فؤاد المهندس... أستاذ الكوميديا ومهندس الضحك (5)
الحب من أول {طلَّة}
يقولون {نظرة.. فابتسامة.. فحب...}، ولكن مع الأستاذ بدأت الحكاية بـ {نظرة، فغضب، فاحتجاج، ثم هدوء، فاقتراب، وتواصل، وتدفق بالمشاعر لا يمكن تجاهله أو مقاومته} و..> وأخيرا حب ظل خالداً مهما مرت الأيام تخطف في ذيلها الأشهر والسنين، كان دوماً يزداد عمقاً وحضوراً وإبهاراً لكل من عرفهم واقترب منهم...المؤكد أن {أنا وهو وهي} لم تكن عنواناً لإحدى مسرحيات الأستاذ، والتي كانت وستظل تحقق نجاحاً كلما عرضت على الشاشات، ولكن يمكن اعتبارها تلخيصاً أو اختزالاً دقيقاً لقصة الحب التي جمعت بين أشهر ثنائي فني، وأثمرت عشرات الأعمال المتميزة والتي احتلت مكانتها بذاكرة الفن ولا تزال بقلوب الجماهير حتى الآن.
كان المهندس سعيداً بترشيحه لبطولة العرض المسرحي {السكرتير الفني}، والذي أدَّت الصدفة القدرية دوراً ليفوز به، ولكنه من جانبه اعتبرها فرصة العمر التي يجب ألا تضيع، لذا استحضر {روح الريحاني} وتعليماته من واقع معايشته لتمرينات هذا العمل الذي قدمه الراحل قبل سنوات وحقق به نجاحاً كبيراً شجعهم على إعادته. المسرحية شارك في بطولتها كل من الفنان القدير عبد الوارث عسر، ونظيم شعراوي، جمال إسماعيل وصلاح السعدني الذي كان في بداياته والفنانة مديحة حمدي، كذلك شارك فيها الفنان عبد المنعم مدبولي ممثلاً إلى جانب عمله في الإخراج، أما نور الدمرداش فقد تولى مهمة إخراجها تلفزيونياً.وفي غرفته التي أحكم إغلاقها عليه، راح يعيد قراءة النص الذي كان يحفظه عن ظهر قلب، ويؤدي مشاهده ويتدرب عليها حتى ساعة متأخرة من الليل، ورغم الإرهاق، فإنه {لم ينم من الفرحة}، وفي الصباح توجه إلى المسرح قبل موعد البروفة بساعتين، فكان أول الواصلين من فريق العمل، حيث وقف على الخشبة يؤدي بعض المشاهد منفرداً.من أول نظرةوحينما وصل عبد المنعم مدبولي فوجئ بالمهندس يسبقه إلى البروفة، فشعر بحسن اختياره للمهندس خلفاً لعملاق المسرح السيد بدير. تيقن حينها من نجاح العرض، لقدرة المهندس على أداء الشخصية بشكل مذهل، وبرؤية مختلفة عن تلك التي قدمها بها الريحاني، أو التي اختار تقديمها السيد بدير.صفق مدبولي لصديقه بعد دخوله على المسرح عقب انتهائه من مشهد كان يؤديه منفرداً، قائلاً له:مدبولي: هايل يا فؤاد برافو عليك.فؤاد مذهولاً: أنت موجود من امتى؟مدبولي: من أول ما بدأت تمثل المشهد.فؤاد: وإيه رأيك؟مدبولي: هايل طبعاً.. واضح أنك مش هتتعبني في البروفات.وأثناء حوارهما، وصلت شويكار إلى المسرح قبل موعد البروفة بساعة تقريباً، تلاقت العيون في نظرات خاطفة يمكن اعتبارها {استكشافية} من جانبهما، فكلاهما لم يلتقيا سابقاً. صحيح أن فؤاد كان قد حقق قدراً من الشهرة جعلها تميز ملامحه، بينما كانت شويكار ما زالت وجهاً جديداً على الساحة الفنية.تبادلا التحية، وكعادته كان مهذباً في تعامله مع الجميع، وهو ما استشعرته أثناء البروفات. كان ودوداً، ملتزماً، يستأذن في إضافة تفصيلة، أو في {قفشة}، يتحدث معها وغيرها بمنتهى الرقي، يشيع في المكان مناخاً من خفة الظل. أما هي فكانت رقتها وجمالها لافتاً، هو شخصياً وصف بعد سنوات طلتها الأولى التي خطفت قلبه في هذا اليوم قائلا: {lady} تدخل القلب من أول طلة، حاجة كده لا تتوصف ولا تعرف تنساها ولا تقدر تتجاهلها.مرت البروفة في هدوء لتنصرف شويكار بعدها مباشرة، وهو ما تكرر في الأيام التالية، بروفات ثم تنصرف مباشرة، وخلالها لم يتبادلا أكثر من كلمات عابرة، وكلها تتعلق بملاحظات أي منهما في ما يخص العمل لتنصرف بعدها مباشرة، الأمر الذي لفت نظر فؤاد وربما مجمل العاملين بالعرض.يقول فؤاد المهندس عن تلك الفترة: {كانت شويكار فتاة جميلة، ورشيقة وهادئة جداً، وفي حالها دائماً، ما اعتبره البعض غموضا، فأي منا لم يكن يعلم ما إذا كانت متزوجة أم آنسة، إذ إنها وبمجرد انتهائها من البروفات أو عملها بالعرض المسرحي كانت تغادر إلى منزلها مباشرة. باختصار، لم تسمح لأحد بأن يتقرب منها، وهو ما زاد من اهتمامي بها لكونها تشبهني في هذه الصفة، فأنا أيضاً كنت أغادر المسرح إلى منزلي فور انتهائي من العمل، فلم تكن لديَّ شلة فنية بعينها أحرص على مصاحبتها في جلسات سمر بعيداً عن العمل. صحيح كانت علاقتي بالجميع ودودة، ولكني في النهاية كائن منزلي جداً}.البدايةبعد أيام من البروفات المكثفة، تم افتتاح العرض رسمياً، ومنذ الأيام الأولى حقق نجاحاً كبيراً، وكان مثار حديث الصحافة الفنية التي أثنت على العرض وأبطاله بالأخص الصاعد بقوة فؤاد المهندس، والنجمة الجديدة شويكار بتوقيع المبدع عبد المنعم مدبولي، ومن جانبه كان فؤاد سعيداً بالنجاح منقطع النظير، محققاً بذلك حلماً تأخر طويلاً ولطالما انتظره.أما علاقته بـ {الهانم} شويكار، كما دأب على مناداتها، فقد ازدادت حميمية في إطار من الاحترام المتبادل بحكم البروفات والعمل اليومي، ولكن بقي كل منهما يتعامل مع الآخر بحذر وبخطوات محسوبة. من جانبه، بالكاد عرف أنها متزوجة ولديها طفلة صغيرة لم تبلغ خمس سنوات اسمها {منة الله}. أما هي فعرفت أنه منفصل عن أم ولديه محمد وأحمد منذ فترة قصيرة، وهو ما تعجبت منه لحديثه الدائم عن عائلته ومتابعته شؤونها بشكل يومي، كذلك حرص على اصطحاب ولديه ووالدتهما لمشاهدة العرض في أحد الأيام، ورأته كيف يعاملها بمنتهى الرقي والتحضر، ما يتناقض والصورة التقليدية عن الأزواج المنفصلين.بعد نجاح {السكرتير الفني}، قررت إدارة الفرقة إسناد بطولة العرض التالي إلى أبطال العرض الأول نفسهم، أو على الأقل معظمهم، استثماراً لما حققوه من نجاح، وللتقارب الإنساني الذي حدث بينهم، وفي مقدمهم الأستاذ فؤاد المهندس، والصاعدة بقوة شويكار، ما قد يضمن نجاحاً مؤكداً، خصوصاً وهم مؤهلون للنجاح، لما يمتلكونه من موهبة، وقدرة على تجسيد أية شخصية.بعد شهر تقريباً من انتهاء عرض {السكرتير الفني}، بدأ مدبولي بروفات مسرحية {أنا وهو وهي}، وبالطبع سعد المهندس بترشيحه لبطولة العرض الجديد، وسعادته كانت أكبر، لأن البطلة أمامه كانت شويكار التي كانت شريكته في النجاح، وساهمت بقدر كبير في تحقيقه.وفي الأيام الأولى من البروفات فوجئ فؤاد بشويكار وقد تبدلت تماماً، لم تعد {الهانم} الرقيقة والتي لا تفارق البسمة وجهها، ولكن بات الحزن يعصف بملامحها، والابتسامة خاصمتها مهما كان {الإفيه} صارخاً. لم يفهم فؤاد سر التغيير الرهيب، وبطبعه لم يسأل احتراماً للخصوصية رغم حيرته، وما ترتب على ذلك من تأثير سلبي على العمل، وقبل أن يفيق فؤاد من حيرته، إذا بها تتغيب عن البروفات عدة أيام، وعلم من مدبولي بأن لديها ظروفاً تمنعها من الحضور، ومن ثم تم إرجاء البروفات لمدة أسبوع.وحينما استأنفت البروفات، عادت شويكار وكانت في قمة توترها. صحيح حاولت إخفاء ذلك بابتسامة مصطنعة، إلا أنها لم تتمالك نفسها، وظهر توترها وعصبيتها بشكل ملحوظ، أما تركيزها في عملها فكان {صفراً}. ومره أخرى التزم فؤاد الصمت، ولم يحاول التطفل لمعرفة السبب، خصوصاً أنها كانت تتجنب الحوار الخاص مع الجميع، وفي مقدمهم مخرج العرض عبد المنعم مدبولي، والذي تعجب فؤاد كثيراً على صمته تجاه ما يحدث. وعلى عكس طبيعته، فقد كان، رحمه الله، حازماً في عمله لا يقبل مثل هذه التجاوزات التي قد تصل إلى حد استغنائه عن أي ممثل غير ملتزم مهما كانت مكانته بالفرقة.يوما تلو الآخر ازدادت حالتها سوءاً، فإما تحضر متأخرة على غير عادتها أو لا تحضر من الأساس. لم تكن الشخصية التي عرفها فؤاد المهندس، وهو ما لاحظه الجميع، حتى كان يوماً تلعثمت شويكار وهي تؤدي دورها أكثر من مرة، فما كان من فؤاد والذي كان مندمجاً إلا وانفجر غاضباً فيها، خرج عن شعوره على المسرح، وارتفع صوته بصورة لافتة، ما أحرج شويكار أمام الجميع، فانسحبت في هدوء وأسرعت بالتوجه إلى غرفتها.تكهرب {الجو} وإذا بمدبولي يكشف للجميع سر تغيرها، وحالة الحزن والتوتر وعدم الالتزام التي أصابتها على غير عادتها خلال هذه الفترة، وحجم معاناتها بسبب مرض زوجها المفاجئ، ما أصابها بحالة نفسية شديدة السوء بسبب قلقها عليه. كشف لهم مدبولي أنها رغبت في الاعتذار عن العمل بسبب ظروفها تلك، لكنها في النهاية رضخت لرغبته طلبت منه إخفاء الأمر حتى لا تقلق فريق العمل، وتحملهم ما لا طاقة به، ومن جانبه احترم خصوصيتها.ألقى مدبولي قنبلته، فأسقط في يد الجميع، وفي مقدمهم فؤاد الذي شعر بكم رهيب من الإحراج، وأنه كان سخيفاً معها، ولكن عذره أنه لم يكن يعلم بظروفها، وعلى الفور توجه فؤاد إلى غرفتها وطرق الباب:فؤاد: ممكن أدخل يا هانم؟شويكار: أتفضل.فؤاد: أنا مش عارف أقولك إيه والله... أنا بأعتذر لك على سوء تصرفي معاك، وأرجوك تسامحيني. أنا محقوق لك والله.شويكار:لا أبداً حصل خير. فؤاد: لا إزاي.. أنا مستعد لأي ترضية تقوليها. بس عذري أني مكنتش أعرف ظروفك، بس حتى ده برضه مش مبرر.واصلت شوكار الصمت، كانت تجاهد ألا تسقط دموعها، فأشاحت وجهها بعيدا، ولكن غلبتها دموعها وفرت من دون إرادتها.فانهار فؤاد، قائلاً: لالا.. أرجوك يا هانم أنا مقدرش أستحمل أشوف دموعك وأكون سبب فيها... أرجوك أنا محقوق لك، ومستعد لأي ترضية... أنا حأجمع الفريق واعتذر لك قدامهم وأبوس على راسك كمان.وهمَّ فؤاد بالخروج مسرعاً من غرفتها لينفذ ما قاله لها، إلا أنه استوقفته قائلة:أرجوك يا أستاذ فؤاد متكبرش الموضوع وحصل خير زي ما قلت لك، أنت مكنتش غلطان واللي عملته من حقك، لأنك كنت مندمج ومالكش دعوة بظروفي، بس والله أنا حاولت أعتذر عن العرض، لكن الأستاذ مدبولي أتمسك بي وأصر أني أكمل.فؤاد: عنده حق طبعاً، لأنه مفيش حد غيرك يصلح للدور. عموماً، قومي روحي دلوقت وما تشيليش هم، وأنا ح أفهم مدبولي أنك مجهدة، ولازم تروحي، بس طمنيني على حالة جوزك.شويكار: والله يا أستاذ الحالة مش ولا بد، أهو الدكاترة خرجوه من المستشفى، قالوا لي مالهاش لازمة القعدة، ويتعالج في البيت أحسن، وأهو الممرض معاه، ووالدتي كمان، وأنا بخلص وبروح على طول.فؤاد: ربنا يطمنك عليه وألف سلامة.شكرته شويكار، وانصرفت من المسرح بعدما استأذنت من مدبولي الذي سمح لها، وأجل البروفة لليوم التالي.، لكن شويكار لم تحضر في الأيام التالية، وعلم الجميع أن حالة زوجها ساءت كثيراً ما استلزم منها أن تكون إلى جواره، الأمر الذي اضطر مدبولي إلى أن يؤجل البروفات حتى تتضح الأمور.وما هي إلا أيام حتى علموا بخبر وفاة زوجها، فأصيب الجميع بالحزن وذهبوا لمواساتها في محنتها، وكانت أول مرة يدخلون بيتها، وتكررت الزيارة من مدبولي وفؤاد لشويكار قبل أن تستأنف العمل.أثناء زيارات فؤاد لشويكار تعرف إلى أسرتها، والدها ووالدتها، وابنتها التي تعلقت به، وتعلق بها منذ اللحظة الأولى، فمن جانبه كان يعشق الأطفال، ويجيد التعامل معهم بصورة مذهلة، لذا كانت تركض إليه بمجرد رؤيته، وكان يغدق عليها بالهدايا والحلوى التي تحبها:شويكار: ده كتير قوي والله يا أستاذ، أنا بشكرك والله على ذوقك وجدعنتك.فؤاد: على إيه بس أنت شدي حيلك، ويالا تعالي نورينا قريب. إيه هو المسرح ما وحشكيش؟شويكار: لا طبعاً وحشني جداً جداً، بإذن الله بكره حاجي، أنا بلغت الأستاذ مدبولي، وهو قالي حيبلغك.فؤاد: تمام يا هانم أشوفك بكره على خير.وانصرف فؤاد، وفي طريق العودة إلى منزله لم تغب صورتها عن باله. كان قلقاً عليها وفي داخله رغبة شديدة كي يعود إليها مجدداً، لم يفهم سر هذا الشعور الذي اقتحمه فجأة، لم يفهم، أو لعله فضل ألا يفهم، وما هي إلا لحظات حسم خلالها جدله الداخلي، وقرر اعتبار الأمر برمته حالة من التعاطف الإنساني مع زميلة أو ربما صديقة عزيزة.وانتظر فؤاد اليوم التالي على أحر من الجمر، كان يعد الساعات والدقائق حتى الموعد المنتظر، وبالفعل وكعادته كان أول الحضور للمسرح، وقبل ساعتين من الموعد المحدد، كان يفكر في كيفية استقبالها، وهل من المناسب إعداد احتفال صغير للترحيب بها بعد عودتها، وبينما كان منهمكاً في التفكير وصل الجميع تباعاً في ما عدا بطلة العرض، ومرت الدقائق ثقيلة حتى قطع الصمت والهمهمات مخرج العرض قائلا:إحنا مضطرين نلغي البروفة معلش.وواصل قائلاً: لازم كلنا نروح حالاً نساند زميلتنا شويكار... البقاء لله والدتها أتوفت النهارده الصبح، وهي اتصلت بي، واعتذرت عن الحضور.ذهل الجميع وباتوا يضربون كفاً بكف، فالأرملة الحسناء لم تكد تفيق من صدمة حزنها على زوجها إلا وصدمت مجدداً برحيل أمها، ومن جانبه كان فؤاد أكثرهم ذهولاً وحزناً عليها، وإدراكاً لحجم معاناتها، وكيفية مجابهة كل هذه الظروف دفعة واحدة.وفي لحظات تجمعوا وذهبوا لمساندة زميلتهم، التي كانت في قمة انهيارها، فصدمة رحيل والدتها أقرب البشر إلى قلبها كانت شديدة، إضافة إلى أنها فتحت مجدداً بوابة الأحزان على رحيل زوجها.في الأيام التالية، حرص فؤاد على زيارة شويكار لمواساتها بين الحين والآخر، وفي المرات التي تحرج من زيارتها كان يطمئن عليها هاتفياً، وأحياناً أكثر من مرة في اليوم. كان مهموماً بها ومتعاطفاً معها إلى أقصى حد، ما دفع مدبولي إلى مصارحته يوماً.مدبولي: هو في إيه يا فؤاد؟ مش شايف أن اهتمامك بشويكار كتير شوية.فؤاد: أبدا... عادي... أصلها بس صعبانة عليَّ، الست رقيقة واللي حصل يهد أي حد، جوزها وأمها... كتير عليها.مدبولي: أيوة يا فؤاد كلنا عزيناها، ووقفنا معاها، أنت بقى مزودها حبتين، أنا بس حبيت ألفت نظرك.لم يكن فؤاد بحاجة لمن يلفت نظره بالطبع، كان على وعي وإدراك بانجذابه نحو الأرملة الحسناء، ولكنه كان دوما يسكت أي صوت داخلي يحذره أو ينبه، وكان دوما يرجع هذا الانجذاب لكونه مجرد تعاطف إنساني ليس أكثر.ومجدداً حسم جدله الداخلي.. {هو تعاطف إنساني يا ناس مش أكثر}.شويكار ولدت شويكار من أب تركي وأم شركسية، في 4 مايو 1935. سبقتها إلى الفن شقيقتها شاهيناز التي لم تحقق نجاحاً كشويكار، ومن ثم اعتزلت قبل أن تبدأ، وكأن القدر أوكل لها مهمة تعريف شويكار بطريق النجومية.دخلت شويكار الفن في مرحلة انتقالية سواء على مستوى السينما أو المسرح، حيث رياح التغيير ألقت بظلالها، ففي الأولى لم تعد «الميلودراما الزاعقة» هي الأكثر رواجاً كما في أفلام فاتن حمامة وغيرها، بل أكثر ميلاً إلى الدراما الاجتماعية، كذلك في المسرح، خصوصاً مع بدايه فرق مسرح التلفزيون والتي أفرت الكثير من المواهب الفنية.المؤكد أن «سيدتي الجميلة»، أو شويكار، كانت بداياتها الفنية بعيداً عن الكوميديا وبالأخص في السينما، حينما قدمها المنتج جمال الليثي لأول مرة من خلال فيلم «حبي الوحيد» لتشارك كمال الشناوي وعمر الشريف ونادية لطفي بطولة الفيلم. ورغم أن عملها التالي كان «السكرتير الفني» مع زوجها لاحقا الفنان فؤاد المهندس، اندرج تحت مسمى الكوميديا، فإنها واصلت خطواتها السينمائية بعيداً عن اللون الذي تفردت به لاحقاً، فقدمت مجموعه من الأفلام منها: {النشال، المجانين في نعيم، الباب المفتوح}. حتى الأفلام التي اتسمت بالكوميديا مثل عروس النيل والزوجة 13 لم تكشف عن موهبتها الكوميدية.اعتبر النقاد شويكار أول «فيديت» كوميديانة تكسر احتكار الرجل للبطولات الكوميدية. صحيح سبقتها أسماء تفردت في هذا المجال مثل ماري منيب، زينات صدقي وغيرهن، إلا أن شويكار ظلت الأنثى الجميلة القادرة على إطلاق الضحكات على المسرح أو من خلال السينما أو حتى في الإذاعة والتلفزيون، سواء عبر «الإفيه» أو الموقف الكوميدي، وبعيداً عن المواصفات الشكلية الخاصة بترهل الجسم أو العاهات.شكلت مع فؤاد المهندس ثنائياً ناجحاً، وقدمت عشرات الأعمال الفنية (26 فيلماً) ليتفوقا بذلك على كل الثنائيات الفنية سواء من سبقوهم لشريط السينما أو من جاؤوا بعدهم) إضافة إلى كثير من المسرحيات التي كانت ولا تزال محفورة في الأذهان مثل «حواء الساعة 12» و «سيدتي الجميلة»، «أنا وهو وهي»، و{أنا وهو وسمو» و... حتى على مستوى الإذاعة كانا من الطقوس الرمضانية، حيث قدما من خلالها «كلاسيكيات الإذاعة الرمضانية، والتي أجبرت منتجي السينما لتحويلها لأفلام بعد نجاحها المدوي.