يودع مسلمو اوروبا هذا العام حاملين معهم تحديات من تأثير وصمهم بالارهاب والتطرف ونظرة الشك التي يزرعها الاعلام لدى الرأي العام في قدرتهم على الاندماج في الغرب لكنها لا تثنيهم عن طموحاتهم للتغلب على تلك الازمة.

Ad

وتتبارى المنظمات والمراكز والمؤسسات الراعية لمسلمي اوروبا في التعامل مع هذه المخاوف لتفادي التداعيات السلبية لهذا الاستقطاب المجتمعي الذي يؤدي في كثير من الاحيان الى احتقان بين المسلم ومحيطه سواء في المسكن او العمل او الدراسة وايضا فيما بينهم.

ويقول رئيس (الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية) الشيخ سفيان مهاجري في حواره مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) عن هذه الازمة "ان مسلمي اوروبا يعيشون ظرفا صعبا يتنامى فيه تيار اليمين المتطرف تقريبا في كل الدول الاوروبية ويلعب الاعلام دورا في التأليب ضد المسلمين والتهويل من أخطائهم لتوجيه الرأي العام نحو كراهية الاسلام والمسلمين".

وشرح "ان هذه الاجواء قد حفزت الهيئة ليكون لها دور يصب في مسارين اثنين الاول طمأنة وتهدئة المجتمع والسلطات والثاني تعزيز قدرات المراكز الاسلامية على القيام بدورها في الحفاظ على الجالية وتقديم الاسلام بصورته الصحيحة".

ولفت الى وجود شخصيات بارزة في مجلس شورى الهيئة مثل إمام وخطيب المسجد الكبير في دولة الكويت وأستاذ الشريعة والدراسات الاسلامية بجامعة الكويت الدكتور وليد العلي والامين العام للهيئة العالمية للاعجاز العلمي في القرآن والسنة التابعة لرابطة العالم الاسلامي الشيخ عبد الله المصلح.

كما يضم مجلس شورى الهيئة ايضا رئيس قسم الفقه المقارن في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض والمشرف العام على مواقع ومؤسسة (رسالة الإسلام) الشيخ عبد العزيز الفوزان وعضو مجلس إدارة رابطة علماء الشريعة بدول مجلس التعاون الخليجي الأستاذ بكلية الشريعة بجامعة قطر الشيخ الدكتور سلطان الهاشمي.

واكد "ان رئاسة إمام وخطيب مسجد قباء الشيخ صالح المغامسي لمجلس شورى الهيئة مع هؤلاء الاعضاء الافاضل يعطي صورة عن الاهتمام الذي تحظى به قضايا المسلمين في الغرب من اهتمام من علماء الامة".

ولفت الشيخ المهاجري الى ان "الهيئة تركز على اهمية القيم الإنسانية النبيلة المشتركة وحسن المعاملة وكيف ان المسلمين جزء من نسيجه لهم خصوصياتهم ولكنهم ايضا يلتزمون بما عليهم من واجبات ومن ثم ايضا يحصلون على حقوقهم بلا تهميش او اقصاء"

واوضح "ان توافد اعداد غفيرة من اللاجئين المسلمين على أوروبا يجعل الخوف من المسلمين يزداد بسبب ربط وسائل الإعلام بين هؤلاء اللاجئين المسلمين وبين أكاذيب وافتراءات وتدليس وتحريف للحقائق او تفسيرها وتوجيهها بما يسيء للاسلام والمسلمين ديانة ومتدينين واحيانا لدول بأكملها".

وتابع "ان هناك ايضا من بين المجتمعات الغربية عقلاء ومنصفين من الساسة وبعض الدوائر الحكومية ينظرون الى المسلمين بإيجابية ولهؤلاء دور في الرد على الحاقدين على الاسلام والمسلمين ويرون اهمية قيام المراكز الاسلامية بدور إيجابي في عرض الإسلام بوسطيته ويشجعون على التواصل مع الإعلاميين والمجتمع المدني".

واضاف "لذا يبرز دور المراكز والمنظمات الراعية للمسلمين كصمام امان بين المسلمين والمجتمعات التي يعيشون فيها وايضا بين المسلمين انفسهم لامتصاص حالة الاحتقان او الاستقطاب التي تنعكس سلبيا على الجميع".

واشار الى "ان هناك مسؤولية تقع على المراكز الاسلامية في الغرب لانها الموئل الذي يقصده المسلمون في امور دينهم ودنياهم ولذا فهناك حاجة لوضع احتياجاتها محل اهتمام ومتابعة" موضحا ان هناك "العديد من المراكز الإسلامية في أوروبا بحاجة إلى مساعدة مادية ومعنوية تجمع شمل المسلمين وتجدد الطرح وتستوعب الوضع الحالي وكل مؤثرات المشهد في أوروبا".

وتابع ان بعض المراكز الإسلامية ينقصها المصاحف او مكتبة او التهيئة المناسبة لقاعات الصلاة بل منها من ليس له إمام متفرغ او تعاني من مشكلات مادية لسداد التزاماتها المالية من ايجار وكهرباء وتدفئة وماء.

ولفت الى "ان بعضها ليس له خطة وبرنامج عمل أو برنامج تأهيلي وتدريبي واخرى تتخبط في الادارة فضلا عن عدم الالمام الكافي بكيفية التعامل مع الإعلام و قضايا الشباب وكلها مشكلات تنعكس سلبيا ايضا على المسلمين في الغرب بشكل مباشر او غير مباشر".

وشدد الشيخ المهاجري على "ان كل هذه المشكلات تؤكد اهمية دعم المراكز الإسلامية لتمكينها من الاضطلاع على الوجه المطلوب برسالتها المتمثلة في التعريف بالإسلام وتعزيز العلاقات مع مختلف الدوائر ورعاية شؤون الجاليات المسلمة الدينية والتربوية والثقافية والاجتماعية".

واكد "ان الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية وضعت انطلاقا من هذا الواقع برنامجا طموحا خلال العام المقبل يسير في نهجين متوازيين الاول يعنى بالمراكز الاسلامية والثاني بالخطاب مع المجتمع الغربي".

واضاف ان المساجد بحاجة الى دعم مادي ومعنوي من خلال المساهمة في حصولها على مقرات ملائمة لها بالتملك أو التأجير وترميم ما يحتاج إلى ترميم من مرافقها" مشددا على ان "هناك ايضا برنامجا للعناية بالأئمة والخطباء ودعمهم ماديا ومعنويا لتمكينهم من المشاركة في تقديم نموذج متميز في التعريف بالإسلام وبنبي الرحمة صلى الله عليه وسلم ومن ثم يكون لهم دور فعال في تطوير دور المراكز الإسلامية في المجتمع للمسلمين وغير المسلمين".

وشرح "ان هذا المنحى سيفتح باذن الله تعالى آفاقا جديدة للتعاون مع المراكز الإسلامية في أوروبا لرفع كفاءتها وتطوير وسائلها وتوسيع نطاق أعمالها لتستجيب لحاجات وتطلعات مسلمي أوروبا وتقوم بدور رائد ضمن مؤسسات المجتمع المدني الأوروبي".

وتابع "ان النهج الثاني يسير في اتجاه تنظيم مؤتمر حول موضوع الارهاب نحاول من خلاله استضافة شخصيات متميزة لتوضيح المفهوم الاوروبي للارهاب وكيف ان الاسلام براء منه ونحاول من خلاله صياغة رؤية مشتركة للتعامل مع هذه المشكلة على مختلف الصعد المجتمعية والاعلامية وايضا داخل الجالية المسلمة".

واضاف "ان دور الهيئة في هذه الفعاليات التي ستشهدها العديد من الدول الاوروبية هو تقريب الحقائق ودحض الشبهات وتصحيح المفاهيم وتعميق الحوار وتعزيز الثقة المتبادلة للخروج بمقترحات عملية في كيفية الحد من ظاهرة كراهية الاسلام وهو مسار يحتاج الى صبر ومثابرة ودعم متواصل".

وتابع "لدينا في الهيئة قناعة بأن تعلم المسلم لصحيح دينه بعيدا عن الغلو والتطرف والنعرات العرقية سيعزز ثقة مسلمي اوروبا في ذاتهم ويقنع المجتمعات الاوروبية ايضا بأن الاسلام جزء منها يكملها ولا ينتقص منها".

واوضح "ان مثل تلك الجهود المخلصة ستدحض مزاعم اعداء الاسلام والمصابين بالعنصرية كما ستكشف المزايدات التي أظهرتها بعض الجماعات التي أساءت إلى الإسلام والمسلمين إساءة بالغة بإعطاء صورة سلبية استغلها أعداء الإسلام لزيادة التحامل عليه وعلى أبنائه ورموزه ومقدساته وجعلت منهم عدوا بغير علم".

يذكر ان الهيئة الأوروبية للمراكز الإسلامية قد انطلقت في شهر يونيو من هذا العام وتتخذ من مدينة جنيف السويسرية مقرا لها وهي ممثلة في 13 دولة أوروبية هي سويسرا وفرنسا وإيطاليا واسبانيا والنمسا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وتشيكيا وسلوفاكيا والمجر وبريطانيا والسويد.

كما يضم مجلسها الاستشاري نخبة من القائمين على العمل الاسلامي في اوروبا من اصول عرقية مختلفة ادراكا من الهيئة بأهمية تمثيل اهتماماتهم في العمل الاسلامي الاوروبي.