خاص

الفيلي لـ الجريدة•: الحكم بعدم دستورية المادة 8 من صندوق المتعثرين فتح باب الطعن لكل مواطن رُفض طلب تسوية ديونه

• «الطعن أمام القضاء يبدأ بعد نشر الحكم في الجريدة الرسمية ولمدة 90 يوماً»
• «الحكم لا ينال من لجان الصندوق أو المديونيات السابقة بل سمح بالطعن على قرارات اللجان»

نشر في 10-11-2015
آخر تحديث 10-11-2015 | 00:02
أكد د. محمد الفيلي أن حكم المحكمة الدستورية، بعدم سلامة المادة 8 من قانون المتعثرين، فتح باب الطعن على قرارات اللجان التي تفحص طلبات المواطنين الراغبين في تسوية مديونياتهم لدى صندوق المتعثرين.
رغم قضاء المحكمة الدستورية، الذي انتهى إلى عدم دستورية المادة 8 من قانون المتعثرين، لمخالفتها نصوص المواد ٢٩ و٥٠ و١٦٦ من الدستور، لأنها تمنع الأفراد من الطعن على قرارات اللجان التي تفحص مديونيات المواطنين الراغبين في الدخول في صندوق المتعثرين، فإن المحكمة اكدت ثلاث رسائل هامة في حكمها، الاولى ان رقابة القضاء واسعة، ولا يمكن لاي قانون أن يقيدها طالما تأتي للدفاع عن الحقوق.

والرسالة الثانية موجهة للسلطة التشريعية بمطالبتها بألا تصدر تشريعات تحرم السلطة القضائية من الرقابة، وهو ما يتعارض مع نص المادة ٥٠ من الدستور، وإلا فإن مصير تلك التشريعات الحكم بعدم دستوريتها، خصوصا أن حق التقاضي مكفول للجميع، ولا يمكن قيده تشريعيا بدعوى التنظيم التشريعي من مجلس الأمة.

أما الرسالة الأخيرة فهي أن اللجان التي يترأسها قضاة أو مستشارون هي لجان إدارية، ولا يغير ترأس القضاة او المستشارين طبيعتها، وبالتالي لا يمكن اعتبار قراراتها نهائية لمجرد أن من تولى رئاستها قضاة أو مستشارون، بل تبقى لجانا إدارية، وحظر الطعن عليها يخالف نص المادة ١٦٦ من الدستور.

مواعيد التظلم

ورغم وضوح تلك الرسائل فإن حكم المحكمة الدستورية فتح جملة من التساؤلات عن إمكانية لجوء المواطنين ممن رفضت طلباتهم من صندوق المتعثرين سابقا، رغم فوات مواعيد التظلم، إلى المحاكم الادارية للطعن مجددا، وامكانية ادخالهم صندوق المتعثرين.

من جهته، أكد الخبير الدستوري استاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي أن حكم المحكمة الدستورية فتح باب الطعن على قرارات اللجان التي تفحص طلبات المواطنين الراغبين في تسوية مديونياتهم لدى صندوق المتعثرين.

وقال الفيلي لـ«الجريدة» إن هذا الحكم يفتح الطعن على قرارات اللجان من المواطنين الذين رفضت طلباتهم امام اللجان، ويبدأ ميعاد رفع القضايا من بعد نشر الحكم في الجريدة الرسمية ولمدة ٩٠ يوما، مضيفا ان ميعاد الطعن امام القضاء الاداري يبدأ من زوال العائق المادي الذي كان مانعا للطعن، وهو نص المادة 8 من قانون المتعثرين، وإعلان زوالها يكون بعد نشر الحكم في الجريدة الرسمية.

الاستفادة من الحكم

وعن إمكانية الاستفادة من المبادئ التي أوردها حكم المحكمة بعدم جواز نص القانون على منع الأفراد من اللجوء الى القضاء للمطالبة بحقوقهم وامكانية الاستفادة من الحكم للطعن على عدم دستورية منع الافراد للطعن على مسائل الجنسية والإبعاد، زاد: «لا أجزم بامكانية انطباق الحكم على هذه الحالات ولكن اقول إن أحكام المحكمة أصبحت متواترة في الأهمية القصوى لحق التقاضي، وان المادة 166 لا تترك للمشرع أمر تنظيم الحق، لكن فقط تبيان إجراءات ممارسته، ما يعني منطقيا انه ليس للمشرع، متمثلا في مجلس الامة عبر ما يصدره من قوانين، أن يحجب هذا الحق عن أحد».

وبين الفيلي قائلا «ان هذا الحكم قد يشكل مؤشرات لتوجه المحكمة الدستورية نحو التضييق من القبول في الطبيعة القضائية للجان المختلطة التي تشكل بين الإداريين، ويشترك فيها القضاة أو التي يترأسها القضاة، وتاكيد أنها لجان إدارية حتى لو ترأسها قاض».

وأوضح أن «الحكم لم يمس دستورية إنشاء اللجان التي قامت بنظر التسويات، أو حتى التسويات التي تمت من قبل اللجان مع البنوك أو المواطنين المنضمين في القانون، ولم يمس الحكم بأحقية تلك اللجان بإصدار القرارات، ولكن قرر الحكم فقط عدم دستورية حجب حق الطعن للافراد أمام القضاء على القرارات التي تصدرها اللجان التي تعمل بصندوق المتعثرين».

المادة ٢٩ تفصل في تمييز الجنح ومنع الاختلاط

أكدت المحكمة الدستورية في حيثيات حكمها على مخالفة المادة ٨ للمادة ٢٩ من الدستور، لإخلالها بالمساواة في التقاضي، وهي ذات المادة التي ستكون محلا للفصل من قبل المحكمة في طعنين محجوزين للحكم، هما الطعن على المادة ٢٠٠ مكرر، والتي تحرم الأفراد من الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة، إلا إذا كانت عقوبتها الحبس، وهو ما يعني عدم جواز الطعن على الأحكام الصادرة من محكمة الجنح المستأنفة، إذا كانت بالغرامة أو الإغلاق أو الإتلاف أو المصادرة وسيكون حكم «الدستورية» فيها بتاريخ ٢٥ نوفمبر للنطق بالحكم.

أما الطعن الثاني الذي ينتظره كثيرون بشأن التعليم المشترك فهو محجوز للحكم بتاريخ ١٦ ديسمبر، والسؤال الذي يطرح نفسه هل ستكون المادة ٢٩ من الدستور سبباً للقضاء بعدم دستورية المادة ٢٠٠ مكرر بشأن الطعن على أحكام محكمة الجنح المستأنفة وعلى قانون التعليم المشترك «منع الاختلاط»، والذي يقرر الفصل بين الجنسين في التعليم؟

اللجان الإدارية والقضائية

رغم تأكيدها أن اللجان التي يترأسها القضاة إدارية، ولا يمكن اعتبارها قضائية، أكدت المحكمة في حكمها جملة من القواعد للاعتداد بها، مبينة في حكمها «أن اللجان التي خصها المشرع في القانون سالف الذكر بإقرار التسويات المناسبة لمعالجة المديونيات المتعثرة يغلب على تشكيلها العنصر الإداري، ولم يتضمن القانون إلزامها باتباع إجراءات تتحقق بها ضمانات التقاضي أمامها».

وأضافت «ومن ثم فإن هذه اللجان لا تعدو أن تكون مجرد لجان إدارية، وأنه لا يغير من ذلك ما قد يثار من أن تشكيل هذه اللجان برئاسة قاض يضفي على عملها الطابع القضائي، ذلك ان مشاركة أحد رجال القضاء في تلك اللجان التي يغلب على تشكيلها العنصر الإداري لا يخلع بذاته عليها الصفة القضائية، طالما انه ليس لها ولاية البت في خصومات تنعقد أمامها، ولا الفصل فيها، كما لا تتبع في مباشرة عملها إجراءات التقاضي وسماته وضماناته».

تقييد المطالبة القضائية يعد تقييداً لوظيفة القضاء

أكدت المحكمة الدستورية في حكمها البارز بشأن رقابة السلطة القضائية على كل الحقوق وعدم جواز تقييدها وحظرها، موضحة أن «الدستور إذ أنشأ السلطة القضائية واسند اليها الفصل في الخصومات القضائية وإقامة العدل بين الناس في حيدة وتجرد مستقلين عن السلطتين التشريعية والتنفيذية، فإنه لا يأتي للسلطة القضائية أن تباشر هذه الوظيفة التي اسندها اليها الدستور، إلا إذا تمكن الأفراد من ممارسة وسيلة المطالبة القضائية، وبالتالي فإن كل تقييد لوسيلة المطالبة القضائية هو في حقيقته تقييد لوظيفة السلطة القضائية في مزاولة اختصاصها، بما ينطوي ذلك على تعارض مع مبدأ فصل السلطات المنصوص عليه في المادة 50 من الدستور، وإهدار للحقوق ذاتها التي كفلها الدستور».

back to top