أصدرت المحكمة العليا الأميركية قراراً الجمعة بتشريع زواج مثليي الجنس في كل أنحاء البلاد في خطوة تاريخية لاقت ترحيباً من جمعيات المثليين ووصفها الرئيس الأميركي باراك أوباما بـ"النصر".

Ad

وأثار القرار ترحيباً بين الحشد أمام مقر السلطة القضائية الأعلى في الولايات المتحدة، وانتشرت رايات المثليين في أماكن عدة من البلاد كما جرى تعديل الصورة الرسمية لحسابات البيت الأبيض على فيسبوك وتويتر لتحمل ألوان قوس القزح التي يتخذها المثليون رمزاً لهم، وأدت جوقة من المنشدين المثليين نشيداً وطنياً جديداً يتناول حرية الزواج للجميع.

وسارع الرئيس الأميركي إلى الترحيب بالقرار الذي اعتبر أنه "خطوة كبيرة في مسيرتنا نحو المساواة".

وقال أوباما في كلمة ألقاها أمام  البيت الأبيض "انه نصر لأميركا"، وتوجه بالتهنئة إلى كل الذين "أمضوا سنوات وحتى عقود في العمل والصلاة من أجل حصول التغيير".

كذلك انضم نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى مجموعة المهنئين معرباً عن "اعتزازه الشديد" بالقرار.

ورحب الاتحاد الأميركي للدفاع عن الحريات، وهو منظمة نافذة في البلاد، بالقرار معتبراً أن "التاريخ قد كتب وأنتم جزء منه"، وأضاف "هذه اللحظة طال انتظارها لعقود، إنه يوم تاريخي بالنسبة للحرية ولأميركا".

وعند هبوط الظلام، تمت إضاءة الجهة الشمالية من البيت الأبيض بألوان قوس القزح على مرأى من عشرات المارة.

وبعد عامين على اصدار المحكمة العليا قرار يعتبر أن الزواج ليس حكراً على شخصين من جنسين مختلفين، اعتبرت أن الولايات الـ 14 (من أصل 50) التي لا تزال ترفض مثل هذا الزواج، عليها السماح بمراسم الزواج والاعتراف به في حال تم في مكان آخر.

وكتب القاضي انطوني كينيدي متحدثاً باسم غالبية أعضاء المحكمة العليا إنه وباسم المساواة بين الجميع أمام القانون "ينص التعديل رقم 14 بأن تبرم كل ولاية عقود الزواج بين شخصين مثليي الجنس".

وأكدت المحكمة العليا "إن حق الزواج أساسي"، وذلك بعد تسلمها طعوناً من ستة عشر مثلياً جنسياً متحدرين من أربع ولايات تمنع زواج المثليين هي ميشيغن وكنتاكي واوهايو وتينيسي.

ولفت القاضي كينيدي إلى أن "القرارات المتعلقة بالزواج هي من الأكثر حميمية بالنسبة لأي فرد، وهذا الأمر ينطبق على جميع الأشخاص أياً كانت ميولهم الجنسية".

وفي الذكرى السنوية لقراريها السابقين لصالح المثليين (في 26 يونيو 2003 و2013)، جددت المحكمة العليا الأميركية التأكيد على أن الأزواج المثليين يتمتعون بالحقوق نفسها للأزواج المغايرين جنسياً على صعيد "اقامة اتحاد حميم" بين شخصين، كما اعتبرت أن الولايات التي تمنع زواج المثليين "تلحق الضرر وتسبب الاهانة لأطفال الازواج المثليين".

وعلقت ابريل ديبوير إحدى المتقدمات بالطعون للمحكمة العليا على القرار قائلة "نحن مسرورون ليس فقط لعائلتنا بل أيضاً لمئات آلاف العائلات في هذا البلد".

وفي موقف أدى دوراً حاسماً في إصدار هذا القرار، ضم قاض محافظ معروف بدفاعه عن المثليين صوته إلى أصوات القضاة الأربعة التقدميين في المحكمة العليا لافساح المجال أمام مثليي الجنس بالزواج في كل انحاء الولايات المتحدة.

إلا أن رئيس المحكمة العليا جون روبرتس عارض هذا القرار وكذلك القضاة الثلاثة المحافظين الآخرين.

واعتبر القضاة المعارضون للقرار أن "هذه المحكمة ليست هيئة تشريعية"، كما أن "اعتبار زواج المثليين فكرة صائبة يجب ألا يكون شأننا" بل هو مناط بالقانون، وفق تعبير القاضي روبرتس.

أما القاضي المحافظ انتونين سكاليا المعروف بميله لاستخدام العبارات المجازية، فقد وصف القرار بأنه "انقلاب قضائي يسرق حق الشعب في حكم نفسه بنفسه".

كذلك رأت منظمة "فاميلي ريسرتش كاونسل" أن "أي محكمة لا يحق لها مخالفة قانون الطبيعة"، واصفة تشريع المحكمة العليا الأميركية زواج المثليين على المستوى الوطني بأنه "تجاوز للسلطات".

من ناحيته انتقد مجمع الأساقفة الكاثوليك الأميركيين ما اعتبره "خطأ مأسوياً" ارتكبته المحكمة العليا التي "تمس بالحس السليم وبالأشخاص الأقل منعة من بيننا خصوصاً الأطفال"، وتعهد المجمع بمواصلة اتباع التعاليم الكنسية التي تنص على أن الزواج "اتحاد بين رجل وامرأة".

وقال وزير العدل في ولاية تكساس كن باكستون في معرض اعتراضه على قرار المحكمة العليا الأميركية "لن تغير أي محكمة أو قانون أو قاعدة أو كلمة الحقيقة البسيطة بأن الزواج اتحاد بين رجل وامرأة"، ملوحاً بعزمه مقاومة تنفيذ هذا القرار.

غير أن وزيرة العدل الأميركية لوريتا لينش أشارت إلى أن "الصعوبات القانونية لا تزال أمامنا وهذه المسيرة يجب أن تتواصل"، مضيفة أن "هذه القضية ستستمر حتى ينال جميع الأميركيين المساواة في الحقوق التي يستحقونها بصرف النظر عن ميولهم الجنسية".