«انتصار الإسلام»
![مجدي الطيب](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1458322261627985900/1458322269000/1280x960.jpg)
عشرون عاماً عاشت القبائل المسالمة خلالها أجواء الرعب والفزع، حتى ظهور الإسلام، ونزول الوحي، وهجرة المسلمين الأوائل، ومن بينهم «عمرو» (محسن سرحان) ووالده (عبد الحميد بدوي) خشية بطش الكفار. لكن الطريف أن قافلة المهاجرين، الذين يُفترض أنهم نفروا من مكة هرباً من القتل، تدق الطبول وتهز الدفوف، ويتبادل الغناء عليهم شفيق جلال وأجفان الأمير، وكأنهم في عُرس «قطر الندى»، فالمنطق غائب، والأغاني الثلاث، التي كتبها عبد العزيز سلام، طه أبو العلا وإمام الصفطاوي ولحنها حسين جنيد، أخلت بالإيقاع، بينما اتخذ الصراع شكلاً تقليدياً بتأكيده على براءة وطهارة المسلمين، الذين يقيمون الشعائر، وعلى رأسها الصلاة، بينما يعيش الكفار حياة اللهو والمجون، وتنضح قلوب زعمائهم بالشر والكراهية، والرغبة في الكيد للمسلمين، لولا فطنة وقوة المسلم «عمرو» في مواجهة الكافر «قاسم» (فريد شوقي) ويُجهض مؤامراته، التي يقودها لحساب والده «هبار». ويجرنا الفيلم إلى معركة عبثية تنتهي بوقوع «جميلة» (ماجدة) التي تجهل أن «غضب» أباها بالتبني، في غرام «عمرو» لمجرد أنه وسيم وزين الشباب، فمن يتابع ماجدة في الفيلم يُدرك، على الفور، أنها راعية غنم بالمفهوم الفولكلوري أو السياحي الذي لا علاقة له بالواقع، والأمر نفسه ينطبق على الفتاة «هند» ( لولا عبده) التي ترقص وتتلوى أمام أهل البادية، وكأنها في ملهى»الباريزيانا»، لكنها تنطق بالشهادة قبل أن تموت! سذاجة وسطحية وضحالة الفيلم ليست محصورة في السيناريو والحوار، والأداء التمثيلي، بل تتجاوز هذا إلى المناظر التي صورت بالكامل في أستديو الأهرام، فالهضاب والمغارات والكهوف الجبلية مجرد أوراق حائط وأحجار متراصة بطريقة فضحت الإنتاج الفقير (محمد حلمي شلتوت) والخيال الكسيح لمصمم الديكور «شارفنبرج». ولم يخرج تصوير «أوهان» عن الرؤية التقليدية للفيلم، الذي يكشف تواضع قدرات المخرج أحمد الطوخي، الذي أنجز بعد ذلك: «بلال مؤذن الرسول، حملة أبرهة على بيت الله الحرام، مولد الرسول»، واعتزل بعد ثماني سنوات من إخراج هذا الفيلم، الذي كرس من خلاله نظرية «شُلت يداي»، حيث يُصاب كل من يجرؤ عل المساس بواحد من المسلمين بأذى بالغ في ما يُشبه المعجزة الإلهية!في فيلم {انتصار الإسلام} خلط زمني صارخ لا تعرف معه إن كانت الأحداث تجري قبل الهجرة النبوية أم بعدها، وسابقة للغزوات أم تالية لها، فالبطل {عمرو} يهدئ روع مسلم يتعرض للتعذيب مستعيراً قول الرسول لصاحبه: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}. وفي مناسبة أخرى يقول لرفاقه: {كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ}. وبين الحين والآخر ينسى المخرج قضيته الرئيسة، وهي {انتصار الإسلام}، ويغرق في تفاصيل ثانوية ساذجة. حتى إن بطله لا ينتفض في سجنه طمعاً في رفع الظلم عن المسلمين، وإنما يهب ثائراً لإجهاض زواج {جميلة} من غريمه {قاسم}! أرجع الباحثون أسباب فشل «انتصار الإسلام» إلى اندلاع ثورة 23 يوليو 1952، لكن الحقيقة التي خرجت بها، بعد مشاهدة الفيلم، أنه يحمل أسباب فشله في طياته، بدليل أنه ينتهي من دون أن نعرف من هم «الشهداء المجهولون الذين جاهدوا في سبيل الإسلام ونسيهم التاريخ» وأهدى المخرج الفيلم لذكراهم «أملاً في أن يرد حقوقهم، ويسرد ما أهمله التاريخ»!