داهمت مجموعة من سبعة مسؤولين من هيئة الرقابة على المصنفات في مصر دار «ميريت» والمسرح المستقل «روابط» ومعرض «تاون هاوس»، وفتشوها، واطلعوا على الملفات على أجهزة الكمبيوتر المحمولة، وعلى التراخيص والمستندات والأعمال الموجودة، ثم انضم إلى الحملة مسؤولون من الأمن الوطني ومصلحة الضرائب ومكتب القوى العاملة، واستجوبوا العاملين واطلعوا على وثائق تحقيق شخصيتهم، ثم صادرت القوة جهازي كمبيوتر وأقراصاً مدمجة و»USB}، ومواد أرشيفية، وأغلقت هذه الأماكن.

Ad

الغريب في الأمر أن المداهمات تمت في وقت قريب من ذكرى 25 يناير التي تحل بعد أيام قليلة، ما جعل البعض يرى أن للأمر علاقة باقتراب الذكرى، لا سيما أن صاحب دار نشر {ميريت} كان أحد الداعمين لشباب الثورة، كذلك كان لرواد {تاون هاوس} و{روابط} دور كبير.

من جانبه، قال مالك {ميريت} محمد هاشم إن شرطة المصنفات حضرت إلى مقر الدار وألقت القبض على أحد المتواجدين الذين أفرجت عنه في ما بعد لكنهم تحفظوا على مايكروفون وسماعة خاصين بالمكان دون إبداء أية أسباب واضحة، مؤكداً أن بعض الفعاليات التي تقيمها الدار، أبرزها التضامن مع الشاعر الفسطيني أشرف فياض بالإضافة إلى إقامة ندوات تفضح كثيراً من الإعلاميين المصريين، كانت سبباً مباشراً في المداهمة. وأكد هاشم أن الإجراءات تبدو سياسية رغم أنها مجرد إجراءات إدارية، فثمة رسالة يريدون إيصالها، مضيفاً: {لا نخاف ولن نتراجع عن قناعاتنا}، مشيراً إلى أن الحكومة المصرية تعالج الأمور بشكل خاطئ ينذر بأزمة كبرى قائلاً: {سنظل نحلم بوطن العيش والحرية والعدالة الاجتماعية}. وقدم الشكر لكل من تضامن معه وساهم في منحه الأمل بوطن قادر على الخروج من أرض الأحزان إلى أرض المقاومة دفاعاً عن الحقوق المشروعة في الكرامة الإنسانية والحرية والعيش.

بدوره قال رئيس اتحاد الناشرين المصريين عادل المصري إنه تواصل فعلاً مع مالك دار «ميريت» وحاول منه معرفة الأسباب التي أدت إلى هذه الخطوة من أجهزة الأمن إلا أنه أخبره أنه لا يعلم شيئاً، وأكد المصري أنه ينتظر حتى يعرف السبب الحقيقي ليتحرك الاتحاد بناء عليها.

أوضح المصري أن محامي الاتحاد تحت أمر دار «ميريت»، خصوصاً أنه متخصص في مثل هذا النوع من القضايا، مضيفاً أن البعض أكّد أن السبب في المداهمة عدم تجديد اشتراك «ميريت» في اتحاد الناشرين، وهو أمر سهل، على حد قول المصري، أما السبب الثاني كما تردد فهو طباعة الدار بعض الكتب من دون رقم إيداع.

 على الجانب نفسه أصدرت الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان بياناً صحافياً دانت فيه مداهمة «ميريت» و{روابط» و{تاون هاوس» مطالبة السلطة المصرية بالتراجع عن قرار إغلاق الأخيرين، والإعلان عن سبب الحملة التي شنتها على أحد أهم مراكز الثقافة في مصر والتوقف عن ملاحقة وسائل التعبير بالترهيب أو المنع.

وأكدت الشبكة العربية في بيانها أن توقيت المداهمات ليس صحيحاً ويدل على خوف بعض المؤسسات من  إتاحة أي مساحة ولو ضئيلة لحرية التعبير، خصوصاً بين الشباب والمثقفين بغرض قمع الأصوات الناقدة، ما يذكرنا بإغلاق عدد من المراكز الثقافية مثل «المورد الثقافي» الذي أنهى أعماله مطلع عام 2015.

من جانبه، أكد الناقد الكبير عبدالمنعم تليمة أن مداهمة المراكز الثقافية المصرية تدل على أن بعض الأجهزة الحكومية مرتبك ومتخبط، وهو نذير شؤم يشير إلى أننا مقبلون على مرحلة لا يعلم مداها إلا الله، موضحاً أن التخبط لا يرتبط بالثقافة فحسب بل يصيب جميع أنشطة البلاد.

قال تليمة: «هذا الهجوم مؤشر أسود لا يقبله أحد، لا سيما أنه لا تتوافر أسباب معلنة، ولم نسمع أي نتائج أيضاً أو بياناً، فالتعتيم سيد الموقف، مطالباً كل جهة حكومية تداهم مكاناً ما التأكد من صحة معلوماتها كي لا يرى البعض ما حدث تصيداً للأخطاء ومحاولة لتهديد بقاء أماكن بعينها.