الفاتنة... كاميليا 3 من 4 القناع الأحمر

نشر في 27-10-2015 | 00:01
آخر تحديث 27-10-2015 | 00:01
وقعت كاميليا مع الفنان والمنتج أحمد سالم عقدي عمل أحدهما لخمس سنوات، والآخر فيلم «رجل المستقبل»، والبطولة مطلقة لها وأمامه، بيد أن الفنان يوسف وهبي استطاع أن يلغي كل تعاقداتها ويحصل على التنازل، لتقف أمام الكاميرا مع النجمين سراج منير وفاتن حمامة في فيلم «القناع الأحمر» عام 1947، لتكون حديث الصحف والمجلات عند إطلالتها الأولى على الشاشة الكبيرة، وأصبحت مطلباً للمنتجين والمخرجين.
ذاعت شهرة كاميليا كنجمة ينتظرها مستقبل كبير، قبل أن تمثل مشهدا واحدا أمام كاميرات السينما، فضلا عن أنها أصبحت سيدة مجتمع من طراز فريد، تبدأ يومها في الثامنة من مساء كل ليلة، وحتى فجر اليوم التالي، برفقة الدنجوان، يتنقلان من حفل في أحد قصور الباشوات، ومنه إلى أحد الفنادق، ومن الفندق إلى ملهى ليلي، ومن ملهى إلى «طاولة بوكر» في أحد بيوت الأصدقاء، فلم يكن أحمد سالم يستقر في مكان واحد طويلا، دائم التنقل، كثير الملل، غير أنه ما إن ينتقل إلى أي مكان حتى تلاحقه أعين الحاسدين، على حب تلك الفاتنة التي لا تترك ذراعه اليمنى.

وقعت كاميليا في غرام هذه الحياة الجديدة، أكثر مما وقعت في غرام أحمد سالم، غير أنها شعرت بأنه قد آن الأوان لأن يتحول الحلم إلى حقيقة، اشتاقت إلى الوقوف أمام الكاميرات، وأن يشير إليها الجمهور في الشارع، مثلما يتهافت عليها البكوات والباشوات، ورجال المال والأعمال، فقررت أن تفاتح أحمد سالم في هذا الأمر:

= ياااه يا حبيبتي.. أنت دايما تحرقي أي مفاجأة أكون محضرهالك.

* تقصد إيه؟ يعني خلاص آن الأوان.

= بالظبط.. أنت دلوقت بقيتي سيدة مجتمع من طراز فريد... وكمان اتدربتي بما فيه الكفاية كممثلة... مش ناقص غير إنك تقفي قدام الكاميرا ونقول بارتيه وتدور الكاميرا ويخرج أول فيلم لأكبر نجمة في الشرق.

* معقول؟!... ده حلم بالنسبة لي يا أحمد.

= وأحمد دايما جاهز يقولك شبيكي لبيكي، أحلامك أوامر تتحقق وبين أيديكي.. امسكي يا ستي.. آدي عقدين.. الأول ده عقد لمدة خمس سنين.. هاعملك كل سنة فيلمين.. وكل فيلم خمس آلاف جنيه.. يعني خمسين ألف جنيه في الخمس سنين.

* خمس سنين بس... ليه مش عشرة؟

= ما تبقيش طماعة... بس المهم ما ترجعيش انت في كلامك.

* أنا اللي بارجوك أنك ما ترجعش في كلامك... ولو فيه عقد يربطني بيك طول العمر مستعدة أمضيه دلوقت.

= ها يحصل يا حبيبتي... وأنا دايما أد كلمتي... وعلشان تصدقي... ده العقد التاني بتاع أول فيلم... اسمه «رجل المستقبل» بطولة مطلقة وأنا البطل قدامك.

* إيه؟! بطولة مطلقة وقدامك.

= وآدي كمان شيك بألف جنيه عربون الفيلم.

* شيك بألف جنيه... وفيلم بطولة... أنا مش مصدقة نفسي!

= مع أحمد سالم لازم تصدقي أي حاجة.

لم تصدق كاميليا نفسها، فقد كانت على يقين بأنها تسير في طريق تحقيق أحلامها، غير أنها لم تكن تتوقع أن تكون بهذه السرعة، وبهذا الشكل الباهر، خرجت من مكتب أحمد سالم إلى بنك مصر، وفتحت فيه حسابا، وأودعت فيه مبلغ الألف جنيه التي حصلت عليها للتو، لتصبح لأول مرة من صاحبات الحسابات الجارية في البنوك، وتحصل على دفتر شيكات باسمها.

سقوط الدنجوان

ضحى أحمد سالم بما أنفقه على إعداد كاميليا وتجهيزها، وبمبلغ الألف جنيه الذي منحها إياه كمقدم أجرها في فيلم «رجل المستقبل» الذي لم يكن قد كتب بعد، بل ولديه استعداد لأن يضحي بأكثر من ذلك، ليس من أجل صناعة النجمة التي يزعم تقديمها للوسط السينمائي، بل من أجل الوصول إلى قلب كاميليا، غير أنه مثلما يعشق بسرعة، يمل بنفس السرعة، خاصة إذا لم يصل إلى الهدف الذي يخطط له سريعا، فضلا عن أنه لا يحب التقيد بعطر زهرة واحدة، فهو دائم التنقل من زهرة لأخرى، فلم يكن هدفهما واحدا، بل كل منهما يسعى إلى تحقيق أهدافه ولو على حساب الآخر، لذا كان لابد أن يسرع أحمد سالم بالارتباط بكاميليا، غير أنها كانت تحاول كل يوم أن تكسب مساحة أكبر في دنياها الجديدة، حتى مر أكثر من عام دون أن يحقق لها حلم الظهور على شاشة السينما، وأيقنت أن الحلم لن يتحقق ما لم يحقق أحمد سالم حلمه أولا بالارتباط بها، فقررت أن تحقق له حلمه أولا، لولا أن تدخل القدر في الوقت المناسب ليضع أحمد سالم أمامها في صورة لم تكن تتخيل أن تشاهد عليها هذا الدنجوان الرومانسي الرقيق، ما جعلها تهرع إلى والدتها تخبرها بالصورة التي رأته عليها:

= انت بتقولي إيه؟ أحمد سالم.. الفنان الرقيق الرومانسي ده!

* أيوا يا مامي زي ما بقولك.. حسيت إنه واحد تاني ما اعرفوش... مجرد أن عامل الاستديو فتح باب المكتب وفاهم أنه مش موجود.. اتحول لوحش كاسر.. فضل يضرب في الراجل لحد ما كان هايموت في إيده.. لولا الناس اللي في الاستديو اتدخلوا وانقذوه من إيده كان زمانه مات.

= ايوا بس العامل غلطان، إزاي يدخل المكتب من غير ما يستأذن ويسمح له بالدخول.

* أنا عارفة أنه غلطان... بس مش هو ده العقاب... وبعدين أنا اللي بافكر فيه إزاي ممكن أتصور ارتبط بواحد بالوحشية دي... وده خلاني أفتكر اللي عمله مع أسمهان الله يرحمها... والحكاية بتاعتهم اللي على كل لسان... وإنه لما اتخانق معاها هددها بالمسدس وكان هايقتلها.

= أيوا فعلا عندك حق... مش بعيد لو اتجوزتوا واتخانق معاكي ممكن يقتلك... لا أنا مش مستغنية عنك... الموضوع ده مش ممكن يتم.

شعرت كاميليا بالخوف والقلق على مستقبلها من وجودها إلى جوار أحمد سالم، فقررت أن تعتمد على نفسها في توسيع دائرة علاقاتها، وشجعتها والدتها على ذلك، فحرصت على أن توجد في أماكن سهراتهم وحفلاتهم بمفردها بعيدا عن سالم، فاندفع نحوها كبار الفنانين يحاولون التقرب منها، وفي مقدمتهم الفنان الكبير يوسف وهبي، والفنان أنور وجدي، والشاعر كامل الشناوي، وغيرهم، والمثير في الأمر أن كلا منهم ظن أنه استطاع أن يفوز بالصيد الثمين، غير أن أحدا منهم لم يستطع أن ينال منها شيئا، إلا أن الفنان يوسف وهبي اختار أقصر الطرق إليها، وعرض عليها ما لم تتوقعه:

* دا شرف كبير ليا يا يوسف بيه... وفرصة بتمناها بقالي سنتين دلوقت... بس...

= بس إيه؟.. هاقدمك باعتبارك الوجه الجديد نجمة المستقبل.

* أنا مش معترضة على أي حاجة، لا دور ولا فلوس ولا أي حاجة... المشكلة إني ماضية عقد مع أحمد سالم بفيلم اسمه «رجل المستقبل».

= مافيش مستقبل.. قصدي مافيش فيلم بالاسم ده.

* وكمان عقد لمدة خمس سنين بعشر أفلام، وماقدرش أعمل أي حاجة بعيد عنه.

= طول عمره شاطر أحمد سالم... مضاكي عقد احتكار علشان يضمن يحطك في قبضته... عموما وافقي انت ومالكيش دعوة بأحمد... أنا هانهي الموضوع ده معاه.

* وأنا موافقة.

بداية النجومية

استطاع يوسف وهبي بما له من تأثير قوي أن يقنع أحمد سالم بالتنازل عن حقوقه كمنتج في كاميليا، ويلغي تعاقداتها معه، مقابل أن يدفع له يوسف وهبي 3 آلاف جنيه، ألف جنيه دفعه لها كمقدم أجرها عن فيلم «رجل المستقبل» الذي لم يتم، و2000 جنيه أنفقها على تدريبها وتعليمها وملابسها، لتدخل كاميليا الاستديو بعد طول انتظار وتقف أمام الكاميرات تصوير دورها في فيلم «القناع الأحمر» في مارس 1947، من تأليف وإخراج يوسف وهبي، وأمام سراج منير وفاتن حمامة، وبشارة واكيم

وعبدالسلام النابلسي، وزوزو نبيل، وفردوس محمد.

وما إن عرض الفيلم في أكتوبر من العام نفسه، حتى كانت كاميليا حديث الصحف والمجلات، ما شجع صانع النجوم المخرج عزالدين ذوالفقار على أن يسند لها البطولة أمامه في فيلم «الكل يغني» قصة محمد مصطفى المنفلوطي، سيناريو وحوار عبدالعزيز سلام، تمثيل وإخراج عزالدين ذوالفقار، ومعهما نجاة علي، ووجه جديد أطلق عليها «نجاة الصغيرة»، نسبة إلى وجود نجاة علي الكبيرة، وهاجر حمدي، وإسماعيل ياسين، وأميرة أمير، لتنجح كاميليا بتفوق في خطوتها الثانية في السينما، وتبدأ مرحلة الانطلاق.

كان طموحها مخيفا، فبمجرد ظهورها على شاشة السينما، أصبحت مطلبا للمنتجين والمخرجين على حد سواء، وما كانت لتترك فرصة نحو النجومية إلا واستغلتها، وخلال أشهر قليلة أصبحت حديث المجتمع بأسره، وبات لها علاقات بالأثرياء منهم سيد اللوزي صاحب مصانع الحرير بالقاهرة، الذي فتح امامها أبواب الترف والبذخ، وفضلا عن الساسة من رجال القصر، حتى حدث ما كانت تخطط له وتحلم به، بأن تصل إلى رأس الدولة، الملك نفسه، فليس أقل من أن يعجب بها الملك، فهي ليست أقل ممن تسمع عنهن وإعجاب جلالته بهن، وما ينلن من عطاياه.

فما إن علمت بأنه سيسهر هذه الليلة في «كازينو حلمية بلاس» حتى رتبت أمرها وتهيأت لتكون على طاولة في المقدمة.

طموح العرش

وما إن أطفئت الأنوار للحظات، ثم أعيدت، حتى فوجئ الحضور بوجود جلالة الملك فاروق بينهم، فوقفوا يصفقون ويؤدون التحية، وعزفت الموسيقى واستكملت الراقصة رقصتها، ولم تمر لحظات حتى تركت كاميليا مائدتها وقامت لترقص وتغني أمام الراقصة، فانبهر بها الملك فاروق ولم يغادر الملهى حتى كانت رسالته قد وصلت إليها عبر بوللي:

= جلالة الملك يبدي شديد إعجابه بكاميليا هانم... وهايكون في غاية السعادة لو قبلتي دعوته الكريمة بكره على العشا في شاليه الأهرامات.

* بلغ جلالته سعادتي الكبيرة بالتقدير العظيم ده... وأني هايكون لي عظيم الشرف أن أقبل دعوته الكريمة.

كانت هذه هي زيارة كاميليا الأولى للاستراحة الخاصة بالملك فاروق، غير أنها لم تكن الأخيرة، حيث استطاعت خلال عدة زيارات أن تسيطر على عقل الملك وقلبه، كانت تتعامل ليس باعتبارها إحدى محظيات الملك، أو واحدة ممن يقضي معهن ليلة وينصرفن، فهي تدرك تماما ما يريده منها، وإذا ما ناله، فسيكون مصيرها مثلهن، ليلة وتنصرف، فتعاملت معه كما تعاملت شهرزاد مع الملك شهريار، فوقع فاروق في حبها، حتى أنه تبسط معها، أزال كل الحواجز التي يمكن أن تكون بين ملك وممثلة، راح يحكي لها همومه الإنسانية والعائلية والسياسية، وكانت تسمع بإصغاء شديد، وتبدي رأيها أحيانا، وكثيرا ما كان رأيها ينال إعجاب الملك، حتى شعر بأنه لا يستطيع الاستغناء عنها.

لم تكن أخبار كاميليا بعيدة عن أحمد سالم، مثلما عرف أخبارها كل أفراد المجتمع المخملي، من ساسة ورجال مال وأعمال، وفنانين، غير أن أحمد سالم عرف أنها مضت في طريق لا عودة منه، وإذا عادت فلن يكون في انتظارها، حتى وإن تألم بسبب ابتعادها عنه، وهو ما أكده لصديقه الفنان بشارة واكيم، الذي حاول أن يخفف عنه صدمته في حبه:

- دي يا حبيبي عاملة زي الغرقانة عايزة اللي يمدلها إيده وينتشلها.

= اللي عايزها يمدلها إيده.

- بلاش مكابرة انت عايزها وحبها مكلبش في قلبك.

= حتى لو زي ما بتقول مستحيل أمدلها إيدي تاني.

- بكرة نشوف لما ترجعلك وتجدد الحب اللي كان.

= صدقني يا بشارة حتى لو رجعت راكعة... مش ممكن أرجع لها تاني... لأني مابحبش العربيات المستعملة.  

النجمة الأولى... والسيدة الأولى

شعرت كاميليا بأنها أصبحت تقف على أرض صلبة، فقد باتت أقرب إلى النجمة الأولى في ما تقدم من أفلام بعد مرور عام فقط، بل ولا تستطيع أن توافق على كل ما يعرض عليها من أعمال لضيق الوقت، وعلى المستوى الإنساني أصبحت قاب قوسين أو أدني من الجلوس على عرش مصر، بعد أن طردت كل الرجال من حياتها، وتفرغت لغرام جلالة الملك، الذي قرر بشكل جدي أن يتزوجها، ليس لتجلس إلى جواره على عرش مصر، لكن لتكون زوجة الظل، التي يهرب إليها من همومه ومشكلات الدولة، حتى أنه كان في كثير من الأحيان يرتمي في أحضانها ويبكي على صدرها كطفل، ويحكي لها همومه ومشكلاته مع الملكة الأم «نازلي» وما تسببه له من متاعب، وهمومه مع زوجته فريدة التي طلقها، وحلمه بأن ينجب وريثا للعرش، غير أنه في ظل هذا لم ينس مع من يتحدث؟ وما الذي يريده منها تحديدا، وكان ذكاء كاميليا يستوعب ذلك جيدا، لذا كادت تطير فرحا عندما ألمح لها بإمكانية الارتباط بها، لكن بعيدا عن أعين كل المحيطين بهم، ليس من هم في البلاط الملكي والسياسيين فقط، بل بعيدا عن مصر بأكملها:

= تفتكري إيه أجمل مكان في الدنيا ممكن نعيش فيه أسعد أيامنا.

* مافيش أجمل من جزيرة قبرص.

= عفارم عليك.. خلاص هاشتريلك قصر هناك.. علشان نكون بعيد عن عيون الجواسيس.

* أيوا اللي بيعدوا علينا أنفاسنا.

طارت كاميليا من الفرحة، سبقت فاروق إلى قبرص، ولحق بها الملك في زيارة سرية غير رسمية إلى جزيرة قبرص باليخت الملكي «فخر البحار»، حتى أن الحكومة فوجئت بأن الملك سافر سرا، ولم يكن يعرف سوى عدد محدود من المقربين فقط، غير أن الأمر أصبح مشاعا، بعد أن طيرت وكالة «رويترز» خبرا حول الزيارة:

«شوهد جلالة ملك مصر والسودان فاروق الأول في قمة سعادته مع الممثلة الشابة كاميليا في جزيرة قبرص... كانا يتحدثان وينصت كل منهما إلى الآخر في اهتمام بالغ».

نشرت بعض الصحف المصرية نص الخبر، وساد التوتر البلاد، ووجدت الحكومة نفسها في حرج شديد، ووجد رئيس الوزراء إبراهيم عبدالهادي باشا، نفسه مضطرا للتهديد بتقديم استقالته، وخاصة أن رحى الحرب لاتزال تدور في فلسطين، فكان لابد أن يعود الملك فورا، وخصوصا بعد أن ألمحت بعض صحف المعارضة إلى أن الممثلة الحسناء صديقة الملك، تحوم حولها شبهات تشير إلى تورطها في صفقة الأسلحة الفاسدة، التي كانت سببا في هزيمة الجيش المصري في فلسطين.

كانت كاميليا مهيأة لانتشار الشائعات حولها، من خلال ترددها على جلسات الملك الخاصة، فضلا عن حرصها على حضور حفلات صفوة المجتمع، وإقامة علاقات اجتماعية وسياسية مع جهات عديدة في مصر، حتى اتهموها بأنها استغلت علاقتها بالملك فاروق، وتجسست على أخبار الجيش المصري لمصلحة إسرائيل، مدللين على ذلك بأنها يهودية الديانة، خاصة أن اسمها الحقيقي، «ليليان فيكتور ليفي كوهين»، وأنها لم تنس جذورها اليهودية للمساهمة في تحقيق حلم الوكالة اليهودية في إنشاء وطن لليهود في فلسطين، فقامت بمساعدته في تمرير صفقة الأسلحة الفاسدة، ما أدى إلى هزيمة الجيش المصري في حرب 1948، وهي الشائعة التي أطلقها اليهود أنفسهم، بالتعاون مع الإنجليز، بعدما تأكد عدم وفائها لهم أو تقديمها خدمات طلبوها منها، ظنا منهم أنها يهودية بالفعل بسبب اسمها، غير أن كاميليا دافعت عن نفسها وكشفت أمام الجميع، أن ديانتها وديانة والديها «المسيحية» وليست «اليهودية»، وحاولت إثبات ذلك عبر أوراق رسمية.

وخوفا من تورطه في هذا الأمر، اتخذ فاروق موقفا محايدا تجاه هذه القضية والاتهامات الموجهة إلى كاميليا، وانتظر ما ستسفر عنه الأحداث أمام الرأي العام، ما ترك أثرا سلبيا في نفس كاميليا، فقررت الانتقام من فاروق على طريقتها.

ورغم ما أثير حولها من شبهة التعاون مع الوكالة اليهودية، فإن ذلك لم يؤثر في نجومية كاميليا ووجودها على الساحة الفنية، خاصة بعد أن استطاعت أن تبرهن على صدق موقفها، حتى أنها قدمت ثمانية أفلام خلال عام 1949، حيث ظهرت كضيف شرف في فيلم «منديل الحلو» أمام تحية كاريوكا وعبدالعزيز محمود وإسماعيل ياسين، تأليف وإخراج عباس كامل، ثم «أرواح هائمة» مع أحمد علام ولولا صدقي وكمال حسين، تأليف وإخراج كمال بركات، و»الستات كده» مع محمد أمين ومحمود شكوكو، قصة وحوار عبدالفتاح حسن، سيناريو وإخراج حسن حلمي، و«شارع البهلوان» مع كمال الشناوي وحسن فايق وإسماعيل ياسين، قصة وحوار علي الزرقاني، سيناريو وإخراج صلاح أبوسيف، و»صاحبة الملاليم» مع محمد فوزي وشادية وإسماعيل ياسين، قصة وحوار يوسف جوهر، سيناريو وإخراج عزالدين ذوالفقار، و«نص الليل» مع كارم محمود وهدى شمس الدين وعزيز عثمان، قصة وحوار بديع خيري، سيناريو وإخراج حسين فوزي، ثم «القاتلة» مع فريد شوقي وكمال الشناوي وزوزو شكيب، تأليف وإخراج حسن رضا.

المنتجون والمخرجون تهافتوا عليها بمجرد ظهورها على الشاشة

لم تكن علاقة كاميليا بالملك فاروق سببا في إقبال المنتجين والمخرجين عليها، بل قدراتها كممثلة جميلة خفيفة الروح، لديها ما يطلق عليه «كاريزما النجومية» ما جعل المنتجين والمخرجين يتهافتون عليها بمجرد ظهورها على شاشة السينما، فقدمت خلال عام 1948 ثلاثة أفلام، قدمها فيها مخرجوها في أدوار البطولة، فقدمت فيلم «فتنة» عن قصة مصطفى أمين، سيناريو وحوار أحمد بدرخان، وتمثيل وإخراج محمود إسماعيل، مع يحيى شاهين وفاخر فاخر، وهدى شمس الدين، والمطربين كارم محمود وعبدالعزيز محمود، «خيال امرأة» تأليف وإخراج حسن رضا، مع كمال الشناوي وإسماعيل ياسين واستيفان روستي وزوزو شكيب، و«الروح والجسد» تأليف يوسف جوهر، وإخراج حلمي رفله، مع محمد فوزي وشادية وكمال الشناوي وإسماعيل ياسين.

(البقية الحلقة المقبلة)

back to top