنة قس، بلداً يشهد انقسامات كثيرة، ويشكك في مستقبله بعد الاستفتاء.وكتبت صحيفة "ذي غارديان" اليسارية، أنها تتولى مهامها في مرحلة كانت طرحت معضلة حتى لونستون تشرشل لإظهار صعوبة المهمة الملقاة على عاتقها بين المشاكل الاقتصادية وضغوط القادة الأوروبيين لتطلق بريطانيا في أسرع وقت إجراءات الخروج من الاتحاد.وحذرت ماي في وقت سابق من أنها تنوي تطبيق المادة 50 في معاهدة لشبونة، التي ستطلق عملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، قبل نهاية العام.ولم ينتظر القادة الأوروبيون توليها مهامها لتقديم الشكاوى لأنهم على عجلة من أمرهم لمعرفة نوايا الحكومة البريطانية.وستعلق الأسواق آمالاً كبرى خلال الأيام الأولى من تولي رئيسة الوزراء الجديدة مهامها، بحثاً عن استقرار بعد صدمة خروج البلاد من الاتحاد الأوروبي.
حزب العمال
في الوقت الذي سيكون للبلاد مسؤول جديد، تشهد المعارضة العمالية أزمة زعامة حادة جراء انعكاسات نتائج الاستفتاء.وبعد إعلان النائبة آنجيلا إيغل تحدي زعيم الحزب جيرمي كوربين، الذي ينتمي إلى أقصى اليسار بعد تخلي نحو 80 في المئة من نواب الحزب عنه، بسبب موقفه الملتبس إلى جانب البقاء في أوروبا، قال النائب العمالي أوين سميث، أمس، إنه سيرشح نفسه أمام كوربين.وقال سميث: "جيريمي رجل جيد ويحافظ على معايير حزب العمال، ولكنه ليس قائداً يمكنه قيادتنا في الانتخابات والفوز بها".وأضاف: "لدي مجموعة سياسات راديكالية، وذات مصداقية، أريد أن أجعل قضيتي ليس فقط الفوز بزعامة حزب العمال، وإنما أيضاً برئاسة الوزراء".وأمس الأول، حقق كوربين، الذي لم ينجح في ان يفرض نفسه لدى غالبية من كوادره، انتصاراً كبيراً على معارضيه، بعد أن قررت اللجنة التنفيذية للحزب السماح له بأن يترشح بشكل تلقائي في الانتخابات الجديدة لرئاسة الحزب العمالي.وفي شأن متصل، عقد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند، أمس، قمة حول تبعات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أواخر أغسطس مع المستشارة الألمانية آنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي، بحسب ما أعلن المتحدث باسم الحكومة الفرنسية.